TODAY - February 24, 2011
صور الموت والرعب في قلب طرابلس، وسرٌّ ابتعاد أصدقاء القذافي عنه
تقول التقارير إن المئات لقوا حتفهم خلال احتجاجات الليبيين ضد نظام القذافي.
صور المقابر والجثث، الأسلحة والدماء، الحرائق والخراب تملأ مساحات واسعة من الصحف البريطانية الصادرة اليوم، والتي ترصد آخر تطورات الوضع في ليبيا التي غدا قسم كبير منها في قبضة من ثاروا في وجه معمَّر القذافي بعد أن بسط سلطته على البلاد منذ قرابة 42 عاما.
لكننا نجد أيضا في صحف اليوم مساحة واسعة لأفراح "النصر" الذي حققه الثائرون في المدن الليبية "المحررّة" من سلطة العقيد القذافي الذي تقول التقارير إنه لم يعد يسيطر سوى على بعض أجزاء العاصمة طرابلس والمناطق الواقعة غربي البلاد.
فتحت عنوان "طرابس: مدينة في ظلال الموت"، تنشر صحيفة الإندبندنت تحقيقا ميدانيا لمراسلها في منطقة الشرق الأوسط، روبرت فيسك، الذي يقول إنه أرسل أول تقرير صحفي ميداني من قلب العاصمة الليبية التي تمزقها الحرب بين أنصار القذافي والثائرين على سلطته.
يبدأ فيسك تحقيقه، الذي تفرد له الصحيفة كامل صفحتيها الأولى والثالثة، برصد صورة ما بدت عليه الحياة في مطار طرابلس الدولي الذي يقول إنه وصله ليلا.
يقول فيسك إنه رأى في المطار حوالي 15 ألف طفل وامرأة ورجل وقد راحوا يصرخون ويصيحون وسط الزحام والضوضاء علَّهم يفوزون بمقاعد على متن الطائرات القلائل التي كانت لا تزال مستعدة لتسيير رحلاتها من دولة معمَّر القذافي "المتهالكة"."انتشرت على جانبي الطريق مجموعات من الشبان المسلحين برشاشات الكلاشينكوف، وقد نصبوا متاريس من الكراسي التي قلبوها رأسا على عقب، ومن الأبواب الخشبية"من تقرير لروبرت فيسك في الإندبندنت
رشوة
ويروى المراسل كيف أنه رأى بأم عينيه أشخاصا "يرشون الشرطة الليبية المرة تلو الأخرى لكي يسهِّلوا لهم أمر الوصول إلى نافذة التذاكر، شاقين الطريق وسط حشود الأسر التي بللتها مياه الأمطار الغزيرة وهدَّها الجوع واليأس والخوف".
ويمضي قائلا: "لقد ديس العديد بين الأقدام بينما راح رجال الأمن يضربون بشكل وحشي من كانوا يتدافعون للوصول إلى المقدمة".
ويردف قائلا: "من بين أولئك كان هنالك أخوان للقذافي من العرب، ومنهم آلاف المصريين الذين أمضى بعضهم يومين في المطار بلا طعام، أو بدون الذهاب إلى الحمامات. لقد ملأت المكان روائح البراز والبول والخوف".
أمَّا جولة الـ 45 دقيقة التي أمضاها فيسك داخل طرابلس، فيقول إنها كانت فرصته الوحيدة ليعود بمخزون هائل من المشاهدات والصور المرة التي تحكي قصص الموت والرعب والجوع والخوف في عاصمة "ملك ملوك أفريقيا".
يقول فيسك: "انتشرت على جانبي الطريق مجموعات من الشبان المسلحين برشاشات الكلاشينكوف، وقد نصبوا متاريس من الكراسي التي قلبوها رأسا على عقب، ومن الأبواب الخشبية".
وجد الآلاف من الأجانب أنفسهم فجأة مضطرين لمغادرة ليبيا بعد اندلاع الثورة فيها ضد النظام.
ويضيف: "هنالك القليل من الطعام في طرابلس التي لفَّتها طبقة داكنة من الغيوم سرعان ما انهمرت أمطارا غزيرة فاستحالت سيولا بلون بني ملأت الساحة الخضراء قبل أن تتدفق إلى شوارع طرابلس القديمة فتغمرها".
وترفق الصحيفة التحقيق بصورة لأشخاص منهمكين بتحضير عدد كبير من القبور، وأخرى لشارع خاوٍ في المدينة إلا من رجلين يظهران كشبحين من بعيد وسط سحب من الدخان الأسود الذي يلف المدينة المشتعلة.
