TODAY - February 27, 2011
قالوا ان الشرطة كانت تردد شعارات المتظاهرين بسخرية واتهمتهم بالسعي لاسقاط المالكي
اعلاميون يروون تفاصيل اعتقالهم: لاحقونا على بعد ميلين من ساحة التحرير وعاملونا كالقاعدة

اعلاميون يتحدثون خلال مؤتمر صحفي عن ظروف اعتقالهم من قبل عمليات بغداد على خلفية اشتراكهم بتظاهرات الجمعة
بغداد- ستيفاني ماك كرومن
قامت القوات الامنية العراقية باعتقال حوالي 300 شخصا من العراقيين بينهم صحفيون بارزون وفنانون ومحامون ساهموا في المظاهرات التي انتظمت في العراق كله الجمعة. وقد وصف البعض هذا التصرف من قبل الحكومة بانه عملية قصد منها اخافة مثقفي بغداد الذين لهم تأثير في الرأي العام.
ويوم السبت قال اربعة من الصحفيين الذين اطلق سراحهم انه تمت مطاردتهم والاحاطة بهم بعد مغادرتهم ساحة التحرير التي تظاهر فيها الالاف. وقالوا انه تم تقييد ايديهم وعصب اعينهم وضربهم وتهديدهم بالاعدام من قبل جنود من وحدة الاستخبارات العسكرية.
وقال الصحفي والشاعر حسام السراي الذي تحدث عن رؤيته لمئات المحتجين وقد ألبِسوا قلنسوات سودا في مركز الاعتقال «لقد كانوا يتعاملون معنا كما لو كانوا يتعاملون مع جماعة من القاعدة، وليس مع مجموعة من الصحفيين. ماجرى كان مثل اختبار لصورة للديمقراطية الجديدة في العراق».
وكانت احتجاجات العراق مختلفة عن بقية الاحتجاجات التي تجتاح الشرق الاوسط وشمال افريقيا، اذ ان المتظاهرين كانوا يدعون الى الاصلاح وليس التخلص من الحكومة. وتراوحت طلباتهم بين توفير الكهرباء وفرص العمل الجديدة الى وضع نهاية للفساد معبرين عن سخطهم من حكومة تتقاطع بالخطوط الطائفية والفئوية.
ورغم كل شئ فان هذه الاحتجاج كان مشابها لبقية الاحتجاجات التي تم تنظيمها جزئيا على الاقل من قبل المثقفين العلمانيين وافراد الطبقة الوسطى، والعديد منهم بدأوا بتنظيم مجاميع على الفيس بوك عبر الكتابة واجراء المقابلات التي تساند المظاهرات التي تم التخطيط لها.
وعلى ما يبدو فان رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي شكل مؤخرا تحالفا حكوميا هشا مدعوما من الولايات المتحدة، كان قلقا من الاحتجاج الذي دعاه العراقيون «يوم الغضب». وتحضيرا ليوم الجمعة امر بحظر سير المركبات وحث العراقيين على البقاء في البيت، في وقت حذر ناطق حكومي من «الارهابيين قد يستخدمون القنص ومسدسات بكواتم الصوت لاستهداف الحشود». وقامت قوات امنية بمداهمة مجموعة مراقبة صحفية بارزة اشتركت في تنظيم الاحتجاجات.
لكن وعلى الرغم من كل ذلك شارك عشرات الالاف من العراقيين في الاحتجاجات التي بدأت بصورة سلمية قبل ان تتفكك بعد استخدام القوات الامنية لخراطيم المياه والقنابل الصوتية والرصاص الحقيقي لتفريق الحشود.
وارتفعت الخسائر في الارواح السبت الى 29 على الاقل مع ما افاد به مسؤولون من وفاة ستة من المحتجين اخرين، بينهم يافع بعمر 14 عاما كان مصابا بجروح اطلاقات. وحدثت الوفيات في ثمانية اماكن منها الفلوجة والموصل وتكريت.
