رواية المساكين البداية الكبيرة لدوستويفسكي
ان لدي مشروعا"ان أصبح مجنونا"
فيدور دستوفسكي
رسمت رواية المساكين للكاتب الكبير فيدور دستوفسكي(1821-1881) صورة واقعيه للحياة الاجتماعية لكنها قاتمة وعرت الجانب الإنساني المزري الذي يعيشه الفرد في روسيا القيصرية .. وشكلت عالما من لون واحد ذا كينونة خاصة وفتحت أيضا" الباب لكتابة الرواية الاجتماعية على حد وصف الشاعر الروسي الكبير نكراسكوف الذي قال أيضا أنها (استطاعت ان توجه نقدا لطبيعة الحياة القاسية من خلال وضع تلك النماذج البشرية في دائرة الضوء)
رواية المساكين هي الرواية الأولى لدستوفسكي وأفصحت عن موهبة ناضجة فاستقبلت من قبل الأوساط الاديبه الروسية بترحاب كبير واثنى عليها الناقد الروسي الكبير بيلنسكي (1811-1848) وخاطبه قائلا (يجب ان تعتز بموهبتك وتخلص لها ولسوف تصبح كاتبا كبيرا )
هذا الإطراء جعله يشعر بالارتباك فيقول( انتحيت بنفسي جانبا وانأ في اشد حالات الانفعال)
تدور أحداث الرواية في فلك رسائل ثلاث عن حياة بشر لم تتم لهم فرصه الفرار من البؤس في عالم الإحياء الفقيرة في مدينه سان بطرسبورغ
هؤلاء الفقراء يعيشون دون رجاء فليس لديهم سوى الحماسة الجوفاء ورغبه متأرجحة للحياة وهي لا تختلف كثيرا عن الحياة الصعبة التي كان يعيشها الكاتب رغم أن الكتابة تحرره من نزعات التوتر والانفعال التي تجتاحه كل حين !
فغورشكوف إنسان بسيط يعيش في غرفه صغيرة مع عائلته يكبت ألمه ومعاناته عن اقرب الناس إليه وهي زوجته بعد ان فقد ابنه ( نيكيتا ) بسبب عجزه عن معالجته من مرض أصيب به فصار موت الابن صاعقا وثالما" لأخر طاقه من ساتر صبره وتحمله.. فذات ظهيرة يردد اسم ابنه على مسامع زوجته التي يرعبها ذلك فترسم شارة الصليب وتتركه ليرتاح وعندما تعود تجده حثه هامدة ....
لكن خيط الرواية المتصل بتلك الرسائل يفتح لنا باب قصه أخرى عن ديفوشكين ذلك الشاب غريب الاطوار والعاجز عن تنظيم مشاعره المشوشة حين يصاب بمرض يعجز والده عن معالجته فلا مال لديه يستطيع به إنقاذه من براثن الموت فتتجلى هنا براعة الكاتب دستوفسكي في وصف مشهد احتضاره حين يطلب إن تزاح ستائر نافذة الغرفة كي يمتع نظرة بأخر صوره للسماء انه يريد أن يرى أمل لنهار مشمس ! لكن السماء كانت تمطر وقتها فيهز رأسه بأسى وينظر إلى فرنكا ويموت !
ختام تلك الرسائل عن فرنكا التي تستل من دفتر ذكرياتها جزءا" من حياتها فتكتب الى ماكار عن نقطه التحول ألهامة في حياة أسرتها الميسورة عندما أفلس والدها التاجر بسبب عجزه عن سداد ديونه .. فيلجئوا إلى إحدى قريباتهم كي يعيشوا في بيتها الصغير ولتبدأ من هنا الخطوة الأولى لهم في مسيره الفقر ومخاطر وهمه !
عبر دستوفسكي في تلك الرواية عن انحيازه للفقراء واعتبرهم من ضحايا اضطهاد الشر للخير
وهو ما كشف عنه دستوفسكي في رسالته المؤثرة لاخية ( من المحزن إن يعيش المرء دون رجاء يااخي