TODAY - March 05, 2011
الانتكاسات السياسية تضعف الرئيس اليمني ولا تسقطه
صالح يتمسك بالسلطة حتى نهاية ولايته في 2013
صنعاء_ايلاف
أعلن رسمًيا اليوم عن رفض الرئيس اليمني علي عبد الله صالح للخطة التي قدمتها أحزاب اللقاء المشترك المعارض بتنحيه عن السلطة سلميًا في نهاية العام الجاري.
وعزا مصدر مسؤول في مكتب رئيس الجمهورية في تصريح له سبب رفض الخطة المكونة من خمس نقاط، التي قدمت من قبل أحزاب اللقاء المشترك عبر عدد من الوسطاء من أعضاء التجمع اليمني للاصلاح الى "اكتناف نقاطها الغموض والالتباس".
واكد المصدر رفضه لنقطة تسليم الرئيس صالح نهاية العام الجاري، الا انه شدد على التزام صالح "بانتقال سلمي وسلس للسلطة بالاستناد الى ما التزم به الرئيس بخصوص عدم التمديد وعدم التوريث وعدم ترشيح نفسه في الانتخابات المقبلة في 2013".
واعتبر المصدر أن الدستور هو مرجعية الجميع حاكمًا ومحكومًا وأن أي محاولة للخروج عن الدستور "أمر لا يمكن القبول به لما ينطوي عليه ذلك من مجازفة خطيرة تهدد أمن وسلامة الوطن وتمثل تدميرًا لعمل المؤسسات الدستورية وتجاوزًا لارادة الشعب".
وأشار الى ان "الانتقال السلمي والسلس للسلطة لا يتم عبر الفوضى، وانما عبر الاحتكام لارادة الشعب المعبّر عنها من خلال الانتخابات، ليختار من يريد حاكمًا له بعيدًا عن أي أعمال عنف أو شغب أو تدمير للمكتسبات الوطنية التي حققها شعبنا".
الى ذلك يرى محللون ان الانتكاسات السياسية المتلاحقة التي يواجهها الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، تعزز موقف الحركة الاحتجاجية المطالبة باسقاط نظامه، رغم ان هزيمة الرجل الذي يحكم البلاد منذ 32 عاما لا تبدو قريبة.
ويقول الباحث المتخصص في شؤون اليمن في معهد كارنيغي للسلام الدولي كريستوفر بوتشيك لوكالة فرانس برس "من الواضح جدا ان الوضع في البلاد بالنسبة الى الرئيس علي عبد الله صالح، لا يسير كما يجب".
لكنه يعتبر مع ذلك انه "من السابق لاوانه القول ان صالح لن يستمر في موقعه او ان النظام لن يصمد".
ويواجه الرئيس اليمني حركة احتجاجية متصاعدة تطالب باسقاط نظامه، بدات في كانون الثاني/يناير وتكثفت منذ منتصف شباط/فبراير.
كان صالح الذي يحكم البلاد منذ العام 1978، اكد انه لن يتنازل عن الحكم قبل انتهاء ولايته الحالية في 2013، رغم الانتكاسات السياسية الاخيرة.
وتعم التظاهرات البلاد من جنوبها الى شمالها حيث يتمركز المتمردون الحوثيون الشيعة الذين اعلنوا في 21 شباط/فبراير انتقالهم الى صفوف المحتجين، مطالبين برحيل الرئيس اليمني.
وبعد يومين فقط من ذلك، اعلن نائب ينتمي الى حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم انه تقدم مع سبعة نواب آخرين ينتمون الى الحزب الحاكم ايضا باستقالتهم من البرلمان احتجاجا على قمع المتظاهرين وسقوط قتلى. وقد سبقهم الى ذلك نائبان آخران.
وفي 26 شباط/فبراير اعلن شيوخ في قبيلتي حاشد وبكيل النافذتين تخليهم عن صالح وتاييدهم مطالب المحتجين، علما ان صالح نفسه ينتمي الى احد فروع قبيلة حاشد.
