الطَّيَران
مصطلح يشمل كل الأعمال المتعلقة بصناعة وبناء وتسيير المركبات الجوية، وبخاصة الطائرات. ومع أن أول رحلة طيران بالطائرة لم تتم بنجاح إلا عام 1903م، فإن الطائرات أصبحت اليوم تؤثر في حياة الناس في كل أرجاء العالم تقريبًا. وتستطيع الطائرات العملاقة التي تمتلكها شركات الطيران أن تنقل الركاب والبضائع بين العديد من مدن العالم الرئيسية في بضع ساعات. كما تنقل الطائرات المروحية الأدوية والمؤن الأخرى إلى أبعد الجزر وأعمق الأدغال. كذلك يستخدم المزارعون الطائرات لبذر الحقول وعد الماشية ورش المحاصيل. وقد غير الطيران أيضًا الطرق التي تتبعها الأمم في الحرب. فالحرب الحديثة تعتمد على قدرة الهجوم الفوري للمقاتلات النفاثة وقاذفات القنابل، وعلى الناقلات النفاثة لقدرتها على سرعة نقل الإمدادات. وقد كان للمروحيات، وأنواع الطائرات المختلفة الأخرى أهمية في الطيران الحربي على مدى الأربعين عامًا الماضية.
تُستخدم مئات الألوف من الطائرات في أنحاء العالم. وهي تتراوح بين طائرات صغيرة تتسع لملاح واحد، وطائرات نفاثة ضخمة تتسع لحمل المئات من الركاب. ويحتاج إنتاج وتشغيل كل هذه الطائرات إلى مهارات الملايين من المهندسين ومشغلي الآلات والطيارين والملاحين. كما تعمل الدوائر الحكومية على جعل الطيران أكثر أمانًا وثقة. وتشكل هذه الأعمال مجتمعة، ما يُسمى بصناعة الطيران. ولهذه الصناعة فرعان أساسيان هما: صناعة الطائرات وأجزائها، كالمحركات، وتشغيل خطوط الطيران. ويطلق على صناعة الطائرات وصناعة سفن الفضاء والصواريخ مجتمعة وما يتصل بها من أجهزة إلكترونية اسم صناعة الفضاء.
بدأت صناعة الطيران في 17 ديسمبر عام 1903م، بالقرب من كيتي هوك، بولاية كارولينا الشمالية في الولايات المتحدة. ففي ذلك اليوم نجح الأخوان أورفيل وويلبر رايت اللذان كانا يملكان محلاً لصنع الدراجات، في القيام بأول رحلة طيران في العالم. وكانا قد تمكنا من صنع طائرتهما بعد دراسة ما كتبه رواد الطيران الآخرون، وبعد تجريب الطائرات الشراعية والورقية، والأنفاق الهوائية.
وفي أعوام قليلة، بدأت عدة مصانع صغيرة في أوروبا والولايات المتحدة، بإنتاج الطائرات. كما قام الطيارون المغامرون بشراء العديد من هذه الطائرات لاستخدامها في عروض استعراضية مثيرة للمشاهدين.
وبدأت حكومات دول عديدة في شراء الطائرات من أجل إقامة قوات جوية صغيرة. وقد أدت الاستعراضات الجريئة التي قام بها الطيارون المغامرون الأوائل، وكذلك ما حدث من تطور في الطائرات الحربية، إلى نمو صناعة الطيران نموًا كبيرًا.
ومع نهاية الثلاثينيات من القرن العشرين الميلادي، أصبحت الطائرات وسيلة مهمة من وسائل المواصلات. ثم طور المهندسون في الخمسينيات الطائرات النفاثة، وبذلك ازداد السفر بالجو بمعدل أسرع. وفي عام 1960م، حملت خطوط الطيران العالمية حوالي 100 مليون مسافر. وبحلول أواخر الثمانينيات، أصبحت تحمل ما يزيد على البليون سنويًا.
ورغم أن الملاحة الجوية تشمل كافة المركبات الجوية في الهواء، فإن هذه المقالة تتناول الطائرات فقط. ولمزيد من المعلومات عن النوعين الآخرين انظر:الطائرة الشراعية؛ الطائرة المروحية. كما تتناول المقالة تاريخ الجهود الإنسانية التي بذلت في مجال التحليق بالطائرات وتطور الطائرة، كما تصف كيفية طيران الطائرة والملاحة الجوية وصنع الطائرات، للمزيد من المعلومات عن الطيران في الفضاء الخارجي
صناعة الطيران
يمكن أن تنقسم صناعة الطيران إلى خمس شعب: 1- صناعة الطائرات. 2- الأنشطة العامة في الملاحة الجوية. 3-تشغيل خطوط الطيران. 4- تشغيل المطارات. 5- الصناعات المساندة للملاحة الجوية.
صناعة الطائرات. بالإضافة إلى صنع الطائرات وهو الإنتاج الرئيسي، تنتج المصانع الطائرات الشراعية والمروحية، وأجزاء مركبات الفضاء. وتسيطر الولايات المتحدة على صناعة الطائرات المدنية على المستوى العالمي. فقد أنتجت شركات الطيران الأمريكية في سبعينيات القرن العشرين، نحو 85% من مجموع طائرات الخطوط الجوية العاملة في أنحاء العالم، فيما عدا تلك الخطوط العاملة في طيران الاتحاد السوفييتي (سابقًا). وفي الولايات المتحدة، نحو 1,300 مصنع يقوم بصناعة أجزاء الطائرات، وأكثر من مائة مصنع للتجميع.. وتمتلك بعض هذه المصانع مجموعات من شركات قابضة، وهي مؤسسات ضخمة تسيطر على عدد من المصانع التي تعمل في مجالات متنوعة جدًا.
أما مصانع الطائرات في الاتحاد السوفييتي فقد كانت تمتلكها الدولة. وكانت هذه المصانع تنتج الطائرات والآلات لتستعمل في الاتحاد السوفييتي وفي دول الكتلة الشرقية (السابقة) وكان الاتحاد السوفييتي يصدر الطائرات الحربية على نطاق واسع.
أما صناعة الطيران البريطانية، فإنها تعتمد على شركة إنتاج واحدة هي شركة الطيران البريطانية التي أنشئت نتيجة اندماج العديد من الشركات المتفرقة عبر عشرات الأعوام. والهيئة الرسمية لصناعة الطيران البريطانية هي جمعية شركات الطيران البريطانية، وتنتمي إليها كل الهيئات البريطانية المنتجة للطائرات والصواريخ الموجهة ومحركات الطائرات، كما تنتمي إليها الهيئات التي تنتج موادها وأجزاءها. وتنظم الجمعية معرضًا دوليًا مهمًا كل عامين في باريس بالتناوب مع نظيره الأوروبي، وهو معرض فارنبورو للطيران.
