انتحاري مقهى “كلاسيكو” بكركوك يطالب ضحاياه بمسامحته قبل تفجير نفسه
انتحاري شاب يقف مكبراً “الله أكبر” ثلاث مرات بين جمع من الشباب كانوا في مقهى (كلاسيكو) في الضاحية الجنوبية لمحافظة كركوك يلعبون لعبة المحيبس الشعبية، ويطلب من الحاضرين أن “يسامحوه” ثم يفجر نفسه ليحيلهم على أشلاء متناثرة.
هذا المشهد المتكرر، الذي حدث مساء أمس الجمعة (12 تموز 2013)، تسبب بإغلاق جميع المقاهي في كركوك تحسباً لاستهداف أخر قد يطال تجمعات المواطنين في شهر رمضان المبارك، وفيما دان مجلس المحافظة التفجير وطالب الأجهزة الأمنية بعدم التهاون مع المخططات الإرهابية الرامية إلى زعزعة الامن وبث الرعب في نفوس المواطنين، أعتبره عدد من ابناء المحافظة “كارثة” بحق الإنسانية وجريمة يندى لها جبين أي مسلم.
وكانت العاصمة بغداد ومحافظات شهدت سلسلة من الهجمات المسلحة بالعبوات الناسفة والسيارات المفخخة استهدفت مقاه شعبية خلال الأشهر الماضية راح ضحيتها العشرات من القتلى والجرح.
يذكر أن مصدر في شرطة كركوك أفاد، أمس الجمعة (12 تموز 2013)، بأن 30 مدنيا قتلوا وأصيب 30 آخرون في تفجير استهدف مقهى شعبي في منطقة واحد حزيران جنوبي المحافظة، فيما أعلنت قائممقامية قضاء المقدادية في محافظة ديالى، في (الأول من حزيران 2013)، عن مقتل وإصابة 12 شخصا بانفجار عبوة ناسفة استهدفت مقهى شعبي شرق القضاء، فيما قتل، في (27 حزيران 2013)، خمسة أشخاص وأصيب 11 آخرون بتفجير داخل مقهى شعبي في منطقة الدورة جنوب بغداد.
يطلب المسامحة قبل التفجير
ويقول أحد الناجين من التفجير الانتحاري ويدعى خالد أحمد، والذي أصيب بجروح في قدمه ويده، في حديث لـ”السومرية نيوز”، إن “المقهى يرتاده الشباب، وأطلق عليه اسم كلاسيكو لان الشباب يشاهدون فيه مباريات الدوري الاسباني وخاصة مباراة برشلونة وريال مدريد”، مبيناً أننا “خلال شهر رمضان المبارك وبعد الإفطار نذهب لأداء الصلاة في الجامع وبعد الانتهاء نتجمع في المقهى لنعلب لعبة المحيبس الشعبية، حيث شكل شباب الحي فريقين يتنافسان فيما بينهما”.
ويضيف أحمد أنه “في الساعة العاشرة من مساء يوم أمس الجمعة كنت احد الحاضرين في المقهى، ولكني كنت اجلس في الصف الأخير من المقهى الذي هو عبارة عن دكانين كبيرين، وبعد عدة جولات من لعبة المحيبس قام شاب من بين الحاضرين كان يلعب معنا وصاح بصوت عال سامحوني وتلاها بثلاث تكبيرات ثم فجر نفسه بيننا”، مشيراً إلى أن “قوة عصف التفجير جعلت الشباب الذين يجلسون أمامي ساتراً لي من الشظايا و(الصجم) الذي تطاير في كل مكان”، لافتاً إلى أنه لم يرى بعدها “إلا هالة من النيران والدخان الأسود وكأن الدنيا قد قامت”.
من جانبه، يقول أحد الناجين من تفجير مقهى كلاسيكو ويدعى عمار حسين في حديث لـه إن “الشباب الذين استشهدوا أمس هم مسلمون وغالبيتهم كانوا قد انهوا صيامهم وجاءوا لقضاء بعض الوقت في المقهى لممارسة لعبة المحيبس الرمضانية، حيث نجتمع من جميع أحياء كركوك وفينا العربي والكردي والتركماني لا يفرقنا شيء بل يجمعنا الإسلام والمحبة”، معتبراً أن “ما حدث كارثة بحق الإنسانية وجريمة يندى لها جبين أي مسلم”.
