أَبُو الطُّفَيْلِ الكنانيّ
لقد اشتهر أَبُو الطُّفَيْلِ بكنيته،واسمه عَامِرُ بنُ وَاثِلَةَ اللَّيْثِيُّ الكِنَانِيُّ، الحِجَازِيُّ، بالشِّيْعِيُّ لكونه مِنْ شِيْعَةِ الإِمَامِ عَلِيٍّ(عليه السلام) ، فهذاوسام شرف ناله هذا الصحابي الَّذي يعدُّ خَاتَمُ مَنْ رَأَى رَسُوْلَ الله (صلىالله عليه وآله) فِي الدُّنْيَا مِن الصحابة.
وأمَّا سنة ولادته فقال الشيخ الطوسي:ولد عام أحد،و أدرك ثماني سنين مِن حياة النبيّ(صلى الله عليه وآله).
وَلم يفارق أَبُوالطُّفَيْلِ أمير المؤمنين (عليه السلام) في السلم والحرب، فهو مِن الصحابة الذين شهدوا بسماع غدير خمّ مِن رسول الله (صلى عليه وآله) يقول: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَهَذَا مَوْلاَهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُوَعَادِ مَنْ عَادَاهُ،وذلك لمَّا طلب منهم أمير المؤمنين (عليهالسلام) الشهادة في رحبة مسجد الكوفة.
و شَهِدَ أَبُوالطُّفَيْلِ مَعَ عليٍّ (عليه السلام) حرب الجمل، وصفين، والنهروان؛ ولم يحارب بمفرده بل كان في حرب صفين مع عشيرته كنانة، وهم جماعة عظيمة، وكَانَ أَبُو الطُّفَيْلِ شَاعِر كنانة، وأحد فرسانها، ومن ذوي السيادة فيها، وله قصائد عديدة قالها في وقعة صِفّين، ومنها أنَّه تقدم أمام الخيل يحثهم على القتال ، ويقول: طاعنوا وضاربوا ثمَّ حمل على جيش معاوية وارتجز،فقال:
فاقتتلوا قتالا شديداً، ثم انصرف أبو الطفيل إلى عليٍّ(عليه السلام) ، فقال: يا أميرالمؤمنين، إنك أنبأتنا أن أشرف القتل الشهادة، وأحظى الأمر الصبر، وقد والله صبرناحتَّى أصبنا، فقتيلنا شهيد، وحَيُّنا سعيد ، فليطلب مَن بقي ثأر مَن مضى، فإنا وإن كنا قد ذهب صفونا، وبقى كدرنا، فإنَّ لنَا دِيناً لا يميل به الهوى، ويقيناً لاتزحمه الشبهة.فأثنى عليّ(عليه السلام)عليه خيراً.
قد ضاربت في حربها كنانه والله يجزيها به جنانه من أفرغ الصبر عليه زانه أو غلب الجبن عليه شانه أو كفر الله فقد أهانه غدا يعض من عصى بنانه
ومن أشعاره يوم صفين أيضاً أنَّه قال:
حـامَـتْ كـِنانةُ في حربِهـا وحـامتْ تميمٌ وحامت أسَدْ وحـامت هوازنُ يومَ اللِّقـا فـمـا خابَ منّا ومنهم أَحَدْ لَقِينا الفوارس يوم الـخـميـ س والعيدِ والسبتِ ثُمّ الأحَدْ لَـقـِينـا قـبائلَ أنسابُـهـم إلى حضرَموتٍ وأهلِ الجَنَدْ وأمـدادُهـم خَلْفَ آذانِـهـم ولـيـس لنا مِن سوانا مَدَدْ فلما تنادوا بآبائهم دعونا معدا ونعم المعد فَـظَلْنـا نُـفـلِّق هـامـاتِهم ولـم نـكُ فـيها بِبَيضِ البَلَدْ ونـِعْـم الفوارسُ يومَ اللِّقـا فقُلْ في عديـدٍ وقُلْ في عَدَدْ وقُلْ في طِعانٍ كفُرْغِ الـدِّلاء وضـربٍ عـظيمٍ كنارِ الوَقَدْ ولكنْ عصَفْنا بهم عـصـفـةً وفي الحـربِ يُمنٌ وفيها نَكَدْ طَحَنّا الفوارسَ وَسْطَ العَجاج وسُقْنا الزّعـانفَ سوقَ النَّقَدْ وقـلنـا: عـلـيٌّ لنـا والدٌ ونـحنُ له طاعةً كالولَدْ.