وأهم دول أوروبا في صناعة الطيران هي فرنسا التي تصدر الآلات الحربية لعدد من الدول مثل ألمانيا وإيطاليا. ومن الدول الأخرى ذات الأهمية في صناعة الطيران كل من أسبانيا، وكندا، والهند، والصين، والبرازيل، واليابان، وجنوب إفريقيا. أما أستراليا، ونيوزيلندا، فلديهما منشآت لأعمال صيانة الطائرات. وعلى أية حال، فإن الغالبية العظمى من طائرات الخطوط الجوية أمريكية الصنع والقليل منها أوروبية.
ولدى أستراليا مصانع لها كفاءة في صنع طائرات من أنواع مختلفة، وكذلك صناعة المحركات.
غير أن معظم الطائرات التي صُنعت في أستراليا في الماضي كانت تصنع بترخيص. وهو نظام يعتمد على استخدام تصميم أجنبي مقابل رسوم مدفوعة. وقد تم على هذا الأساس إنتاج طائرات حربية ومحركات متقدمة.
وتمتلك أستراليا ثلاثة مصانع لصناعة الطائرات، اثنان في ملبورن وواحد في سيدني.
تنتج مصانع الطائرات ثلاثة أنواع رئيسية من الطائرات: 1-طائرات الطيران العام. 2- طائرات النقل التجاري. 3- الطائرات الحربية.
وتتراوح أنشطة الطيران العام بين الطيران الشخصي والطيران الترويحي وخدمات الإنقاذ. ومعظم طائرات الطيران العام صغيرة الحجم وذات محرك واحد أو محركين، وبعضها مزود بمحركات نفاثة لكن الغالبية منها تُدار بالمراوح. أما طائرات النقل التجاري فكبيرة وتتسع لنقل الركاب والبضائع أو البضائع فقط. تقوم شركات خطوط الطيران بتشغيل هذه الطائرات، ويتسع أصغرها لما يتراوح بين 20 و 100 راكب على حين يتسع أكبرها لعدة مئات.
ومعظم طائرات النقل التجاري طائرات نفاثة ذات محركين أو ثلاثة محركات أو أربعة. أما الطائرات الحربية فهي تشمل قاذفات القنابل والمقاتلات والناقلات الحربية التي تمتلكها حكومات الدول وتديرها قواتها المسلحة.
تمتلك الحكومة في دول كثيرة بعض أو كل شركات الطيران بها، ملكية خالصة أو ملكية جزئية. وعلى سبيل المثال، تمتلك الحكومة الكندية معظم أسهم شركة دي هافيلاند الكندية، وهي أكبر شركة طيران في كندا. أما في الولايات المتحدة، فإن الشركات الست الكبرى يمتلكها أفراد، وهي: بوينج، وجنرال دايناميكس، ولوكهيد، وماكدونل دوجلاس، وروكويل إنترناشيونال، ويونايتد تكنولوجي.
لقد ارتفعت تكاليف إنتاج الطائرات بمرور السنين. فقد دفع الأخوان رايت أقل من ألف دولار ثمنًا للخامات اللازمة لصنع أول طائرة لهما. أما الآن فإن تكاليف أي طائرة حديثة نفاثة تبلغ ملايين الدولارات. ولا تستطيع شركة صغيرة أن تتحمل نفقات صنع طائرة نفاثة. وحتى الشركات الكبيرة، تواجه متاعب كثيرة في سبيل الحصول على الأموال اللازمة. وكثيرًا ما يتم دمج شركتين أو أكثر لخفض التكاليف. وقد نتج عن عمليات الدمج هذه عدد من أكبر شركات الطيران في العالم، مثل شركة ماكدونل دوجلاس، وروكويل إنترناشيونال، وشركة الطيران البريطانية، والمؤسسة الوطنية لصناعة الطيران في فرنسا.
ولقد تعاون عدد من الدول الأوروبية في مشروعات خاصة لصنع الطائرات. وعلى سبيل المثال، كونت الحكومة الإنجليزية والحكومة الفرنسية شركة ليتقاسما تكاليف صناعة طائرة أسرع من الصوت، وهي الكونكورد. وقد صممت هذه الطائرة لنقل الركاب بسرعة تفوق سرعة الصوت.
الأنشطة العامة للطيران. تضم طيران الترويح، ومَسْح الأراضي، والإرشاد الملاحي، ومعاينة خطوط الهاتف، ونثر الحبوب ورش المحاصيل. ومن أهم الأنشطة أيضًا استخدام الطائرات الخفيفة وسيلةً للمواصلات. وتستخدم معظم شركات خطوط الطيران التي تقوم برحلات داخلية قصيرة، الطائرات الخفيفة التي تتسع عادة لأقل من عشرين راكبًا.
وتخدم مثل هذه الرحلات المدن الصغيرة، كما أنها تُستخدم وسيلة ربط بالمطارات الكبيرة. وتقوم على هذه الخدمات شركات صغيرة تعمل بعدد قليل من الطائرات الخفيفة، كما تمتلك مثل هذه الشركات طائرات تتسع لأكثر من عشرين راكبًا. ولكثير من المؤسسات التجارية طائرات خفيفة خاصة بها. وإلى جانب ذلك، تُستخدم الطائرات الخفيفة في نقل البضائع والركاب في مناطق من العالم تفتقر إلى الطرق والسكك الحديدية.
تعد هيئة خدمات الطبيب الطائر، التابعة لشركة الطيران الملكية الأسترالية مثالاً لخدمات الطيران الخاصة. فالطبيب الطائر خدمة تقدم العلاج الطبي لقاطني المناطق المنعزلة والمناطق النائية.
وقد أنشأها عام 1928م، جون فلين، ومهندس اللاسلكي ألفرد تريجر، وكانت أول محطة لها في كلونكري في كوينزلاند. وكان أول طبيب طائر هو ك0سانت فينسنت ويلتش. وفي حالة المرض، أو عند الحاجة إلى استشارة طبية، يقوم الشخص بالاتصال اللاسلكي بأقرب مركز للطبيب الطائر، وتكون استجابة الطبيب إما عن طريق اللاسلكي أو عن طريق تجهيز طائرة لنقل المريض إلى المركز.
وفي بعض أجزاء من العالم توجد خدمات الإسعاف التي توفر طائرات معدة خصيصًا لنقل المرضى إلى المستشفيات.
تشغيل خطوط الطيران. تمتلك كل دولة من الدول في الغالب خط طيران واحدًا على الأقل. وفي كثير من الدول، تمتلك الحكومة خطًا على الأقل من خطوط الملاحة الجوية.
