حرف الرّوي الأستاذ جواد دوش
حرف الرّوي
قلنا في البحث الماضي في {{ علم القافية في الشعر العربي }} عن الرّوي : وهو الحرف الذي بنيت عليه القصيدة وتنسب إليه فيقال : " سينية " و " دالية " وهكذا : ولا يكون هذا الحرف حرف مدَ ولا هاء .
حروف الهجاء بالنسبة لجواز عدّها رويَّاً أو امتناع ذلك ثلاثة أقسام : أ ــ الأول ما يصح أن يكون رويّاً وهو هذه الأحرف :
الألف الأصلية التي هي جزء من الكلمة وتسمى المقصورة كألف ذا ومتى ومضى وعصى وحبلى " 1 " .
2 ــ الياء الأصلية الساكنه المكسور ما قبلها كياء القاضي وينقضي ويرتضي ، ويلحق بها ياء النسب المخفّفة مثل : مصري وهندي ، وعلى إعتبار هذه الياء روياً قول الشاعر :
نَـروحُ ونَـغْدو لحاجاتنَـا وحَـاجـاتُ مـن عاش لا تـَنْقضِي
تَـموتُ مـع المَرْء حـاجاتـُه وتبْـقى له حـاجـةُ ما بـَقِـي
3 ــ الواو الأصلية الساكنة المضموم ما قبلها كواو يدعو ويصفو " 2 "
4 ــ الهاء الأصلية المنتحرَك ما قبلها نحو : النَقه والشَبه فإن سـكَن ما قبل الهاء أصلية كانت أم زائدة لم إلاّ روياً كقوله :
قِسْ بالتجـارب أعقـابَ الأمور كما تقيسُ بالـنَّعْل نـعْلاً حين تـحْذُوها
أمْـوالُـنا لذَوِي الميراث نجمعُها ودُورُنا لخَـرابِ المْـوتِ نَـبنيهَا
5 ــ تاء التأنيث ساكنة ومتحرَكة مثل : قامت وعمتي وخالتي " 3 "
6 ــ كاف الخطاب مثل يحبك ، ولكن الأحسن عـدم عدَ هذه الكاف حرف روي بل يلتزم قبلها حرف مثل قول الشاعر :
إنَّ أخـاك الحقَّ مَنْ كانَ مَـعكْ و مَنْ يـضُـرَّ نفْسَـهُ ليـنْـفَعـكْ
و مَنْ إذا رَيْـبُ الزَّمانِ صَدَعَكْ شتـَّـتَ فيكَ نفسَهُ ليَـجمـعَكْ
7 ــ الميم إذا سبقتها الهاء أو الكاف ، والأحسن أيضاً في هذه ألا تعد حرف روي بل يلتزم قبلها حرف يكون هو الروي مثال ذلك : لـبَّيـْكـمَا لبَّـيْكُـمَـا هَـأنَـذا لـدَيْـكُـمــا
فهذه الأحرف السبعة بشروطها التي ذكرناها يصحّ إعتبارها روياً فتبنى عليها القصيدة ، ومن ذلك القصائد المقصورة مثل مقصورة ابن دريد ومنها : منْ ظَـلم الناسَ تحاشَوْا ظُلمَه وعَـزَّ فيهـمْ جانبَاهُ وأحْـتمى
و َهمْ لِـمـنْ لانَ لهُـمْ جانبُـه أظْلـمُ منْ حيَّـاتِ أنْـباثِ السَّـفا
والنَّـاس كلاّ إنْ بحثْتَ عَنهـمو جميعَ أقْطارِ البلادِ والقرى
عَـبيد ذِي المـالِ وإنْ لَمْ يطْْمَعوا مِنْ عمـرِه في جَرْعةٍ تَشْـفي الصََّدَا
فأنت ترى أن الشاعر عدَّ الألف حرف روي بدليل أنه لم يلتزم حرفاً قبلها يوحده ويجعله الروي ، ولو فعل الشاعر ذلك لكان أوقع في السمع ، وأليق بالجرس ، ولكن لا بأس بهذا التسهيل في القافية ما دام قد ورد عن العرب .
ب ــ ما لا يصح أن يكون روياً وهو :
1 ــ الألف والواو والياء والهاء في غير الحالات السابقة " 4 "
2 ــ التنوين { بأنواعه } ونون التوكيد الخفيفة . فهذه كلها لا يصح اعتبارها حرف روي ، بل يجب التزام حرف قبلها يجعل روياً مثل قول الراجز رؤية :
و قَـائِـم الأعماقِ خاوِي المُـخْـترقْ
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــ
الهوامش : " ! " مثال ذلك قول القروي في قيصدة بعنوان { إبتهال } :
سبحانك اللهم سبحانك اللهمَ يا ربَ اللُهـا والـنهى
عمَ لك التسبيح يا ربَنا فكل ما في الكون طير شدا
يا قابل التَّوب ويا غافر الذنب ومؤتي عبده ما اشتهى
من جنّة الخلد التي أزلفت لكلّ من عمّا نهيت إنتهى
فقد صحَّ مجيء الألف روياً في هذه القصيدة لأنها أصلية في { النهى ، وشدا ، واشتهى ، و انتهى .... } .
" 2 " مثال ذلك قول القروي :
رأيت الشَّباب يحبّ الضجيج إذا ما أحب الشيوخ الهُـدُوَ
وليس الربيع وليد اعتدالِ الفصول ولكن وليد الغُلُوَ
فهبّوا إلى المجـد إنَّ الخمول ركود القوى والطموح النمُـوَ
فـإنّ العدى درجـات العلى صعـدت عليها عَـدُوّا عَدُوَ
" 3 " مثال ذلك قول قول الأعشى :
فـدى لبـني ذهل بن شيبان ناقتي وراكبها يوم اللقاء وقلَتِ
هم ضربوا بالحِـنـوِ حنو قراقر مقدّمة الهامرز حتّى تولَتِ
" 4 " رأى العروضيون أن بعض الأحرف لا يصحَ أن تأتي رويَّا في بعض حالات التركيب والزيادة . وبناء عليه فإن حروف الوصل كلها لا يصحَ أن تكون رويَّا لأنها زوائد دخلت على القوافي بعد تمامها . وحرف الرَّوي عند ذاك هو ما قبل حرف الوصل إن كان ساكناً .