وانضم رئيس هيئة علماء اليمن عبد المجيد الزنداني الثلاثاء الى المتظاهرين واصفا الاحتجاجات بانها "جهاد في سبيل الله" وحث المعتصمين امام جامعة صنعاء على استمرار الاعتصام حتى تتحقق المطالب.
وقال في كلمة امام المعتصمين ان التظاهرات المستمرة في اليمن وكذلك في باقي العالم العربي "ينبغي اعطاؤها براءة اختراع لانها اكتسبت وسيلة جديدة وفعالة وسريعة غير مدمرة في تغيير الأنظمة، وقد بحثنا عن هذه الطريقة منذ خمسين عاما".
وفي اليوم التالي دعا الرجل الثاني في قيادة الحراك اليمني الجنوبي عبد الله حسن الناخبي مناصري الحراك الى الالتحام بالتظاهرات مقدما بذلك، مرحليا على الاقل، مطلب اسقاط النظام على "فك الارتباط" مع الشمال.
ولعل اسوأ ما يواجهه الرئيس اليمني هو الزخم العربي حيال مطلب التغيير الذي اكتسب اندفاعه القوي بعد الانتفاضتين الشعبيتين في تونس ومصر اللتين الهمتا شعوبا اخرى حتى تثور على انظمتها، وبينها الشعب الليبي.
وترى الخبيرة في شؤون اليمن في معهد شاتهام هاوس جيني هيل ان "الشارع يضخ زخما جديدا في السياسة اليمنية تدفع العديد من اللاعبين الاساسيين الى اعادة تقييم تحالفاتهم".
ويقول نائب مدير معهد بروكينغز في الدوحة ابراهيم شرقية ان الامور تسير في عكس تيار صالح، موضحا ان "تغييرا جديا في موازين القوى حدث خلال الايام القليلة الماضية نتيجة انضمام قادة في القبائل" الى الاحتجاجات.
وهو يعتبر ان صالح "خسر قوة اساسية على الصعيد القبلي الذي يشكل جبهة مهمة في المواجهة التي يخوضها ضد المتظاهرين"، مشيرا الى ان "دعم الزنداني للتظاهرات امر في غاية الاهمية".
ومع ذلك، يشدد شرقية على ان صالح "لم يخسر كل شيء" ولا يزال "يسيطر على بعض المؤسسات القوية مثل الجيش".
بدوره يؤكد بوتشيك اهمية الجيش اليمني حيث يتولى افراد من عائلة صالح مناصب رئيسية، معتبرا ان "الجيش والاستخبارات يمثلان مفتاح الامور، نظرا لسيطرة العائلة عليهما".
لكنه يرى ايضا ان الدعم الدولي لصالح سيشكل عاملا اساسيا في تحديد مصيره.
ويقول انه "خلافا لتونس ومصر وليبيا، يتمتع اليمن بدعم المجتمع الدولي والولايات المتحدة والسعودية وغيرها من الدول المعنية".
ويشير تحديدا الى بواعث القلق على الصعيد الدولي من تنظيم القاعدة وفرعه في اليمن، كمبرر لدعم صالح.
كما ان "حقيقة ان لا احد يدرك ما الذي قد يحدث بعد صالح، يشكل مصدر قلق كبير يدفع الناس الى التمسك به"، بحسب شرقية.
من جهتها، ترى هيل ان "هناك شعورا متعاظما بان الاضطرابات في اليمن تسير نحو مرحلة متقدمة"، في وقت تضع الادارة الاميركية "كل بيضها في سلة واحدة مع ذهاب المساعدات العسكرية الى وحدات النخبة الامنية والاستخباراتية التي يقودها نجل صالح واقرباؤه".
وتشدد هيل على انه "اذا فقد صالح السيطرة، فان هذا الامر سيؤثر مباشرة على العمليات التي تقودها الولايات المتحدة في اليمن بحجة مكافحة الارهاب".