TODAY - February 27, 2011
بعد أن استيقظت في مصر وغفت في البحرين ونشطت في ليبيا
مباراة "العربية" و"الجزيرة" تنتهي بانتصار الأولى بهدفين نظيفين!
يحلو للمراقبين، وخبراء الإعلام، وأهل المهنة، المقارنة بين أهم محطتين عربيتين خلال كل حدث سياسي يضرب المنطقة، مشبهين المنافسة بينهما مثل متابعة لمباراة مثيرة في الدوري الإسباني، تتلاحق فيها الأهداف، وصيحات الجماهير.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
لندن
في حالة محطتي "العربية" و"الجزيرة"، اللتان تحتلان المشهد الإعلامي في الشرق الأوسط، فإن هذه المباراة المثيرة ليست بين فريقين كرويين فحسب، بل بين معسكرين سياسيين وثقافيين، تبرز معالمها في طريقة التغطية للحدث ونوعية الضيوف المشاركين في التعليق عليه.
ومن الصعب التنبؤ في أغلب الحالات عن الفريق الفائز، إلا أن أحداث مصر والبحرين وليبيا، جعلت من "العربية" تتقدم على منافستها الشرسة بهدفين مقابل هدف واحد، بعد أن استيقظت في مصر، وعوضت غفوتها في أحداث البحرين، من خلال تغطيتها للتظاهرات المثيرة في ليبيا، ولو أنها تعرضت لمطبات هوائية.
ولم يعرف لماذا خففت "العربية" و"الجزيرة" من تغطيتهما اللاهبة لاحتجاجات البحرين، لكن مقربين يقولون أن "المحطتين لم تفشلا بل "أُستفشلتا"، أي طلب منهما الفشل، بسبب أن أي هزة في المملكة الصغيرة، التي لا تبعد عن السعودية وقطر إلا نصف ساعة، سوف تكون لها عواقب وخيمة على المنطقة كلها.
وفي حال أن "الجزيرة" سمعت ما قاله مسؤول سعودي رفيع، لنظيره القطري الزائر من أن "البحرين خط أحمر"، في إشارة إلى أنه من غير المقبول أن تكون تغطيتها تحريضية على غرار ما حدث في مصر، فإن "العربية" على العكس من ذلك، "تملك خبرة في معرفة لوحات الطرق والإشارات المرورية" على حد تعبير مراقبين.
وعلى الرغم من أن "العربية" اعتادت على اللحاق بـ"الجزيرة" بشق الأنفس، إلا أن أداءها في مصر أثار الإعجاب، من قبل المصريين أنفسهم حسب استطلاع أميركي.
وأبدت غالبية المصريين، سيما في مدن كالقاهرة و الإسكندرية، انزعاجا من طريقة معالجة الجزيرة لأحداث الثورة في مصر، وفضلوا أثناء الأحداث مشاهدة قنوات تلفزيونية تمدهم بالمعلومات على حساب كثافة عرض الآراء.
ففي استطلاع خاص، حول استخدامات و متابعة وسائل الأعلام أثناء أحداث مصر التي أودت بحكم الرئيس مبارك خلال ثمانية عشر يوما، تقلص متابعو الجزيرة إلى ربع المشاهدين (25%)، لصالح ثلثي المستطلعين المصريين الذين قالوا انهم كانوا يعتمدون على قناة العربية (65%) لمتابعة أخبار مصر.
الاستطلاع، الذي تحصلت عليه "إيلاف"، أجراه مجلس أمناء البث التلفزيوني و الإذاعي الأمريكي، في وزارة الخارجية الأمريكية، و كان يهدف لتتبع أثر ووزن القنوات التابعة لهذا المجلس، على الأحداث في مصر، أي قناة الحرة و راديو سوا.
وأجري الاستطلاع هاتفيا، على عينة عشوائية تركزت في كل من القاهرة والإسكندرية/ وذلك في الفترة ما بين الرابع و العاشر من فبراير الجاري.
ووفق الاستطلاع المذكور، فقد شهدت مصر "طغيانا للتلفزة، على باقي وسائل الأعلام، إذ قال 98% من المستطلعين، أنهم اعتمدوا على التلفزيون كمصدر أساسي للأخبار ، فيما كان ثلث المصريين فقط يتابعون الأخبار عبر الأنترنت ، على عكس الانطباع السائد بطغيان الأنترنت.
وفسر خبراء ذلك، بحقيقة ان الأغلبية الساحقة تستخدم التلفزة لاستهلاك الأخبار، بينما مستخدمو الانترنت، يعتمدون على الشبكة العنكبوتية لمتابعة الأخبار، وإرسال المعلومات على حد سواء.
انهيار "الجزيرة" و "BBC عربي"
وفي الموضوع الرئيس للاستطلاع، فقد لفتت الفروقات في إجابات أسئلة ثلاث، حول المشاهدة التلفزيونية، أتاحت الفرص للمقارنة، بين:
• القناة التي يشاهدها المصريون أكثر من غيرها أثناء الأزمة
• مقابل القناة التي يعتمدون عليها عادة
• وربما الأهم، مقارنة ذلك مع القناة التي يعتبرون أخبارها الأكثر موثوقية و صدقية
ووفق هذه المعايير، فالعربية التي احتلت المرتبة الأولى أثناء الأزمة (65%) ، فان المصريين يشاهدونها في الأوضاع العادية بنسبة 44% وفق المستطلعة آراءهم ، لكن المصريين أيضا ، يعتبرون أخبارها الأكثر صدقية بنسبة 42% وبهذا اعتبروا العربية القناة صاحبة الأخبار الأكثر موثوقية ، و يتلوها قناة المصر بصدقية تحظى برضى نحو ربع المستطلعين ، فيما كانت المفاجأة بمقدار صدقية الجزيرة التي كانت في ذيل القائمة.
سر خيبة أمل المصريين من "الجزيرة" لصالح "العربية"
لطالما انحاز المصريون إلى وسائل إعلامهم الخاصة، وكانوا يتابعون الشأن العربي عموما، وقضايا الصراع العربية- الإسرائيلي من خلال قناة الجزيرة القطرية و يعطونها الأولوية.
ولكن التحول الذي جرى، نتج وفق الاستطلاع ، عن أسلوب عمل الجزيرة في تغطية مصر، والذي لم يراعي حساسية المصريين من تلقي دروسا في الوطنية من غير المصريين، فضلا عن ميل الجزيرة إلى استضافة محللين في أوج الأزمة، غالبيتهم من غير المصريين، وكان أبرزهم عزمي بشارة ، المستشار في الديوان الأميري في قطر، منذ أن غادر الناصرة في الجليل و ترك مقعده في الكنسيت الإسرائيلي قبل عامين.
ويقدر القائمون على الاستطلاع، أن المصريين كانوا تواقين إلى المعلومات، في أجواء التطورات المتسارعة، أكثر منها إلى الآراء، و في هذا تغلبت العربية ن في كثافة المعلومات، على الجزيرة التي كانت غزيرة في الآراء.
ويشير الباحثون، إلى أن الجزيرة تم حظر مشاهدتها على قمر النايلسات بدء من 30 يناير ولأسبوع ، فيما استمرت العربية في البث هذه الفترة، لكن المستطلعين كانوا في إجاباتهم تحت تأثير التغطية منذ ما قبل حظر بث الجزيرة على نايلسات.
وقدر القائمون على الاستطلاع، ان نسبة الخطأ في الاستطلاع، الذي أجري على عينة من خمسمائة مصري في القاهرة والإسكندرية عبر الهاتف، بـ 4.5%.