و لما استشهد أمير المؤمنين (عليه السلام)، واستقام أمرمعاوية بن أبي سفيان لم يكن شيء أحب إليه من لقاء أبي الطفيل، فلم يزل يكاتبه ويلطف به حتى أتاه، فلما قدم عليه جعل يسائله عن الجاهلية، وعن أشعاره في حرب صفين، وعن حبه وإخلاصه لأمير المؤمنين(عليه السلام)، فكان يجيب معاوية بكلِّ شجاعةغير خائف ولا مكترث لسلطانه،فأنشا يمدح الإمام عليّ(عليهالسلام) بأبلغ قول قائلا:
وقال أبو الطفيل في تفضيل أمير المؤمنين(عليه السلام):
صِهْرُ النبيِّ بذاك اللهُ أكرمَـهُ إذِ اصـطـفاهُ وذاك الصِّهْرُ مُدَّخَرُ فقام بالأمر والتقوى أبو حسنٍ بَـخْ بَـخْ هـنالكَ فضلٌ ما لَه خَطَرُ لا يسلم القَرنُ منه إن ألمَّ بـهِ ولا يَـهـابُ وإن أعـداؤه كَـثُروا مَـن رام صـولتَه وافى منيّتَه لا يَدفعُ الثَّكْلَ عن أعدائهِ الحَذَرُ.
أشــهـدُ بـاللهِ وآلائِــهِ وآلِ يـاسـيـنَ وآلِ الـزُّمَـرْ أنّ عـلـيَّ بـنَ أبي طالبٍ بـعـدَ رسـول اللهِ خيرُ البَشَرْ لو يسمعوا قـولَ نبيِّ الهُدى مَن حادَ عن حُبِّ عليٍّ كَفَرْ.
وعاش أبو الطفيل إلى ما بعد واقعة الطف، ولم تسمح له الظروف بحضور كربلاء لذا كان حَامِلاً رَايَةَ المُخْتَارِ لَمَّا ظَهَرَ بِالعِرَاقِ،وَحَارَبَ قَتَلَةَ الحُسَيْنِ(عليه السلام). وكان يقول: ما بقي مِن السبعين غيري،ويقول:
و لما رجع محمدابن الحنفية مِن الشام حبسه ابن الزبير في سجن يسمَّى عارم، فخرج أبوالطفيل يقودجيشاً مِن الكوفة حتى أتوا سجن عارم فكسروه، واخرجوا محمد ابن الحنفية، فكتب ابن الزبير إلى اخيه مصعب أن يُسيِّر نساء كلِّ مَن خرج لذلك، فاخرج مصعب نساء هم وأخرج فيه أم الطفيل امرأة أبي الطفيل وابناً صغيراً يقال له يحيى.
وبقيت سهماً في الكنانة واحداً سيرمى به أو يكسر السهم كاسره.
وفاته
عَمَّرَ أبوالطفيل دَهْراً طَوِيْلاً، وقال في ذلك:
فكان آخر الصحابة الَّذين ماتوا، كما روي عن أبي الطفيل قال: لا يحدثك أحدٌاليوم على وجه الأرض أنه رأى النبيّ(صلى الله عليه وآله) غيري.
ويدعونني شيخًا وقد عشت حقبة وهن من الازواج نحوي نوازع وما شاب رأسي من سنين تتابعت عليَّ ولكن شيَّبتني الوقائع .
ونقل الشيخ عباس القمي عن البيجوري في شرحه أنَّه مات سنةعشـر ومائة على الصحيح وبه ختم الصحب.
وقيل: لما استشهدأمير المؤمنين(عليه السلام) انصـرف إلى مكة فأقام بها حتى مات سنة مائة. وقيل: إنه أقام بالكوفة ومات بها.