وهناك نوعان رئيسيان من الخدمات الجوية هما: 1 - الرحلات المجدْوَلة الأساسية 2 - الرحلات الإضافية. تعمل الرحلات الأساسية على طرق محددة وفقًا لجداول مواعيد محددة. أما الرحلات الإضافية فهي التي يتم فيها تأجير الطائرات لمن يريد السفر إلى مكان مخصص. ويسافر في كل عام ملايين الناس إلى المنتجعات السياحية في رحلات إضافية مؤجرة.
تحمل معظم خطوط الطيران الركاب والبضائع كما تحمل خطوط الطيران عادة وزنًا محددًا من أمتعة الركاب. وتُشغّل كثير من خطوط طيران الركاب طائرات تحمل البضائع فقط، غير أن القليل جدًا من خطوط الطيران المرخصة تختص بنقل البضائع دون الركاب.
وتعاني بعض خطوط الطيران من مشاكل مالية سببها انخفاض عدد المسافرين، وارتفاع النفقات، كارتفاع أسعار الوقود. وفي بادىء الأمر، عمد الكثير من أصحاب خطوط الطيران، إلى تخفيض أسعار تذاكر السفر وعمل نظام البطاقات المخفضة لجذب المسافرين، فأدى ذلك إلى زيادة كبيرة في حركة السفر. وفي ثمانينيات القرن العشرين، بدأت خطوط الطيران في رفع قيمة تذاكر السفر، وذلك بسبب استمرار ارتفاع تكاليف التشغيل.
وقامت الحكومات في كثير من الدول الأوروبية بدمج شركتين أو أكثر من شركات خطوط الملاحة الجوية بها، وذلك لكي تُكَوِّن شركة خطوط جوية وطنية واحدة. كما تشارك كثير من شركات الخطوط الجوية الأوروبية في هيئة للعمل من أجل خفض النفقات. ويتعاون أعضاء الاتحاد الواحد في أمور مثل شراء الطائرات وتدريب الطيارين.
تشغيل المطارات. توفر المطارات المدرجات والمعينات الملاحية والخدمات الأرضية الأخرى التي تتطلبها الرحلات الجوية. ويوجد في بعض الدول مطارات مزودة بما يؤهلها للتعامل مع الطائرات الكبيرة. أما بقية المطارات فتكون صغيرة، ولا تستطيع التعامل إلا مع الطائرات الصغيرة الخفيفة.
وتمتلك بعض المدن الكبيرة أو بعض الهيئات العامة عددًا من المطارات الكبيرة. كما أن بعض المطارات الصغيرة تكون بمثابة ملكيات خاصة للأفراد، وغالبًا ما تكون هذه المطارات الصغيرة بمثابة مهابط خاصة لملاكها من الأفراد أو المؤسسات.
الصناعات المساندة للطيران توفر نطاقًا واسعًا من الإمدادات والخدمات لخطوط الطيران والمطارات والطيارين والركاب. فتقوم بعض الشركات بخدمات الإصلاح أو بتزويد الوقود. كذلك تقوم شركات الشحن الجوي بعمل الترتيبات لشحن البضائع جوًا. وتجهز شركات الإمدادات الغذائية الوجبات التي تقدم للركاب. وبالإضافة إلى ذلك تختص بعض شركات التأمين، بالتأمين على الرحلات الجوية.
ويتخصص بعض المحامين في قوانين الملاحة الجوية، وتقوم مكاتب الأرصاد الجوية الخاصة بتزويد الطيارين بمعلومات عن الطقس لا توفرها أحيانًا مكاتب خدمات الطقس الحكومية.
مستقبل الصناعة.
ركزت بعض مصانع الطائرات في الولايات المتحدة، وأوروبا، في أوائل سبعينيات القرن العشرين على صناعة طائرات نقل نفاثة كبيرة. تتسع طائرات الجامبو النفاثة أو الإيرباص لضعف أو ثلاثة أضعاف عدد الركاب الذين تسعهم الطائرات النفاثة العادية. وبناءً على ذلك، فإنها تساعد على خفض تكاليف التشغيل، كما أنها تساعد على تخفيف حركة المرور الجوي في المطارات المزدحمة.
وفي أواسط سبعينيات القرن العشرين، أنزل كل من الاتحاد السوفييتي (سابقًا)، وفرنسا، وبريطانيا، طائرات أسرع من الصوت للخدمة التجارية، غير أن الاتحاد السوفييتي أوقف هذه الخدمة بسبب الصعوبات التقنية التي واجهت الطائرات السوفييتية الصنع.
يشكل الازدحام الجوي في المطارات المهمة إحدى الصعاب الأساسية التي تواجهها الملاحة الجوية . فكثير من المطارات لا يستطيع التعامل بكفاءة مع شدة ازدحام المرور الجوي فيه. ففي ساعات الذروة مثلاً تضطر الطائرات أحيانًا للانتظار لفترات طويلة حتى يُؤْذَن لها بالإقلاع أو بالهبوط.
وقد روعي بناء العديد من المطارات خارج المدن حيث تتوافر الأراضي وحيث لا تزعج ضوضاء النفاثات سكان المدن. ولكن نتج عن ذلك أن أصبح لزامًا على المسافرين قطع مسافات طويلة للوصول إلى المطارات، علمًا بأن زيادة أعداد السيارات في الطرق تتسبب في ازدحام المرور.
ويعتقد بعض الخبراء أن أفضل طريقة لحل هذه الصعاب هو بناء طائرات هادئة الصوت ومتوسطة الحجم وتحتاج مدرجات قصيرة أو لا تحتاج لمدرجات على الإطلاق. ومن هذه الطائرات طائرات من النوع ستول (ذات إقلاع وهبوط قصير) أو طائرات من النوع فتول (ذات إقلاع وهبوط عمودي).
ويمكن، بذلك، بناء مطارات صغيرة على مقربة من مراكز المدن لتشغيل هذه الطائرات، فيقل الازدحام في المطارات المترامية والطرق الرئيسية. وقد بدأت طائرات ستول في خدمة الخطوط الداخلية القصيرة في منتصف الستينيات من القرن العشرين.
اهتمت حكومات الدول منذ بداية صناعة الطيران بالاشتراك في أنشطتها. ذلك لأن للطائرات أهمية كبرى بوصفها أسلحة في الحروب. ولذلك، فقد شجعت وموَّلت دول كثيرة تطوير تصميم الطائرات لتحقيق أغراض عسكرية. كما دعمت دول كثيرة تطوير الطيران المدني (تشغيل الطائرات لأغراض غير عسكرية).
