في مقال لطيف قرأته لكاتب عربي تحت عنوان (لن ازور اليابان). كتب انه كان في زيارة لليابان لإلقاء محاضرة، وأثناء استقلاله لأسرع قطار في العالم المسمى بقطار الطلقة الذي تشبه سرعته سرعة طلقة الرصاص، ما بين طوكيو والعاصمة القديمة كيوتو. وقفت على رصيف القطار بصحبة صديقي الياباني حيث كانت تذكرتهما تشير إلى أن مقعديهما سيكونان في العربة الخضراء (وللعلم اليابانيون يطلقون الألوان على درجات القطار، فلا يقولون عربة الدرجة الأولى أو الثانية أو الثالثة وإنما العربة الخضراء والحمراء والصفراء) أشار إليه مرافقه الياباني أن يقف في المكان المخصص على الرصيف لباب العربة الخضراء. وفي الموعد المحدد بالضبط وصل القطار، وجاء باب العربة الخضراء في المكان المحدد له مع فارق بضعة سنتيمترات من حيث يقف صاحبنا.
فقال صاحبنا العربي مداعباً صديقه الياباني وفي نفسه حرقة على فارق التقدم بين اليابان وعالمنا العربي، لا سيما ان صديقه الياباني لم يزر بلادنا العربية (النامية ) من قبل فقال له: كيف يقف القطار بعيداً بضع سنتيمترات وليس أمامي تماماً، كيف يُسمح بتلك الفوضى؟
لم يكن يتوقع أن الشاب الياباني لم يفهم تلك الدعابة فقد كست وجهه الحمرة خجلاً، واخذ يتأسف لما حدث مؤكداً أن هذا لا يحدث إلا نادراً، ووعد بأنه سيخطر المسئولين حتى لا يتكرر ذلك ثانية. في الرحلة التي دامت اقل من ثلاث ساعات ظل يجيء ويروح للتحدث مع العاملين الذين جاؤوا واحداً وراء الآخر ليعتذروا لصاحبنا عما حدث، وحين وصلا الى كيوتو، وجد مدير المحطة ينتظره بنفسه على الرصيف ليقدم له هو الآخر اعتذاره عما حدث في محطة طوكيو ومؤكداً أن ذلك لن يحدث ثانية. واختتم كاتبنا هذا الموقف تأكيده: لصديقه الياباني إنها مزحة والذي بدا متعجباً وفغر فاه في دهشة قائلاً لماذا؟
فأجابه: لأن تلك مسألة عادية جداً بمقاييسنا وهي يمكن أن تحدث في أي مكان! فقال له صديقه الياباني ولكنها لا تحدث في اليابان .
لعلي هنا اتوقف وأتساءل بعد هذا الموقف اللطيف هل الاعتذار لابتعاد البوابة بضعة سنتيمترات أمر مشروع أم مبالغ فيه.
قد يكون في عالمنا العربي هذا الأمر ضرباً من الخيال، ولكن ما هي الحدود المنطقية لكي يعتذر المسئول، وقبل الاعتذار أترانا نستطيع معاتبة أحد المسئولين، وقبل ذلك كله هل المسئول يخطئ أصلاً؟
نرجو من مسئولينا في البلاد العربية والإسلامية أن يسافروا لليابان ليتعلموا ثقافة فن الاعتذار اليابان !
لماذا المسئول هناك يعتذر إن اخطأ ولماذا يستقيل إن اخفق وماذا يا ترى يصنع الياباني لو كان الأمر أكبر من ذلك.. إنه يقتل نفسه!
المصدر:
* إيمان زكي - السعودية
البيان الإماراتية
** ما رأيكم ؟؟؟