الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله الصادق الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين . أما بعد : فإن فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبة على كل مسلم يؤمن بالله واليوم الأخر صغيراً وكبير ذكراً وأنثى امتثالاً لقوله تعالى : ((وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )) (آل عمران:104) .فإن سفينةُ المجتمعِ تجري في أمنٍ وأمان، تصارعُ الأمواجَ والطوفان، فلا خوفَ عليها مادامت تحركُ أشرعتها شريعةَ الرحمن ، لا خوفَ على راكبيها مادامَ شعارهم بسم اللهِ مجرِيها ومرساها ، لكنَّ فئةً ممن قد امتطوا صهوةَ الحريةِ الشخصيةِ، أرادوا أن ينقروا في زواياها، فذاكَ بمسمارِ الربا، وآخر بمعول الزنا، وثالث بفأسِ الرذيلة ، وآخرون بمطارقِ الفساد والمنكرات ، فإن تركهم الباقون وما أرادوا هلكوا جميعاً وإن اخذوا على أيديهم ، وحالوا بينهم وبين ما يشتهون، كانت النجاةُ للجميع، إنَّ العصيانَ والعدوان قد يقعانِ في كلِّ مجتمعٍ من الأشرار والمفسدين والمنحرفين، فالأرضُ لا تخلو من الشرِّ، والمجتمعُ لا يخلو من الشذوذِ، ولكن طبيعةَ المجتمعِ الصالح لا تسمحُ للشرِ والمنكرِ أن يصبحا عُرفاً مصطلحاً عليه، وأن يصبح سهلاً يجترئُ عليه كل من يهمُ به، وعندما يصبحُ فعل الشرِّ أصعب من فعلِ الخير في مجتمعٍ ما، ويصبحُ الجزاءُ على الشر رادعاً جماعياً، تقفُ الجماعة كلها دونهُ، وتوقعُ العقوبةَ الرادعة عليه، عندئذٍ ينزوي الشرُ وتنحسرُ دوافعه، وعندئذٍ يتماسكُ المجتمعُ فلا تنحلُ عُراه، وعندئذٍ ينحصرُ الفسادُ في أفرادٍ أو مجموعات، يطاردها المجتمعُ ولا يسمحُ لها بالسيطرة، وعندئذٍ لا تشيعُ الفاحشةُ ولا يفشوا المنكر .إنَّ الأمرَ بالمعروفِ والنهي عن المنكر، هو القطبُ الأعظمُ في الدين، وهو المهمةُ التي بعث الله لهُ النبيين أجمعين، ولو طُوي بساطهُ، وأهملَ علمهُ وعمله، لتعطلتِ النبوةُ واضمحلت الديانة، وعمت الفترة، وفشت الضلالة، وشاعت الجهالة، واستشرى الفسادُ واتسعَ الخرق، وخربت البلادُ، وهلك العباد، ولم يشعروا بالهلاكِ إلاَّ يوم التناد ، حمايةُ العقيدة وصيانةُ الفضيلة، وعزُّ الأمةِ، وفلاحُ المؤمنين، منوطٌ بالقيامِ بهذا الواجب ((وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) (آل عمران:104) .ولذا كان هذا الملف الذي نذكر به إخواننا بقضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نسأل الله التوفيق والسداد وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبهبسم الله الرحمن الرحيمشبكة نور الإسلام