منذ أن انطلقت سلسلة أفلام (Twilight) وحققت واحدا تلو الآخر نجاحا مذهلا، أصبحت شخصية البطل إدوارد كولن هي الشغل الشاغل للمراهقين والمراهقات على السواء.
إدوارد كولن مصاص الدماء الوسيم بقامته الفارعة الطويلة، رغم شحوب وجهه البالغ، ونظراته الحنونة المليئة بالأسرار والغموض، أصبح فتى أحلام الفتيات تحت العشرين، ليس فقط لوسامته ومظهره العصري بالسترة الجلدية والجينز وقيادة الدراجة البخارية السريعة، بل أيضا لشهامته وشخصيته الجذابة وأخلاقه العالية وتعامله المهذب دائما مع الجميع، بالإضافة إلى حنانه البالغ ورقته. صفات تجعل من الصعب على أي فتاة ألا تعجب به حتى ولو كان من مصاصي الدماء!
وإذا أضفنا إلى كل ذلك إخلاص إدوارد الشديد لحبيبته الوحيدة على مر الزمان (بيللا سوان) ربما نفهم السر الحقيقي وراء تعلق الفتيات الشديد به وانبهارهم بشخصيته، فالرجل المخلص لفتاة واحدة أصبح عملة نادرة جدا في هذه الأيام، مما جعله يحصل على لقب "الشاب المثالي" بين أجيال الشباب.
وهذا ينقلنا إلى الشق الثاني، وهو العبء الكبير الذي وضعته شخصية إدوارد كولن على كاهل الفتيان والشباب، فبسبب تعلق الفتيات الكبير بهذه الشخصية، وبحثهن عن أكثر من يشبه إدوارد شكلا وموضوعا على أرض الواقع، أصبح بطل (Twilight) هو الغريم اللدود لكل الفتيان، وربما لا ينافسه في عالمنا العربي حاليا سوى (كريم) بطل مسلسل فاطمة التركي ومواطنه الأشهر على الإطلاق (مهند)!
المشكلة هنا تكمن في ارتفاع تطلعات المراهقات، وحلمهن بأن يحظين في المستقبل القريب وعلى أرض الواقع بعلاقة عاطفية "مثالية" مع شخصية مثل شخصية إدوارد كولن، وينسين أن إدوارد نفسه ليس سوى شخصية خيالية من الصعب أن يحظى فتيان الواقع بمثاليتها ومواصفاتها التي يندر جدا أن توجد في شخص واحد.
تحول الأمر مع المراهقين والمراهقات إلى ما يشبه العقدة النفسية.... عقدة إدوارد كولن، فالفتيات هائمات في سماء الخيال مع مثل هذا الحبيب المثالي، وعندما يأتي الوقت الذي عليهن فيه التعامل مع الشباب على أرض الواقع، ويكتشفن مدى الاختلافات بينهم وبين فتى الأحلام، سيشعرن بصدمة كبيرة قد تسبب لهن مشاكل كبيرة في علاقاتهن المستقبلية مع خطيب أو زوج.
أما الشباب، فقد أصيبوا بنفس العقدة، لكن بطريقة عكسية، فإدراكهم لشغف الفتيات وعشقهن لشخصية إدوارد كولن لا يدفعهم لإصلاح أنفسهم ومحاولة التحلي ببعض صفات تلك الشخصية المغناطيسية، حتى ولو على مستوى الأخلاقيات والتعاملات، بل يندفعون فقط في اتجاه الكراهية لإدوارد، والغيرة العمياء منه، ومحاولة ذمه في كل مناسبة على مسمع من الفتيات في محاولة يائسة لحثهن على تغيير وجهة نظرهن فيه.
فالكاتبة الأمريكية ستيفاني ماير عندما كتبت روايتها الأشهر (Twilight) وكونت أركان شخصية البطل إدوارد، أقامت دون أن تدري حاجزا نفسيا عاليا بينه وبين الفتيان ممن هم في نفس مرحلته السنية، كما تسببت في ارتفاع توقعات الفتيات وتحليقهن بعيدا بعيدا في سماء الخيال مع فارس الأحلام المثالي الذي تندر للغاية فرصة وجود من هو مثله على أرض الواقع، فالبشر ليسوا ملائكة، ولابد من وجود نقائص في كل إنسان.
قد يقول البعض إنه من المعتاد والمتعارف عليه وقوع المراهقات في غرام الشخصيات الخيالية، لكن ربما ازداد الأمر صعوبة هنا ليس بسبب تكامل ومثالية شخصية إدوارد وحدها، لكن أيضا بسبب العلاقة المثالية الرائعة التي ربطته على مدار 5 أجزاء من (Twilight) بشكل مليء بالإخلاص والتفاني والحب الحقيقي القادر على الخلود. تقول إحدى الإخصائيات في علم النفس إن الفتاة المراهقة قد تتنازل عن بعض الصفات المثالية الموجودة في إدوارد عند اختيارها لحبيب على أرض الواقع، لكنها أصبحت لا تتصور فكرة التنازل عن الحصول على علاقة حب رائعة مثالية كتلك التي ربطت إدوارد بحبيبته بيللا، علاقة تجمعها بإنسان لا يتنازل عنها أبدا مهما كانت الأسباب والصعوبات التي قد تحول بينها وبينه.
وفي النهاية، دعني نسألكم هل أصابتك عقدة إدوارد كولن، أو تعرفون من أصيب بها؟ حدثونا عن ذلك لو أمكن في تعليق.