تخيل لو امتلكت يوماً القدرة على صنع فجوة في الزمن لتخفي فيها أي حدث لا يعجبك كأن لم يكن!..
هذا ما فعله العلماء في جامعة كورنيل بالفعل من خلال ابتكار جهاز يقوم بإخفاء “البيانات” عبر صناعة فجوة زمنية. لكن كيف فعلوا ذلك؟ من خلال تعديل الطريقة التي تسير بها موجات الضوء داخل قنوات الاتصال.
يبدو الأمر معقداً بعض الشيء لذا لتسهيل الفكرة لنفترض أن الضوء هو سيارات متتابعة على طريق سريع، تخيل معي لو قامت السيارات في المقدمة بزيادة سرعتها وقامت السيارات في المؤخرة بإبطاء سرعتها ستكون النتيجة هي فجوة من السيارات في المنتصف !
تخيل نفس المثال الآن على فوتونات ضوئية تنقل المعلومات عبر الزمن، ستكون نتيجة التحكم في سرعتها واتجاهها هو صناعة فجوة من “الزمن” في المنتصف لإخفاء بيانات وأحداث كأن لم تكن!!
اقتراح هذه الفكرة للمرة الأولى عام 2010 في بحث نظري لمارتن ماكول، لكن كانت المشكلة في القدرة على تحويل الضوء بسرعة توازي سرعة نقل البيانات الهائلة، وهذا ما نجح الباحثون في جامعة كورنيل في تطبيقه من خلال أجهزة تسمى electro-optic modulators.
وقد تم تطبيقها بالفعل على أجهزة إرسال بيانات تجارية وكانت النتيجة هي إخفاء بيانات تم إرسالها بالفعل، لكن أجهزة الاستقبال لم ترى أي مؤشرات تدل على أنه تم إرسال أي شيء في المنتصف كأن لم يتم إرسالها في الأصل !
لنحاول تقريب الصورة من أذهاننا بعض الشيء:
تخيل معي لو حدث انفجار شمسي في هذه اللحظة، كيف سنعلم بوقوعه؟
من خلال ضوء الانفجار الذي سيصل إلينا من الشمس بعد ثمانية دقائق ونصف.
تخيل معي الآن لو تم تطبيق هذه التكنولوجيا بصورة عملاقة على الشمس كلها، وتم حدوث هذا الانفجار الشمسي في الفجوة الزمنية ستكون النتيجة أننا في الأرض سنرى الشمس بصورة طبيعية طوال الوقت وكأن انفجاراً لم يقع!! إذن هل يمكن أن نستخدم هذا الجهاز أو هذه التكنولوجيا يوماً لإخفاء أحداث من حياتنا كما يفعل هذا الجهاز مع البيانات الضوئية؟! إجابة هذا السؤال تعتمد على إجابات أسئلة أخرى عن العلاقة المعقدة بين المادة والطاقة وبين المكان والزمان، وهي أسئلة لازال العلماء حائرين في إجاباتها حتى اليوم، لكني أظن أن معدل تطور العلوم اليوم يجعلنا نشعر بثقة أنه لا مستحيل وأن كل شيء ممكن حتى وإن فاق أكثر خيالاتنا جنوناً
المصدر