السنَّةُ الثابتة عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه كان يؤخِّر وجبةَ السحور إلى آخر الليل قبيلَ صلاة الفجر ما يعادل نصف ساعة تقريباً. وكان يؤكِّد على ذلك بشدَّة، حيث قال: (فصلُ ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السَّحَر). وقال: (لا تزال أمَّتي بخير ما عجَّلوا الفطرَ وأخَّروا السحور).
وفائدةُ وجبة السحور واضحةٌ, فهي تزوِّد من الطعام والشراب لرحلة الصيام اليومية, وهي بذلك وفي هذا التوقيت تفيد في منع حدوث الإجهاد والصداع وتخفيف الشعور بالعطش, كما أنَّها تساعد على أداء صلاة الفجر في وقتها, فيجتمع فيها خيرُ الدنيا والآخرة.
ولهذا كان صلَّى الله عليه وسلم يقول: (تسحَّروا فإنَّ في السحور بركة)، وكان يسمِّي السحورَ "الغذاءَ المبارك". وقال: (إنَّ السحورَ بركة أعطاكموها الله, فلا تدعوها!).
هذا، ومن أفضل وجبات السحور التمرُ والخضروات والفواكه, لاحتوائها على الألياف، فهي بذلك تبقى فتراتٍ أطول, وفي الحديث: (نِعمَ السحور التمر).
لكن يجب الانتباه لئلا نكثر في السحور من الأغذية المالحة كالمخلَّلات والجبن, والحلويَّات المركَّزة كالكنافة والبقلاوة، لأنَّها تسبِّب العطش في أثناء النهار.
ولو أنَّ المرءَ قدمَ السحورَ فجعله في الليل قبلَ أن ينامَ كما يصنع بعضُ الناس هذه الأيَّام, فإنَّه قد يفيد في سدِّ جَوعَةِ اليوم الماضي, لكن ليس لصيام النهار القادم.كما أنَّه يضيع على نفسه بركةَ السحور, وفضيلة الثلث الأخير من الليل, وربَّما فاتته صلاةُ الفجر للأسف الشديد, فيضيع بذلك صلاةَ الفجر المشهودة, ويحرم نفسَه الخيرَ الكبير.