ترتيلة ذاكرة
بقلم أمير بولص ابراهيم
على منضدة ِ الليل ِ….
متكأ ً على ذاكرة ٍ ترتلُ
ترتيلتها المعتادة..
أراقبُ انصهار شمعتي..
تتلذذُ هي بنظراتي
تتخيلُ نفسها أنثى
تُثيرُ في َّ مكامن الاشتهاء ِ
أغمس أشعاري في نبيذ كأس العوز ِ
وأسامر جدران عزلتي
أطالعُ فصلا ً من دفتر الحياة ِ
فأرى مدنا ًتتلاطمُ فيها الرؤوس
ويعاقر الرصاص أجسادها
تفوح رائحة الأرواح
وهي تدلف قباب السماء ِ
وأسمع صدى لصوتكم يقول لي
أبقى هنا فأنت شاعرٌ
والوطنُ وطن الشعراء ِ
وها.. السيابُ واقفا ً رغم الأعاصير
والأمطار
ولم يغادر منصته ليبحث عن وطن ٍ آخر
وها..الرصافي مازال يرتدي بذلته الحجرية
ولم يغادر بعدما غادرته حمامته البيضاء
باحثة ً عن ذراع شاعر آخر في بلاد الثلوج
وها..أبا تمام ٍ يرنو ببصره ِ نحو صبي ًّ
يفترش ساحة سوق الطيور ِ في الموصل ِ
يمد يديه ِ نحو المارين َ في صباحات
الجمعة ِ
عل َّ من يمن َ عليه ِ ببضع حبات قمح ٍ
لطيره المريض
وشيركو مازال يكتب قصائده الحارة ِ
فوق قمم الثلوج
أقاطعُ صدى أصواتكم صارخا ً
وانأ لم يبق لي في الوطن ِ
سوى بضع قصائد ِ
أطعمها لأطفالي قبل النوم
كي لا يجوعوا ليلا
فيوقظوني وانأ احلم بقصيدة أخرى
اكتبها فوق وسادتي
لأطعمها لهم في الليل القادم
قصيدة موجوعة كطفل ٍ مصاب ٍ باللوكيميا
قصيدة معفرة بالتراب وبزرق الطيور وأنفاس
الفئران
وكأمراة ٍ مدلهمة سقط جنينها للتو
واللحظة ِ
لاعنة ً الأدوية ِ المهدئة للأعصاب
تقسم أن لا تحبل َ بعد أن سقط جنينها
كي لا تقتنص الجنين القادم
الشظايا والمفخخات ِ
ومازلت امشي على صدر الأيام
بأطراف أصابعي
وأدغدغ الحياة بأطراف أناملي
كي لا تستيقظ الحياة
وتجدني مازلت أعيش على الخبز والبصل ِ
ابحث عن ظل ِ جدار ٍ أحتمي تحت ظله ِ مني
ورغم انصهار شمعتي….
سأبقى…
لأن أحدى قدماي مغروسة ٍ في تربة مسقط
رأسي
والأخرى تجولُ بين الأضرحة ِ
حيث ضريح أبي وأخي
ويد تمسك بالغيم
مشكلة ً منه أرغفة لأطفالي
وأخرى ينصهر قلمي فيها
فيتقاطر فوق ورق البردي
سأبقى لأني…
مازلتُ راكعا أصلي صلاتي
في حضن امرأة قادمة من ثلاثينات القرن
العشرين
سأبقى…
لأن عشقي مازال مكبلا ً بالسراب ِ
في أفق السماء..
وسيبقى هالة ً تحوم حول نجمتي
كلما قرأت طالعي في صفحات الجرائد ِ
سأبقى..
لأن ترتيلتي ستصبح معلقة َ شعر
في وطن الشعراء..
راقت لي