وتنظم الحكومات ملاحة الطيران من منطلق الحرص على الأمن. وبناء على ذلك، فإن لأغلب الحكومات هيئات لفرض قواعد الأمن الجوي، ولمواجهة القضايا الاقتصادية المتعلقة بالطيران. وبالإضافة إلى ذلك فقد انضمت كثير من الدول إلى المنظمة العالمية للطيران المدني. وتعمل هذه المنظمة على تطوير الطيران المدني في كل أنحاء العالم والحفاظ على سلامة الطيران الدولي.
________________________________________
علامات جنسيات الطائرات
تحمل أغلبية الطائرات المدنية حرفًا أو حرفين، أو رقمًا وحرفًا، لتدل على جنسيتها. تطبع علامة الجنسية على أحد جانبي الذيل أو على مؤخرة الطائرة، كما تطبع أسفل الجناح. وتدل الأرقام والحروف التالية لعلامة الجنسية على علامة التسجيل الممنوحة للطائرة بعينها من قبل دولتها. ويتعين على كل دولة عضو في منظمة الطيران المدني الدولية إفادة المنظمة بعلامة جنسيتها.
________________________________________
ويبين الجدول التالي علامات الجنسية لبعض من الدول الأعضاء في منظمة الطيران المدني الدولية.
________________________________________
روسيا RA سنغافورة 9V
أثيوبيا ET السودان ST
الأرجنتين LQ, LV سوريا YK
الأردن JY السويد SE
أسبانيا EC سويسرا HB
أستراليا VH بإضافة الرمز الوطني
فلسطين المحتلة (إسرائيل) 4X سريلانكا 4R
أفغانستان YA الصين B
إكوادور HC العراق YI
ألمانيا D غانا 9G
إندونيسيا PK فرنسا F
أروجواي CX الفلبين RP
أوغندا 5X فنزويلا YV
إيران EP فنلندا OH
أيرلندا EI,EJ قبرص 5B
أيسلندا TF الكاميرون TJ
إيطاليا I كندا C,CF
باراجواي ZP كوبا CU
باكستان AP كوريا الشمالية P
البرازيل PP,PT كوريا الجنوبية HL
البرتغال CR,CS كولومبيا HK
بريطانيا G الكويت 9K
بلجيكا OO كينيا 5Y
بلغاريا LZ ماليزيا 9M
بنغلادش S2 المجر HA
بنما HP مصر SU
بورما XY,XZ المغرب CN
بولندا SP المكسيك XA,XB,XC
بوليفيا CP المملكة العربية السعودية HZ
بيرو OB النرويج LN
تايلاند HS النمسا OE
تركيا TC نيجيريا 5N
تشيلي CC نيكاراجوا YN
تنزانيا 5H نيوزيلندا ZK,ZL,ZM
تونس TS الهند VT
الجزائر 7T هندوراس HR
جنوب إفريقيا ZS,ZT,ZU هولندا PH
جواتيمالا TG الولايات المتحدة N
الدنمارك OY اليابان JA
رومانيا YR يوغوسلافيا YU
الكونغو الديمقراطية (زائير سابقًا) 9Q اليونان SX
وكالات الطيران ومنظماته
وكالات الطيران. تقوم إدارة الطيران الفيدرالي في الولايات المتحدة، بوضع قواعد السلامة الجوية. وهي تصدر القواعد التي تلتزم باتباعها كل الطائرات التي تطير في أجواء الولايات المتحدة.
وأحد أهم أعمال هذه الإدارة تشغيل شبكة مراكز التحكم في مسار المرور الجوي في أنحاء الولايات المتحدة والمناطق التابعة لها. ويستخدم كل من هذه المراكز الرادار والاتصالات اللاسلكية ليساعد الطائرات التي تهبط أو تقلع من منطقته على اتخاذ المسارات المناسبة .
كما تقوم إدارة الطيران الفيدرالية بمنح التراخيص للطيارين. وبالإضافة إلى ذلك، فإن على كل طائرة جديدة أن تحصل على شهادة من إدارة الطيران الفيدرالي قبل أن يسمح لها بالطيران.
وتنص هذه الشهادات على أن الطائرة قد تم فحصها وأنها بحالة صالحة للطيران. وهناك أنظمة مشابهة تقوم بها هيئات دولية أخرى مثل هيئة الطيران المدني البريطانية.
ولكل دولة تقريبًا هيئة تنظم وتطور الطيران داخل حدودها. وتتولى هذه الهيئات إنشاء المطارات، وتسجيل الطائرات والطيارين، وأمورًا مشابهة أخرى.
كما أن لكثير من الحكومات المحلية إدارات تختص بالطيران، وتتولى إنشاء وصيانة المطارات المحلية.
المنظمة الدولية للطيران المدني.
وكالة تابعة للأمم المتحدة، تنتمي إليها غالبية الدول. وهي تضع المعايير العامة للأمن الجوي بين الدول الأعضاء، وتحاول زيادة التعاون في الأمور الأخرى المتعلقة بالطيران الدولي.
منظمات الطيران الأخرى.
تشمل مجموعةً من الهيئات شُكلت لتخدم مصالح خاصة معينة. هناك، مثلاً، هيئة مشغلي خطوط الطيران، وهيئة مصانع الطائرات، وهيئة الطيارين. وينتسب مشغلو خطوط الطيران الدولية في كل بلاد العالم للجمعية الدولية للنقل الجوي.
تاريخ صناعة الطيران
البدايات. كانت الرحلات الجوية الناجحة للأمريكيْين أورفيل وويلبر رايت، عام 1903م، علامة البدء الفعلية لصناعة الطائرات. وقد حاول الأخوان رايت بعد هذه الرحلات الجوية أن يجذبا اهتمام حكومة الولايات المتحدة، وحكومات أوروبية مختلفة لشراء تصميم طائرتهما، ولكنهما لم ينجحا لأنهما لم يحلِّقا بها بشكل رسمي عام، ولم يكن رؤساء الحكومات على ثقة من قدرة الطائرة على التحليق.
وفي ذات الوقت، كان عدد قليل من المخترعين الأوروبيين قد قام أيضًا ببناء بعض الطائرات.
وفي تسعينيات القرن التاسع عشر، قام رائد الطيران الشراعي الألماني أوتو ليلينتال، بصناعة عدد من الطائرات الشراعية بغرض التجارب. وفي عام 1905م، بدأ الطياران الفرنسيان الأخوان شارل، وجبراييل فويزن، بتأسيس أول شركة في العالم لصناعة الطائرات، وصنعا عددًا صغيرًا من الطائرات حسب الطلب في مصنع صغير خارج باريس.
وفي غضون بضع سنين، بدأ طيارون أوروبيون آخرون إقامة شركات لتصنيع الطائرات.
وكان من بين هؤلاء لوي بلريو، والأخوان هنري، وموريس فارمان، (فرنسا)، وفردريك هاندلي بيج، وأليوت فردون رو، وتي.أو.إم. سوبويث (بريطانيا).