ويضيف حسين أنني “حضرت للمقهى مع أربعة من أصدقائي الذين استشهدوا جميعهم وتحولوا إلى أشلاء تطايرت في مكان الحادث”، مشيراً إلى أن “المقهى تحول إلى مجزرة، حيث تناثرت رأس هنا ويد هناك والأعضاء البشرية لا يُعرف من أصحابها تم جمعها في قطع الأقمشة التي أعدت للعبة المحيبس”.
ويتابع حسين أن “من بين الضحايا أربعة أشقاء بينهم طالب كان يستعد لاستلام نتائج الامتحانات الصف السادس العلمي، ولكن الانتحاري حسم نتيجته بتشييعه مع أشقاءه اليوم”، معتبرا ً أن “ما يحدث في كركوك هو صراع سياسي إقليمي يدفع العراقيين ثمنه”.
ويقول أحد الناجين من التفجير ويدعى جتين محمد في حديث لـه إن “التفجير الانتحاري هو الأعنف حيث حول المقهى إلى بركة من الدماء ومنظر لا يقبل به أي دين أو رسالة سماوية”، مشيراً إلى أن “الأهالي شيعوا، اليوم، الشهداء غالبيتهم من الشباب بشكل منفصل لكل عائلة خوفا من تكرار الاستهداف من قبل المجاميع الإرهابية لمراسيم التشييع”.
تفجير الكلاسيكو يغلق مقاهي كركوك
يذكر أن الأجهزة الأمنية في عموم المحافظات أصدرت، في شهر آيار الماضي، تعليمات مشددة لأصحاب المقاهي الشعبية في ضرورة تفتيش الزبائن ومراقبة الأجواء الداخلية والخارجية والإبلاغ عن كل من شأنه تعكير صفو الأمن والاستقرار.
واتخذت الأجهزة الأمنية في محافظة كركوك قراراً بغلق جميع المقاهي الشعبية بعد حادث تفجير
مقهى (كلاسيكو) كإجراء احترازي من استهداف مقاهي أخرى في المحافظة خلال شهر رمضان لأنها تشهد تجمع للمواطنين بعد الإفطار. يقول احد أصحاب المقاهي في كركوك ويدعى كوران غريب أن “الأجهزة الأمنية بلغت جميع أصحاب المقاهي بإغلاق المقاهي إلى إشعاراً آخر تحسباً لاستهداف أخر يطال تجمعات المواطنين في شهر رمضان”، معرباً عن استغرابه من “الإسلام الجديد الذي تتخذه الجماعات المسلحة أو الفتوى التي يستندون عليها بقتل الشباب المسلمين الأبرياء في شهر رمضان من دون وجه حق”.
الحكومة المحلية تدين التفجير وتطالب بإجراءات رادعة
بدوره، دان مجلس محافظة كركوك التفجير مقهى كلاسيكو في بيان صدر، اليوم، إن “العصابات الإرهابية الإجرامية تقدم على جريمة شنعاء أخرى بحق أبناء مدينتنا العزيزة في جريمة ترفضها كافة الأديان السماوية في أيام شهر رمضان الفضيل باستهداف المواطنين المدنين العزل”، مشيراً إلى أن “الضحايا كانوا يمارسون التقاليد الرمضانية الشعبية في إحدى المقاهي”.
ويضيف المجلس أن “مثل هذه العمليات الجبانة التي تدل على بطلان وزيف ادعاءات هذه القوى الجبانة التي تتستر تحت مسميات دينية شتى والتي أثبتت للعالم اجمع أن هدفها الأساسي هو إثارة الفوضى وخلق الفتن بين مكونات هذا الشعب وإزهاق أرواح المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم القومية و المذهبية”، مطالباً الأجهزة الأمنية بـ”زيادة الحيطة والحذر وعدم التهاون مع المخططات الإرهابية الرامية إلى زعزعة امن واستقرار المحافظة وبث الرعب في نفوس المواطنين لاسيما خلال هذا الشهر الفضيل”.
ويشير المجلس إلى أن “استهداف دور العبادة ومجالس العزاء والملاعب والأماكن العامة، إلا دليل على مدى حقد هذه العصابات الإجرامية بحق أبناء الشعب العراقي”.