الفن معرفة وممارسة قد اتخذ اتجاهات تواصلية متعددة الأهداف ، فما هو مشترك بين الفنون ؛ يعد صورة واضحة للقيم الجمالية والحضارية المتوارثة لشعب من الشعوب ، بطريقة ممارسة الفن ، فضلاً عن الدين أو الممارسات الاجتماعية التي تحاول الاقتراب من حقيقة الوجود الجوهرية ، المنعكسة أو المنغمسة في تلك الحياة المتواجــدة في نتاجات الفنان المبدع ، والممتلئة بالأشكال الواقعية والأسطورية أو الرمزية (المجردة) في أجواء وأشكال ملحمية ، والرسم بشكل خاص يعد الحجر الأساس في فكر الإنسان الأول ، مما دفعه إلى تجسيد أفكاره ومن ثم ربطها بتأويلات تتعلق بالتفكير الماورائي فتولدت الدلالة ، وهذه الدلالة جاءت مرتبطة برمز او شكل لتدل عليه او تفسره ، فعلى مر العصور و الحضارات القديمة كانت الأساطير والمعتقدات دوما متعلقة باشكال تجسد ظواهر وبواطن الاشياء فالأرض والسماء والسحر والطبيعة على حد سواء ، فكان لكل ظاهرة رمز وتأويل دلالي، متمثلة في رموز ومدلولات لأشكال متفاوتة في المحاكاة ، هذه العلاقات في نتاجات الحضارات القديمة بخاصة والثقافات الإنسانية بعامة كانت قد استثمرت بالظهور في الفن الإنساني عموماً وبأشكال مختلفة([1])
اما إنسان الحضارات العراقية القديمة اعتمد في فكره وعقله على شرح يفسر لكل ما يثير أو يلفت انتباهه لظاهرة نفسية أو محيطية أو بيئية ومنها الأشكال الحيوانية كونها جزءاً من بيئته ومحيطه ، وهذه الاشكال غالبا ما كانت خاضعة لتفسير ديني أو ميتافيزيقي أو أسطوريا ، لذا جاءت معظم أشكاله الفنية خالية من المفردات الواقعية العيانية ، بل تمثلت بأشكال رمزية ومتخيلة مهجنة لتنصب تلك الشواهد ارباب يتقرب إليها الإنسان بالنذور والأحاجي لكسب رضاها ([2]) .
وظلت هذه المفاهيم ترافق الفن ، واذا توقفنا عند ملامح الفن الاسلامي نرى ان الفنان المسلم نظر الى الكون و الحياة نظرة ايمانية متطورة ضمن مفهوم و فكر اسلامي خاص تاثرت به كل الفنون الاسلامية و من ضمنها فن التصوير فالفنان المسلم لم يتجه إلى محاكاة أشياء الطبيعة، وعندما كان يرسم الأشكال الحيوانية لم يكن يرسمها لذاتها ، وإنما كان يتخذ منها عناصر زخرفية يكيفها ويحورها بحيث يؤول أغراضها الجمالية وقد اقبل المسلمون على استعمال الأشكال الحيوانية في زخارفهم ضمن مفهوم اسطوري و غرائبي للابتعاد عن التمثيل لذوات الارواح و مفاهيم التحريم التي كانت مرافقة لبداية التصوير الاسلامي ، فحاول الفنان هنا ان يمزج مفاهيم و صور الحضارات لابدع صور جديدة مبتكرة خاصة بالفن الاسلامي و لكنها حتما ضمن مرجعيات حضارية سابقة.
وتجنب مسألة التجسيم عند الفنان المسلم ادت به الى التوجه إلى أسلوب التجريد بالاستعانة بمبدأ (الاحالة) في الرسم للتعبير عن الكليات وللارتقاء من المادي إلى الروحي كتعبير عن فكرة الخلود ، التي يؤول فيها المعاني الباطنية للأشكال. وقد شاع تخييل الأشكال الخرافية المركبة ، كالطيور ذات الوجوه الآدمية . والفرس ذو الوجه الآدمي (البراق) ، كما أنتج الفنانون المسلمون أواني معدنية على أشكال حيوانات ([3])
اذن ما اريد الوصول اليه هنا ان الرسم و التصوير ارتبط بمرجعيات تاريخية وحضارية كلها الت الى ان هناك دلالات لرموز التصوير او الرسم.
اعداد : كلمات حائرة