وفي عام 1908م، أعلن كولين ديفريز في أستراليا قيامه بأول رحلة طيران بطائرة ذات محرك آلي.
وفي 18 ديسمبر، عام 1909م، حلق كولين ديفريز فوق مضمار السباق في متنزه فكتوريا بسيدني في طائرة مزدوجة السطح من طراز رايت، ولكنه لم يتمكن من التحكم فيها كما ينبغي.
وبالإضافة إلى ذلك، ادعى الميكانيكي الأسترالي فريدكوستانس أنه طار مسافة خمسة كيلو مترات فوق منطقة قريبة من مدينة أدليد في 17 مارس، عام 1910م، ولكن لم يكن هناك شاهد عيان على صدق ادعائه.
وفي 18 مارس عام 1910م، استطاع الساحر المشهور هاري هوديني أن يقوم بالطيران مسافة ثلاثة كيلو مترات قرب مدينة ملبورن أمام تسعة شهود.
وفي 16 يوليو عام 1910م، قاد جون دويجان أول طائرة أسترالية الصنع.وفي عام 1911م، نال طبيب أسنان في مدينة سيدني يسمى دبليو. إي. هارث، أول شهادة ربان طائرة في أستراليا.
وقد عقد أول اجتماع مهم للطيران في العالم في عام 1909م، بالقرب من مدينة ريمس في فرنسا، استُعرضت فيه ثمان وثلاثون طائرة كان أروعها طائرة هنري فارمان المزدوجة السطح. وقد عُرضت ست طائرات للبيع للجمهور وكانت هذه إشارة لازدياد الثقة في كفاءة الطائرة.
وقام الأخوان رايت بأول رحلة رسمية بالطائرة في عام 1908م، فدهش العالم بقدرة طائرتهما على الطيران.
وفي نفس العام، تعاقد سلاح الإشارة بالقوات المسلحة الأمريكية على شراء طائرة من طراز رايت بمواصفات خاصة، وكانت تلك أول طائرة حربية في العالم.
وفي نوفمبر عام 1909م، منح عدد من الأثرياء الأمريكيين الأخوين رايت قرضًا لإنشاء شركة رايت لصنع الطائرات. وقد أقيم مصنع الشركة في مدينة دايتون بولاية أوهايو الأمريكية، في حين كان المقر الرئيسي للشركة في مدينة نيويورك.
وفي خريف عام 1909م، بدأ مغامر أمريكي آخر هو جلن. مارتن، في صناعة الطائرات، وذلك في كنيسة مهجورة في كاليفورنيا. وخلال بضع سنوات، أصبحت شركته رائدة صناعة الطائرات الحربية في الولايات المتحدة.
________________________________________
تواريخ مهمة في صناعة الطيران
________________________________________
1903م قام الأمريكيان أورفيل وويلبر رايت بأول رحلة طيران ناجحة في العالم.
1905م أنشأ الفرنسيان شارل وجابرييل فويزن أول شركة لصناعة الطائرات.
1906م قام البرازيلي ألبرتو سانتوس - ديومونت بأول رحلة طيران عام في أوروبا.
1909م أقيم أول معرض دولي للطائرات في العالم في مدينة ريمس في فرنسا.
1914م بدأت أول الخطوط المجدْوَلة في العالم عبر تامبا باي بين سانت بتسبرج وتامبا
في ولاية فلوريدا، غير أن هذا الخط لم يستمر إلا لبضعة أشهر.
1918م استخدمت حكومة الولايات المتحدة طياري القوات المسلحة للبدء في أول
خدمة دائمة لنقل البريد جوًا.
1919م بدأ تشغيل أولى رحلات الخطوط الجوية المجدْوَلة الناجحة في أوروبا، وقد
استخدمت فيها قاذفات القنابل في الحرب العالمية الأولى مع إجراء تعديلات
عليها.
1919م فاز الأستراليان روس وكيث سميث في أول سباق جوي لمسافات طويلة بين
لندن ومدينة دارون.
1933م كانت طائرة البوينج الأمريكية 247 الأحادية السطح ذات المحركين المصنوعة
من المعدن بالكامل أول طائرة في خطوط جوية حديثة.
1952م بدأت شركة الخطوط الجوية البريطانية لما وراء البحار (حاليًا شركة الخطوط
الجوية البريطانية) في استخدام الطائرات النفاثة دي هافيلاند كوميت في نقل
الركاب.
1959م دخلت أول طائرة نفـاثة أمريكية (البـوينج 707) الخـدمة.
1970م بدأت الخطوط الجوية العالمية بان أميركان (بان آم) خدمات الطائرات النفاثة
الضخمة (الجامبو) بالبوينج 747.
1976م بدأت شركة الخطوط الفرنسية، وشركة الخطوط البريطانية، أولى خدمات
نقل الركاب بطائرات تفوق سرعة الصوت.
1992م أعلنت شركة بان أميركان إفلاسها.
1993م باعت شركة بوينج طائرتها رقم 1,000 من طراز 747.
1995م دشنت الطائرة بوينج 777 لخدمة المسافرين، وهي أكبر طائرة نفاثة في العالم
ثنائية المحركات.
2000م توقفت طائرة الكونكورد عن الطيران إلى حين معرفة أسباب الشروخ التي
ظهرت على جسمها.
أنظمة الطيران الأولى.
في عام 1905م، أسس عدد من الفرنسيين المتحمسين للطيران اتحاد الطيران العالمي في باريس. وكان أحد الواجبات الأساسية للاتحاد تنظيم رياضة الطيران. كما وضع الاتحاد حدود معدلات السرعة الدولية والارتفاع وبعض القواعد الأخرى للطيران.
وما يزال اتحاد الطيران العالمي ملتزمًا بالقيام بهذه الوظيفة.
وفي عام 1908م، وفي مدينة كيسيمي بولاية فلوريدا الأمريكية، صدر أول قانون في العالم ينظم صناعة الطائرات. وقد ألزم القانون تسجيل الطائرات المحلية، كما نظم سرعتها وارتفاعها عند تحليقها فوق المدينة.
الحرب العالمية الأولى (1914-1918م). عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى في أوروبا، كان الإنتاج، حتى في أكبر مصانع الطائرات، لا يعدو القليل من الطائرات في السنة. ولكن، سرعان ما زادت المصانع من إنتاجها لتلبية احتياجات الأمم المتحاربة.
وخلال الحرب العالمية الأولى، أنتجت صناعة الطائرات البريطانية أكثر من 55,000 طائرة. وبحلول عام 1918م، وظفت هذه الصناعة نحو 350,000 شخص. ودخلت الولايات المتحدة الحرب عام 1917م بنحو 110 طائرات حربية، وحولت خطوط التجميع في صناعة السيارات الأمريكية إلى خطوط تجميع لصناعة الطائرات.
