السجود للمسيح
وتتحدث الأناجيل عن سجود بعض معاصري المسيح له، ويرون في سجودهم له دليل ألوهيته واستحقاقه للعبادة، فقد سجد له أب الفتاة النازفة «فيما هو يكلمهم بهذا إذا رئيس قد جاء، فسجد له » متى 9/18)، كما سجد له الأبرص «إذا أبرص قد جاء وسجد له » متى 8/2)، وسجد له المجوس في طفولته « فخروا وسجدوا له، ثم فتحوا كنوزهم » متى 2/11 ).
فيما رفض بطرس سجود كرنيليوس له، وقال له : «قم أنا أيضاً إنسان» أعمال 10/25)، فقد اعتبر السجود نوعاً من العبادة لا ينبغي إلا لله، وعليه يرى النصارى في رضا المسيح بالسجود له دليلاً على أنه كان إلهاً.
ولا ريب أن السجود مظهر من مظاهر العبادة، لكنه لا يعني بالضرورة أن كل سجود عبادة، فمن السجود ما هو للتبجيل والتعظيم فحسب، فقد سجد يعقوب وأزواجه وبنيه لعيسو بن إسحاق حين لقائه « وأما هو فاجتاز قدامهم، وسجد إلى الأرض سبع مرات، حتى اقترب إلى أخيه.. فاقتربت الجاريتان هما وأولادهما وسجدتا، ثم اقتربت ليئة أيضاً وأولادها وسجدوا. وبعد ذلك اقترب يوسف وراحيل، وسجدا » التكوين 33/3-7).
كما سجد موسى عليه السلام لحماه حين جاء من مديان لزيارته «فخرج موسى لاستقبال حميه، وسجد، وقبّله» خروج 18/7)، وسجد إخوة يوسف تبجيلاً لا عبادة لأخيهم يوسف « أتى إخوة يوسف، وسجدوا له بوجوههم إلى الأرض» التكوين 42/6)، واستمرت هذه العادة عند بني إسرائيل « وبعد موت يهوياداع جاء رؤساء يهوذا، وسجدوا للملك » الأيام -2- 24/7).
وكل هذه الصور وغيرها لا تفيد أكثر من الاحترام، وعليه يحمل سجود من سجد للمسيح، فيما كان رفض بولس وبطرس لسجود الوثنيين لهما بسبب أن مثل هؤلاء قد يكون سجودهم من باب العبادة، لا التعظيم، خاصة أنهم يرون معجزات التلاميذ، فقد يظنونهم آلهة لما يرونه من أعاجيبهم.