كان عليه الصلاة والسلام يفطر على تمراتٍ قبل أن يصلي، فإن لم تكن تمراتٍ حسا حسواتٍ من الماء .
أيها الأخوة الكرام, حديثٌ دقيقٌ جداً يقول عليه الصلاة والسلام:((إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمرٍ فإنه بركة، فإن لم يجد تمراً فليفطر على الماء، فإنه طهور))فالتمر الذي يتناوله الصائم مع الماء فيه خمسٌ وسبعون بالمئة من جزئه المأكول مواد سكرية أُحادية، سهلة الهضم، سريعة التمثُّل إلى درجة أن السكر في هذا التمر ينتقل من الفم إلى الدم في أقل من عشر دقائق، وفي هذا الحال يتنبّه مركز الإحساس بالشِبَع في الجُمْلَة العصبية, فيشعر الصائم بالاكتفاء، فإذا أقبل على الطعام بعد تناول التمرات وصلاة المَغرب، أقبل عليه باعتدالٍ وكأنه في أيام الفِطر، بينما المواد الدَسِمَة يستهلك امتصاصها أكثر من ثلاث ساعات, فمهما أكثر الصائم من الطعام الدسم لا يشعُر بالشِبَع، ولكن يشعر بالامتلاء، وفرقٌ كبير بين أن تشعر بالشِبَع وطعامٌ قليلٌ في معدتك، وبين أن تشعر بالامتلاء وقد غصَّت المعدة بما فيها من طعامٍ وشراب .
أيها الأخوة الكرام, الشعور بالشِبَع أساسه تنبُّه مركز في الجُملة العَصَبية، وبما أن سكر التمر من أبسط سكاكر الفواكه، فهو ينتقل مِنَ الفم إلى الدم في عشر دقائق، فأنت إن أكلت تمراتٍ ثلاث، وقمت إلى صلاة المغرب، وصل سكر التمر إلى مركز الشِبَع، فتأكل أكلاً معتدلاً, أما إذا أقبلت على المواد الدَسِمَة لا تشْبَع إلا أن تشعر بامتلاء المعدة فقط، قد تقول: لا أستطيع أن آكل, عندئذٍ تكفُّ عن الطعام، هذه حكمة ربنا جل جلاله في هذه المادة التي جعلها الله خيراً عميماً .