وبعد وفاة ويلبر رايت عام 1912م، باع أورفيل نصيبه في شركة رايت التي واصلت الإنتاج تحت اسم رايت. واستخدمت مصانع الطائرات محركات حديثة التصميم لرفع المقاتلات وقاذفات القنابل في الجو.
وقد أنتج المصنعون الأوروبيون المعروفون، أمثال فرمان وهاندلي بيج وفوازون كثيرًا من هذه الطائرات.
كما اشتهر مصنعون أوروبيون آخرون بإنتاج الطائرات الحربية، منهم مورين سولير ونيوبورت (فرنسا) وفوكر ويونكرز (ألمانيا) وبريستول ودي هافيلاند وهوكر وشورت وفايكرز (بريطانيا).
وبحلول عام 1919م، كان المصممون قد صنعوا طائرات منها قاذفات القنابل البريطانية فايكرز فايمي، والكورتيس الأمريكية (NC-4) القادرة على عبور المحيط الأطلسي.
وفي عام 1916م أُسست شركتان للطائرات على الشاطىء الغربي للولايات المتحدة، أولاهما شركة بوينج التي أسسها وليم بوينج في مدينة سياتل، والأخرى هي مؤسسة لوكهيد التي أقامها الأخوان آلان ومالكوم لوكهيد في مدينة سانتا بربارا بكاليفورنيا.
وبمرور الوقت، أصبحت هاتان الشركتان من مصانع الطائرات الرائدة في العالم.
شركات الخطوط الجوية الأولى.
كان الأخوان رايت وبعض الطيارين الأوائل يقومون أحيانًا بنقل الركاب في رحلات جوية قصيرة. وفي عام 1910م، نقلت طائرة تابعة للأخوين رايت 32 كجم من الحرير من مدينة دايتون، إلى مدينة كولمبوس بولاية أوهايو الأمريكية، وربما كان ذلك أول شحن جوي في التاريخ.
وفي عام 1914م، بدأ في الولايات المتحدة أول نقل جوي منتظم للركاب في العالم ولكنه لم يستمر إلا بضعة أشهر فقط.
وقد استعمل أحد الطيارين ويدعى توني جانوس طائرة مائية صغيرة لنقل المسافرين عبر خليج تامبا في فلوريدا.
وقد بدأت الحكومة الأمريكية، في 15 مايو عام 1918م، أولى الخدمات الدائمة لنقل البريد بالجو في العالم، حيث قام طيارون من القوات المسلحة بنقل البريد بين مدن نيويورك، وفيلادلفيا، وواشنطن.
توافرت بعد الحرب العالمية الأولى الألوف من الطائرات الحربية للاستعمال في مجال الطيران المدني. ففي عام 1919م، استُخدمت الطائرات القاذفة للقنابل لتأسيس ما يقرب من 20شركة خطوط جوية صغيرة لنقل الركاب في كل من فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا، وفي العديد من الدول الأوروبية الأخرى.
ومن بين هذه الشركات الجوية شركة أنشأها هنري، وموريس فارمان، تعتبر أول شركة خطوط جوية عالمية للنقل المنتظم في العالم، حيث استُخدمت طائرات فارمان القديمة القاذفة للقنابل في القيام برحلات أسبوعية لنقل المسافرين بين باريس (فرنسا) وبروكسل (بلجيكا).
أما أول شركة خطوط جوية عالمية للنقل المنتظم في بريطانيا، فقد أُسست عام 1919م وكانت تقوم بنقل المسافرين بين لندن وباريس. وفي عام 1924م، اتحدت مجموعة من شركات الطيران البريطانية الخاصة، وكونت شركة الخطوط الجوية الإمبريالية.
وقد قامت هذه الشركة، بدعم من الحكومة، ببناء شبكة كبيرة من المسارات العالمية خلال العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين.
وبحلول عام 1924م، كان العديد من شركات الخطوط الجوية يقوم بنقل المسافرين في 17 دولة أوروبية، وكذلك في إفريقيا وأستراليا وأمريكا الجنوبية. وما زال العديد من هذه الشركات يعمل حتى الآن ومن بينها شركة الخطوط الجوية الملكية الهولندية وشركة سابينا للخطوط الجوية العالمية (بلجيكا) وشركة لوفتهانزا (ألمانيا) وشركة كانتس (أستراليا).
وفي عام 1912م، بدأت خدمات الخطوط الجوية الداخلية في أستراليا، عندما قبلت الحكومة عرض نورمان بريرلي، بتقديم خدمات نقل أسبوعية بين مدينتي دربي، وجيرالدتون غربي أستراليا. وفي عام 1920م، أسس هدسون فيش وشريكه بي.جي. ماكجينس، بالاشتراك مع رعاة الغنم في كوينزلاند، شركة كانتس.
وفي نوفمبر عام 1922م، حصلت شركة كانتس على عقد مدعوم حكوميًا لتشغيل خط خدمات بين مدينتي تشارلفيل، وكلونكاري، في كوينزلاند.
وفي عام 1934م، اشتركت شركة كانتس مع شركة الخطوط الجوية الإمبريالية البريطانية في افتتاح أول خط جوي بين بريطانيا وأستراليا.
لقد تأسست معظم الخطوط الجوية الأولى كشركات خاصة، لكن حكومات كثيرة اتجهت في بداية منتصف عشرينيات القرن العشرين إلى دمج شركتين أو أكثر من شركات خطوط الطيران الخاصة لتشكل شركة وطنية كبيرة على غرار شركة الخطوط الجوية الإمبريالية البريطانية.
تطور الملاحة الجوية.
مع بداية عشرينيات القرن العشرين الميلادي، لم تستمر شركات الخطوط الجوية لنقل الركاب سوى شهور قليلة، وذلك لعدم استطاعتها جذب عدد كاف من العملاء، حيث اعتبر معظم الناس أن الطيران رياضة خطرة لا وسيلة نقل آمنة.
وقد كان الهدف الأساسي للحكومات من الملاحة الجوية هو تطوير خدمات البريد الجوي، ومساعدة الطيارين ليلاً في قيادة طائرات البريد القديمة المكشوفة، ثم وضع كشافات ضوئية على مسافات محددة في المطارات الواقعة في مسار الطائرة، بحيث يمكن رؤية كل كشاف على بعد 80 كم.
وقد تطورت خدمات البريد الجوي، وخدمات نقل الركاب، تطورًا مُطردًا في عشرينيات القرن العشرين.
وكان أحد ملاك هذا النوع من الخطوط الجوية، الأمريكي المعروف هنري فورد صاحب مصانع السيارات.
وفي عام 1926م، أصبح خط فورد للطيران أول خط جوي يحمل البريد الأمريكي.
