بعد أن كانت الأخبار الأمنية والسياسية والإقتصادية تتصدر قائمة اهتمامات العراقيين ، باتت النشرات الجوية التي تنشرها وسائل الاعلام الشغل الشاغل لهم ، سيما بعد أن بدأت اغلب وسائل الإعلام تبث تنبؤات جوية /مرعبة/ تحمل في طياتها أمطارا حرم منها العراق في السنوات القليلة الماضية ، وغالبية من لمسوا هذا الرعب هم من ساكني المناطق التي تعاني ضعفا في الخدمات ورداءة في شبكات المجاري على وجه الخصوص .
فبعد أن أمطرت طيلة الساعات الأربع وعشرين الماضية ، ورغم انشغال الكثيرين بوضع السدود المتكونة من الطين والحجارة أمام أبواب منازلهم المنخفضة ، أو إزاحة الماء عن سطوح منازلهم بـ /الماسحات/ وقلوبهم يعتصرها الندم بسبب تكاسلهم عن إكساء السطح قبل موسم الشتاء ، إلا أن موجة الأمطار الكثيفة أو ما عرف مؤخرا بـ /إعصار جاسمية/ بات موضوعا مثيرا يتندر به العراقيون عبر شبكات التواصل الاجتماعي /فيسبوك/ و/تويتر/ ، كما بدأوا يتسابقون في التقاط الصور التي تظهر فيها شوارع غارقة بمياه الأمطار ليضعونها على صفحاتهم في الفيسبوك ، ولعلهم اختاروا لموجة الأمطار هذا الاسم تشبيها لها بإعصار /ساندي/ الذي اجتاح عددا من الولايات في أمريكا مؤخرا ، وهم في ذلك لايختلفون عن أشقائهم في الأردن الذين اجتاحتهم مؤخرا موجة أمطار اصطلحوا عليها بإسم /إعصار فتحية/ ، فقد بات كل بلد عربي يغني على ليلاه في /شتاء الشعوب العربية .
شوهدت شوارع قد أغلقتها مياه الامطار بشكل كامل في عدد من أحياء منطقة بغداد الجديدة مساء أمس ، منها أحياء الخليج والغدير وبعض الأزقة في المشتل ، في حين أكد عدد من الاهالي في منطقة الـ/ألف دار/ المنخفظة نسبيا أن الماء تسلل الى بيوتهم ، مما اضطرهم الى تشكيل ما وصفوه بـ /فرق إنقاذ/ من أبناء الحي لإخراج الماء من البيوت ووضع الحواجز الصغيرة أمام الأبواب .
أما مدينة الصدر ، فقد تورادت الأنباء عن اغلاق عدد من قطاعاتها بمياه الأمطار بسبب عدم قدرة شبكات تصريف المياه على التعامل مع مثل هكذا كميات من مياه المطر ، ولم يختلف الحال كثيرا عن أحياء الكمالية والعبيدي والشعب والأعظمية وأور والبنوك.
وبخلاف موجة الأمطار الأخيرة التي حدثت قبل شهر تقريبا في 24 /11/ 2012 والتي سقط خلالها عدد من الضحايا بين قتيل وجريح جراء انهيار منزلين في محافظتي ذي قار والأنبار /من ببينهم 4 أطفال/ ، لم تشهد موجة الأمطار الحالية حتى لحظة كتابة هذا التقرير سقوط ضحايا ، باستثناء اصابة شخصين بجروح مساء امس بانقلاب سيارة نتيجة هطول امطار غزيرة وانعدام الرؤية بالقرب من الطريق الدولي السريع شرقي الفلوجة ، بالاضافة الى اصابة /5/ أشخاص بجروح اثر انهيار منزلين جنوب الحلة .
إذ قال مصدر امني للوكالة الوطنية العراقية للانباء/نينا/ ان سيارة مدنية نوع سوناتا انقلبت بسبب الامطار الغزيرة وانعدام الرؤية بجانب احد الطرق المؤدية الى الطريق السريع مما ادى الى اصابة اثنين من ركابها بجروح خطيرة .
في حين أصيب خمسة اشخاص بانهيار منزلين في احدى مناطق الصفرة التابعة لناحية القاسم 60 كم جنوب الحلة بسبب الامطار الغزيرة التي هطلت على محافظة بابل إذ قال مصدر في الدفاع المدني للوكالة الوطنية العراقية للانباء/نينا/:” ان الامطار الغزيرة تسببت بانهيار منزلين في احدى القرى بمنطقة الصفرة مما تسبب باصابة خمسة اشخاص بينهم ثلاثة اطفال.
