في قديمِ الزمانِ عاشَ رجلٌ عجوزٌ من بلادِ الصينِ في بيتٍ صغيرٍ قرب النهر ِ، وطوال عمره اقتاتَ من مهنةِ الصّيد، قبيل موتِه تركَ لولديه: "داي" الأكبر و"تام" الأصغر، بعض النقود وشبكة صيدٍ رثة، وبعد رحيلهِ أخذ "داي" النقودَ وتركَ لأخيه الصغير شبكةَ الصيدِ، تحسّنتْ أحوالُ داي بعدَ عملِه في التجارةِ مِن َالنقودِ التي ورثَها عن أبيهِ، أما تام المسكين فعانى من العوز والفقر، فشبكتُهُ القديمةُ تصطادُ سمكاً يكادُ يكفيهِ.
تحسّر "تام" وأصبح الحزن طابعاً على وجههِ، وفي ليلة مقمّرة جلس تام عند ضفة النهر وأخذ يجترُّ أحزانه، قاطع هواجسهُ رجل عجوز ذو لحيةٍ بيضاء وبيده جرّة، كان يرنو من بعيد، دنا العجوز من" تام" وناوله الجرّةَ ثمَّ قالَ له:خذ هذه الجرّة التي تصنع الملح ستغدق عليك وعلى أهل قريتك بالخير، وعندما تريد أن تصنع الملح منها قل لها" اصنعي ملحاً من فضلكِ" وإن أردتَ إيقافها قلْ لها " شكراً لكِ يكفي".
شكر "تام" العجوز وانصرف إلى القرية، طلب "تام" من الجرة ملحاً كما أملى العجوز عليهِ، فصنعتِ الجرةُ ملحاً غفيرا ، باع "تام" الملحَ إلى أهل القرية بسعر زهيدٍ فتحسنَتْ أحواله وأحبّه الناس وأمسى شخصاً غنياً.
تسرّب الحسد إلى نفس "داي"، فراقب أخاه وهو يحضر الملحَ خلسةً وسمع ما يمليه "تام" على الجرة فحفظه.
وفي ليلةٍ عمياءَ غابَ عن بساطِ السماءِ قمرٌ، سرق "داي" جرّةَ أخيهِ وقرّر السفر بعيداً كي لا ينكشف أمره، جهز مركباً ليأخذه إلى بلاد بعيدة عبر النهر.
اعتلى الزورق وأخذ معه الجرّة وابتعد عن الشاطئ ، فأمر الجرّة " أيتها الجرة اصنعي ملحاً من فضلك".
وفي الحال غدا الملح يخرج من الجرّةِ دفعاتٍ كبيرة و الغبطة تملأ جنانهُ فهو تارةً يغني وأخرى يرقص، لكنَّ سعادته لم تدمْ فقد امتلأ متنُ الزورقِ بالملح ولم يستطع إيقاف الجرّة عن العملِ، فهوى المركبُ وغرق في النهر، و "داي" يصرخ: "ليتني ما سرقتُ جرة أخي الصغير" صرخ مراراً وما من سامعٍ ..