وفي غضون أشهر قليلة، كانت جميع الشركات الإحدى عشرة تحمل البريد جوًا بين المدن الرئيسية في الولايات المتحدة، كما بدأت بعض الخطوط في نقل الركاب أيضًا.
وفي عام 1926م، حملت الخطوط الجوية في الولايات المتحدة حوالي 6,000 راكب.
وفي عام 1930م، حملت هذه الخطوط أكثر من 400,000 شخص.
نمو الصناعة.
استمر النقل الجوي في النمو خلال أوائل ثلاثينيات القرن العشرين.
ومع بداية عام 1935م، كان للولايات المتحدة أربعة خطوط طيران داخلية، هي: الخطوط الجوية الأمريكية، والخطوط الجوية الشرقية، والخطوط الجوية العابرة للقارات والغربية (المسماة اليوم الخطوط الجوية للنقل العالمي)، والخطوط الجوية المتحدة.
وشملت الخطوط الجوية الأصغر حجمًا كلاً من خطوط برانيف، وخطوط دلتا، وخطوط الشمال الغربي. وكانت للولايات المتحدة شركة خطوط جوية دولية رئيسية واحدة هي بان أميركان.
وقد أُنشئت خطوط الطيران الأيرلندية إيرلنغاس في إيرلندا عام 1936م.
ومدت بريطانيا خط خدمات شركة الخطوط الجوية الإمبريالية ليعمل عبر الهند إلى بورما والملايو وأستراليا وجنوب إفريقيا.
كما أنشأت شركة الخطوط الجوية الألمانية لوفتهانزا شبكة خطوط موسعة في أوروبا وفي آسيا وأمريكا الجنوبية.
وتوحدت خمس شركات فرنسية لتكوّن شركة الخطوط الجوية الفرنسية إير فرانس عام 1933م.
وتأسست أول شركة خطوط جوية عربية في مصر، وهي شركة مصر للطيران التي أسسها طلعت حرب عام 1934م.
وتأسست مؤسسة الخطوط الجوية السعودية عام 1945م، وقبلها تأسست خطوط طيران الشرق الأوسط اللبنانية ثم السورية.
وتوالى بعد ذلك إنشاء الخطوط الجوية في كافة الأقطار العربية واقتضى ذلك بناء العشرات من المطارات المجهزة لاستقبال وسفر ملايين الركاب سنويًا.
ووفاء بزيادة الطلب على طائرات أكثر سرعة وأكبر حجمًا، بدأت مصانع الطائرات في إنتاج طائرات مثل بوينج 247 الأمريكية، ودوجلاس دي سي ـ3.
وما إن ظهرت الطائرة دوجلاس دي سي ـ3 عام 1935م، حتى أصبحت أكثر طائرات النقل شهرة في العالم. كما بدأت عدة شركات من بينها شركة مارتن في الولايات المتحدة (المسماة الآن مؤسسة مارتن مارييتا)، وشركة شورت في بريطانيا، في صنع طائرات مائية وأُطلق عليها اسم قوارب طائرة. وقد استخدمتها خطوط الطيران لتسيير أولى رحلات الركاب عبر المحيط في ثلاثينيات القرن العشرين.
كما بدأت شركات جديدة أخرى في الثلاثينيات أيضًا مثل شركة شمال أمريكا للملاحة الجوية والشركة المتحدة للطائرات المعروفة الآن باسم شركة التقنيات المتحدة وقد تولت هذه الشركات صناعة آلات برات وويتني.
وبحلول الأعوام الأخيرة من ثلاثينيات القرن العشرين، كان الطيران قد أصبح وسيلة نقل مهمة في أغلب أنحاء العالم. فقد حملت الخطوط الجوية عام 1938م، نحو 3,5 مليون راكب في العالم، استخدم أكثر من ثلثهم خطوط الطيران الأمريكية.
وكان لأستراليا في أواخر ثلاثينيات القرن العشرين شبكة خطوط جوية داخلية على درجة عالية من التقدم والنجاح. فقد أسس آل هوليمان وهي أسرة من رواد الطيران الأوائل في أستراليا، الشركة الوطنية للخطوط الجوية الأسترالية.
وفي عام 1936م، أنشأ ريجينالد آنسيت، الذي كان يعمل على عربات النقل في فيكتوريا شركة الخطوط الجوية آنسيت.
الحرب العالمية الثانية (1939-1945م). حرَّمت معاهدة السلام، التي أنهت الحرب العالمية الأولى صناعة الطائرات الحربية في ألمانيا. ومع ذلك، فقد أُنشئت عدة مصانع ألمانية في عشرينيات القرن العشرين، كان من بينها شركتا هاينكل، ومسرزشميت.
وفي منتصف الثلاثينيات، أنتجت شركة هاينكل، وشركة مسرزشميت، وبعض الشركات الألمانية القديمة، أمثال فوكر ويونكرز، الآلاف من قاذفات القنابل، والمقاتلات سرًا لحساب القوات الجوية الألمانية.
وفي الأول من سبتمبر عام 1939م، هاجمت قاذفات القنابل الألمانية بولندا وبدأت الحرب العالمية الثانية.
وسقطت الدول الأوروبية الواحدة تلو الأخرى في يد الألمان.
وفي النهاية، بقيت بريطانيا بمفردها تقريبًا لتحارب القوات الجوية الألمانية.
فأسرعت الشركات البريطانية، مثل أفرو، ودي هافيلاند، وهاندلي بيج، وهوكر، وفايكرز، في زيادة إنتاجها من الطائرات الحربية.
وفي عام 1939م، أنتجت الولايات المتحدة نحو 2,100 طائرة حربية، حيث كان لكل من ألمانيا واليابان قوات جوية أكبر حجمًا.
وقد أنتجت شركة ميتسوبيشي اليابانية طائرات حربية، منها المقاتلة زيرو الشهيرة.
وبعد دخول الولايات المتحدة الحرب في ديسمبر 1941م، ازداد إنتاج الطائرات الأمريكية كثيرًا، فقد اشتركت أكثر من 40 شركة في محاولة ضخمة لإمداد الولايات المتحدة وحلفائها بالطائرات الحربية.
وقد وسَّعت كثير من الشركات مصانعها ووظفت عمالاً إضافيين.
وبحلول عام 1944م، وصل الإنتاج إلى حوالي 100,000 طائرة نقل وقاذفة قنابل ومقاتلة في العام.
وبانتهاء الحرب، كانت مصانع الولايات المتحدة قد أنتجت أكثر من 300,000 طائرة، كذلك كانت دول مثل: ألمانيا وبريطانيا واليابان والاتحاد السوفييتي (سابقًا) قد أنتجت الآلاف من الطائرات. فخلال الحرب كانت صناعة الطائرات هي الصناعة الرائدة في العالم.