وكان حسام السراي قد التحق بالاحتجاجات في ساحة التحرير ببغداد، وكان البعض منهم يلفون انفسهم بالقماش الابيض اشارة لكونهم مسالمين. ومع غروب الشمس انقضت المروحيات على الحشد كاشارة لبداية القمع.
وفي الساعة الرابعة عصرا قال فيصل الياسري مدير محطة الديار الفضائية التي كانت تنقل الاحتجاجات مباشرة ان القوات الامنية هاجمت المحطة وضربت احد العاملين واعتقلت سبعة بضمنهم مدير المحطة ومنسق الاخبار واغلقت المحطة.
وفي الوقت نفسه كان حسام السراي وزملاؤه يجلسون في مطعم في الهواء الطلق يبعد بحدود ميلين عن ساحة التحرير وتوقفت مركبتان نوع هامفي واقتحم دزينة من الجنود الذين يرتدون الملابس المموهة المكان، وفقا لمقابلات مع الصحفي السراي واخرين.
وانقض الجنود المهاجمون على الصحفي والمخرج المسرحي هادي المهدي الذي كان يجلس مع ثلاثة من اصدقائه وبدأوا بضربهم. ويقول هادي المهدي «ماذا تفعلون، اننا صحفيون».
وقام الجنود المهاجمون بسحب المثقفين الى مركبات الهامفي وبعد ايصالهم الى شارع فرعي قاموا بضربهم ثانية. وبعد عصب اعينهم، تم ايصالهم الى مكان يقول هادي المهدي انهم فيما بعد عرفوا انه البناية السابقة لوزارة الدفاع العراقية، والذي تشغله الان وحدة استخبارات الفرقة الحادية عشرة للجيش العراقي. وفي الداخل سمع الصحفيون ضحكات الجنود الذين كانوا ينشدون «كذاب نوري المالكي» ساخرين من الشعارات التي كان المحتجون يهتفون بها. ويقول هادي المهدي انهم اخذوه الى غرفة لوحده وعلى الفور تعرض للضرب بالعصي والجزم والقبضات، وبعدها قاموا بنزع احذيته ، وبللوا قدميه وعرضوه للصدمات الكهربائية.
ويقول ان الجنود قاموا بعدها باستجوابه بعد ان وضعوه في الوسط واتهموه انه اداة (بيد) الاجانب الذين يريدون اسقاط حكومة المالكي، فاخبرهم انه كان عضوا في حزب الدعوة الذي يقوده المالكي حتى اُصيب بخيبة أمل مؤخرا. ويقول «قالوا لي هل انت دعوة؟ وعندها ادركت بانهم كانوا اغبياء تماما».
واتهمه احد الجنود بانه خائن وقام بضربه مجددا. وبعدها تم اخبار هادي بانه وزملاءه سيتم اطلاق سراحهم بسبب قيام بعض الاصدقاء باجراء اتصالات هاتفية في محلها.
ومباشرة وقبل اطلاق سراحهم تم نقل هادي الى غرفة كان فيها حوالي 300 شخص جالسين على الارض وكانت قلنسوات سود على رؤوسهم وكان الكثير منهم يئن والدم على قمصانهم وقد أغمي على رجل مسن. ويقول هادي المهدي الذي تورمت ساقه وبدت الكدمات على جبهته «ان هذه الحكومة ترسل رسالة الينا، انها تبعث رسالتها الى كل شخص».
وحكى الكثير من زملاء هادي حكايات مماثلة في تجمع في بيت احد الاصدقاء عصرا. واعتبر الكثير منهم ان الاحتجاج كان ناجحا على الرغم مما تعرضوا له.
وقال رعد مشتت الشاعر والمخرج التلفزيوني الذي لم يتعرض للاعتقال «انها تسلط الضغوط، والحكومة خائفة. لكنها لم تعد تخيفني بعد الان».
عن صحيفة واشنطن بوست