ولم يتوقف الأمر في محافظة بابل عند هذا الحد ، إذ تسببت الامطار الغزيرة بانقطاع الطرق الداخلية بين مناطق الحلة المختلفة وانهيار عدد من شبكات المجاري ما ادى الى تعرض عدد من المناطق السكنية الى الغرق.
وقال مصدر في المحافظة للوكالة الوطنية العراقية للانباء /نينا/ ان الامطار الغزيرة تسببت بطفح المجاري وانهيارها لبعض شبكاتها ما ادى الى غرق المنازل وخاصة في مناطق القاضية والاكرمين والحي العسكري.
وأضاف ان المحافظ محمد المسعودي استنفر الجهد الالي والهندسي في بلديات الحلة لسحب المياه من الشوارع والعمل على فتح المجاري وشبكات الصرف الصحي لضمان انسيابية الامطار الى خارج المناطق السكنية .
أما في محافظة واسط فلم يكن الوضع أفضل ، إذ تسببت مشاريع الاعمار في وسط مدينة الكوت بإعاقة اعمال تصريف مياه الامطار الغزيرة التي شهدتها المحافظة أمس الاول.
فقد شهدت الشوارع الرئيسية والفرعية في المناطق السكنية تجمعا لمياه الامطار بالرغم من قيام مديرية توزيع كهرباء المحافظة بالعمل على توفير التيار الكهربائي لمحطات ضخ المجاري في المدينة .
وقال مختار منطقة الهورة وسط الكوت حسين كريم خفيف للوكالة الوطنية العراقية للانباء/نينا/ ان:” مشاريع الاعمار المتمثلة بشبكات المجاري وتبليط الشوارع المتلكئة ساهمت في صعوبة تصريف مياه الامطار بعد ازالة المجاري القديمة وعدم انجاز معظم الشبكات الجديدة “.
من جانبه اشار مدير مجاري واسط مشعان عودة الى ان :” المديرية استنفرت جميع كوادرها والياتها بعد توزيعها على جميع المناطق لسحب مياه الامطار بواسطة الاليات الحوضية “.
ومن جهتها حذرت مديرية بيئة محافظة ميسان المواطنين من استخدام الهاتف النقال اثناء الزوابع الرعدية المصاحبة للأمطار في المناطق المكشوفة.
وذكر مدير بيئة المحافظة سمير عبود السامرائي للوكالة الوطنية العراقية للانباء /نينا/ ان استخدام الهاتف النقال في المناطق المكشوفة اثناء حدوث الزوابع الرعدية الناجمة عن الامطار سيؤدي الى تفريغ الشحنات الكهربائية الرعدية في الذبذبات التي تصدرها الهواتف النقالة “.
واضاف :” ان استخدام الهاتف النقال اثناء حدوث الزوبعة في المناطق المكشوفة سيلحق ضررا كبيرا بمستخدميه ما قد يؤدي الى احتراقهم”.
وجاءت موجة الأمطار لتغطي بأخبارها على أخبار الأزمة السياسية الحالية ، باعتبارها قضية تتعلق بشكل مباشر بحياة المواطنين اليومية ، بخلاف الأخبار السياسية التي يمكن للبعض ان يتجاهلها ويمارس نشاطه اليومي بشكل طبيعي في منأى عنها .
وإذا كانت أمانة بغداد قد وصفت موجة الأمطار السابقة التي حدثت في 24 من تشرين الثاني الماضي بأنها /الأعنف منذ 10 أعوام/ ، فلعل موجة الأمطار الحالية تفوقها عنفاً ، إذ اضطرت الأمانة العامة لمجلس الوزراء الى اعلان امس الاربعاء عطلة رسمية ، كما سبقتها في ذلك عدد من الحكومات المحلية في الوسط والجنوب كديالى والأنبار والقادسية وبابل وكربلاء وغيرها ، بسبب الأمطار التي توقعت هيئة الأنواء الجوية استمرارها حتى الساعات الاولى من صباح امس ، وهذا الحال يستدعي إعادة النظر في شبكات تصريف المياه التي باتت قديمة نسبياً وغير مؤهلة لمواجهة التغيرات المناخية الطارئة .
منقول عن جريدة البيان
رد مع اقتباس