عصر جديد للطيران.
أقلعت أول طائرة نفاثة عام 1939م، وتلتها نماذج تجريبية أخرى في عامي 1941م ، 1942م.
وبانتهاء الحرب العالمية الثانية أنتجت كل من ألمانيا، وبريطانيا، والولايات المتحدة طائرات نفاثة عاملة.
لكنها لم تكن سوى طائرات حربية صغيرة لا تصلح لخطوط الطيران. وبعد نهاية الحرب، أنتجت الشركات الأمريكية، طائرات نقل كبيرة مروحية الدفع، تستطيع الطيران لمسافة آلاف الكيلو مترات دون إعادة تزويدها بالوقود، منها الطائرة دوجلاس دي سي-7 والطائرة لوكهيد سوبر كونستليشن.
في عام 1952م، بدأت شركة الخطوط الجوية البريطانية لما وراء البحار، القيام برحلات للركاب على طائرات نفاثة هي طائرات دي هافيلاند كوميت، غير أنه أوقف العمل بهذه الطائرات بعد انفجار عدد منها في الجو. وقد اكتشف الباحثون عيوبًا كثيرة في هيكل الطائرة مما دعا المهندسين في شركة دي هافيلاند إلى إنتاج تصميم محسّن لها.
وفي عام 1958م، استخدمت شركة الخطوط الجوية البريطانية لما وراء البحار، طائرات دي هافيلاند كوميت الجديدة لبدء خدمات نقل للركاب عبر المحيط الأطلسي.
وفي أواخر خمسينيات القرن العشرين، أنتجت الشركات الأمريكية كذلك طائرات نقل نفاثة ناجحة سرعان ما تصدرت النقل الجوي الدولي، وكان أنجحها البوينج 707 التي بدأت الخدمة عبر الأطلسي، وفي الولايات المتحدة عام 1959م.
أدى البدء في استخدام الطائرات النفاثة إلى تحديات جديدة، حيث تتسع الطائرة النفاثة الضخمة لنحو 200 راكب، ومن ثَمّ فإن تحطم الواحدة منها يتسبب في خسائر فادحة في الأرواح.
وبالإضافة إلى ذلك، نشأت مخاطر جديدة على الممرات الجوية بسبب الزيادة في سرعة الطائرات، والزيادة في أعدادها، عن ذي قبل.
وقد استدعى ذلك ضرورة تشكيل هيئات منظمة عديدة مثل الوكالة الاتحادية للطيران في الولايات المتحدة، تلك الوكالة التي أُعطيت صلاحية تحديد وتنفيذ قواعد السلامة الجوية وإجراءات المرور الجوي. وفي 1967م، أعيدت تسميتها، فسميت الإدارة الاتحادية للملاحة الجوية.
وقد نتج عن عمليات دمج الشركات الصغيرة، نشأة العديد من شركات الطيران الضخمة في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين.
وفي عام 1967م، اندمجت شركة ماكدونل، وشركة دوجلاس للطائرات، ونشأ عن ذلك مؤسسة ماكدونل دوجلاس.
كما اندمجت شركة الشمال الأمريكية، وشركة روكويل ستاندرد، ونشأ عن ذلك الاندماج مؤسسة الشمال الأمريكية (روكويل)، ثم اندمجت المؤسسة عام 1973م، مع شركة روكويل الصناعية، ونشأ عن ذلك مؤسسة روكويل إنترناشيونال.
كما اندمجت خطوط الطيران أيضًا؛ ففي عام 1940م، أعيدت تسمية شركة الخطوط الجوية الإمبريالية فأصبح اسمها شركة الخطوط الجوية البريطانية لما وراء البحار.
وفي عام 1946م، أُنشئت شركة الخطوط الجوية البريطانية الأوروبية، لتحل محل شركة الخطوط الجوية البريطانية لما وراء البحار في الخدمات الداخلية والأوروبية.
وفي أواخر الستينيات وأوائل سبعينيات القرن العشرين، فشلت بعض الخطوط الجوية البريطانية المستقلة إذ ابتلعتها خطوط طيران أخرى.
وفي عام 1973م، اندمجت شركة الخطوط الجوية البريطانية الأوروبية، وشركة الخطوط الجوية البريطانية لما وراء البحار، ونشأ عن ذلك شركة الخطوط الجوية البريطانية.
وفي عام 1987م، أصبحت شركة الخطوط الجوية البريطانية شركة خاصة تمامًا.
وفي ستينيات القرن العشرين، أصبح اختطاف الطائرات، أو القرصنة الجوية يشكّل مشكلة خطيرة.
وفي عام 1970م، قام المختطفون في كل مكان من العالم باختطاف أكثر من تسعين طائرة وإرغام الطيارين على الطيران إلى أماكن مخالفة لوجهاتهم، وغالبًا ما كان الاختطاف إلى دول أخرى.
وفي ثمانينيات القرن العشرين، أصبح التخريب خطرًا حقيقيًا حيث نُسفت طائرات عدة أثناء رحلاتها.
وأدى هذا التهديد للنقل الجوي إلى المزيد من الإجراءات الأمنية في المطارات، وأصبح يستدعي قدرًا أكبر من التعاون بين الجهات القانونية المختصة في كل الدول، وذلك من أجل مقاومة الإرهاب.
والواقع أن لمعظم الدول قوانين ضد الاختطاف والإرهاب، لكن هذه القوانين تختلف من دولة لأخرى، ومن هنا ينبع النزاع حول اختيار الدولة التي تقوم بمحاكمة ومعاقبة المختطفين المتورطين في عمليات الاختطاف الدولية.
وقد قامت المنظمة الدولية للطيران المدني بعقد اجتماعات ومعاهدات لتناول موضوع الاختطاف، كما حاولت معالجة مسألة الاختلاف في قوانين الاختطاف بين الدول الأعضاء.
ولقد أضاف ازدياد الإرهاب الدولي بعدًا مرعبًا لأزمة الاختطاف.
وبحلول عام 1970م، كانت الطائرات النفاثة قد حلت محل الطائرات المروحية في معظم الخطوط الجوية الرئيسية.
ففي عام 1970م، أصبحت بان أميركان (بان آم) أول شركة خطوط جوية تستخدم الطائرات النفاثة الضخمة (الجامبو)، وذلك بتشغيل الطائرة النفاثة البوينج 747.
وفي عام 1976م، بدأت كل من فرنسا وبريطانيا في استخدام الطائرة الكونكورد الأسرع من الصوت، كما بدأت شركة بوينج في الولايات المتحدة في صنع طائرة تفوق سرعتها سرعة الصوت غير أن هذا المشروع توقف في عام 1971م.