عبرة لكل ظالم
ذكر الشيخ محمود المصري في كتابه لا تحزن وابتسم للحياة هذه القصة:
حكاية صياد السمك
يروى أن صيادا يصطاد السمك ، ويقوت منه أطفاله وزوجته ، خرج يوما للصيد ، فوقع في شبكته سمكة كبيرة ففرح بها ، ثم أخذها ومضى إلى السوق ليبيعها ، ويصرف ثمنها في مصالح عياله.
فلقيه بعض الظلمة من أعوان السلطان فرأى السمكة معه ، فأراد أخذها منه ، فمنعه الصياد ، فرفع الظالم خشبة كانت بيده ، فضرب بها رأس الصياد ضربة موجعة، وأخذ السمكة منه غصبا بلا ثمن.
فدعا الصياد عليه فقال:
إلهي ! جعلتني ضعيفا، وجعلته قويا عنيفا ، فخذ لي بحقي منه عاجلا ، فقد ظلمني ولا صبر لي إلى الآخرة.
ثم إن ذلك الغاصب الظالم انطلق بالسمكة إلى منزله ، وسلمها إلى زوجته ، وأمرها أن تشويها ، فلما أخذتها أفلتت السمكة من يديها ، وفتحت فاها ، ونكزته في إصبع يده نكزة طار بها عقله.
فقام وشكا إلى الطبيب ألما في يده ، فلما رآها قال له: إن دواؤها أن تقطع الإصبع ، لئلا يسري الألم إلى بقية الكف .
فقطع إصبعه، فانتقل الألم والوجع إلى الكف واليد ، وازداد تألما ، وارتعدت من الخوف فرائصه. فقال له الطبيب : ينبغي أن تقطع اليد إلى المعصم لئلا يسري الألم إلى الساعد فقطعها. فانتقل الألم إلى الساعد.
فما زال هكذا كلما قطع عضوا انتقل الألم إلى العضو الآخر الذي يليه،
حتى خرج هائما على وجهه، مستغيثا إلى ربه ليكشف عنه ما نزل به.
فرأى شجرة فقصدها، فأخذه النوم عندها فنام ، فرأى في منامه قائلا يقول : يامسكين ! إلى كم تقطع أعضاؤك؟ امض إلى خصمك الذي ظلمته فارضه ، فانتبه من النوم ، وفكر في أمره ، فعلم أن الذي أصابه من جهة الصياد، فدخل المدينة ، وسأل عن الصياد ، وأتى إليه ، ووقع بين يديه يتمرغ على رجليه، وطلب منه الإقالة مما جناه ، ودفع إليه شيئا من ماله، وتاب من فعله ، فرضي عنه الصياد وعفا عنه ، فسكن في الحال ألمه ، وانتهت في التو محنته ، والجزاء من جنس العمل ..