داخل أول مدينة "حرَّة"
وعلى الجانب الشرقي من البلاد تطالعنا الجارديان بتحقيق ميداني لمراسلها في بنغازي، مارتن تشولوف، الذي يقول إنه كان أول صحفي غربي يصل المدينة التي انطلقت منها في السابع عشر من الشهر الجاري الشرارة الأولى للانتفاضة ضد نظام القذافي.
فتحت عنوان "داخل أول مدينة حرَّة في ليبيا"، تنشر الصحيفة التحقيق الذي تفرد له معظم صفحتها الأولى، لتكمله على على الصفحتين الرابعة والخامسة.
يقول المراسل: "هنا في قلب المدينة التي شهدت تدشين رحلة صعوده إلى السلطة اكتملت الآن مهانة معمَّر القذافي".
اندلعت في مدينة بنغازي الشرارة الأولى للثورة ضد نظام معمَّر القذافي.
ويضيف: "في غضون أقل من ثلاثة أيام من الهيجان والثوران، فعل المتمردون في ثاني أكبر مدينة في ليبيا ما بوسعهم لإعادة عقارب الساعة 42 عاما إلى الوراء: أي إلى حياة ما قبل الدكتاتور الذي باتوا يمقتونه الآن شر مقت".
ورغم إيلاء صحيفتي التايمز والديلي تلجراف اليوم الأهمية القصوى لتعثر جهود الحكومة البريطانية بإغاثة مواطنيها الذين تقطعت بهم السبل في ليبيا، فإننا نطالع في الصحيفتين أيضا عددا كبيرا من التحقيقات التي تعكس صور الموت والدمار والخوف في طرابس.
فتحت عنوان "لقطة وراء لقطة، تتكشف صورة المدينة التي تعيش في ظل إرهاب خسيس"، نقرأ في التايمز تحقيقا عن "الأخبار التي أخذت ترشح من شوارع طرابلس، وهي قصص تقشعر لها الأبدان".
ابتعاد أصدقاء القذافي
وفي تحقيق بعنوان "أصدقاء المقامات العالية يديرون ظهورهم لطرابلس"، نطالع في الفايننشال تايمز أيضا تحقيقا لمايكل بيل يتحدث فيه عن انفراط عقد الصداقات والعلاقات التي ربطت معمَّر القذافي بالعديد من قادة العالم من روما، إلى كراكاس، إلى روسيا، وغيرها من البلدان.
وترفق الصحيفة التحقيق بصورة للقذافي محاطة بصور لزعماء، كرئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الفنزويلي هوجو شافيز، ورئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني، وغيرهم، وقد باعدتهم عنه جميعا مجموعة ظروف وأسباب، ليس أقلها الصورة التي بدا عليها القذافي وهو يهدد شعبه الأربعاء بـ "الموت والثبور وعظائم ألأمور".
نأى أصدقاء القذافي بأنفسهم عنه بعد تسببه بمقتل المئات من أفراد شعبه الثائر ضده.
يقول التحقيق: "إن القمع العنيف الذي نفَّذه معمَّر القذافي ضد الثورة التي قامت في وجه حكمه بدا يسبب تراجع وابتعاد أشخاص بارزين ومؤسسات مرموقة عنه بعد أن كانوا على علاقة قوية ببلاده على مر السنوات القليلة الماضية".
وفي تحقيق ذي صلة، نقرأ في الصحيفة ذاتها أيضا عن قيام جامعة لندن للاقتصاد بإعادة النظر بشهادة الدكتوراه التي كانت قد منحتها لنجل القذافي، سيف الإسلام، عام 2007، بناء على الأطروحة التي قدمها حول "دور المجتمع المدني في تحويل مؤسسات الحكم العالمية إلى مؤسسات ديمقراطية".
أما عن السبب الذي حدا بالجامعة المرموقة لاتخاذ مثل تلك الخطوة، فتقول الصحيفة إنها جاءت بعد تقدُّم العديد من الناشطين بطلبات لإبطال تلك الشهادة الممنوحة لسيف الإسلام بداعي قيامه بارتكاب العديد من "السرقات الأدبية" التي مكنته من نيلها.
مليارات الملك
يحاول الملك عبد الله درء مخاطر أي اضطرابات محتملة عبر إجراء إصلاحات استباقية
وعلى صدر الصفحة الأولى من الفايننشال تايمز، نطالع تحقيقا رئيسيا بعنوان "محاولة بـ 36 مليار دولار أمريكي لهزيمة الاضطرابات"، وثلاثة عناوين فرعية تقول: "الملك يقدم حزمة مالية"، والمتظاهرون يدعون إلى يوم غضب"، وأسعار خام برينت المستقبلية تقفز".
وفي التفاصيل نقرأ عن الملك السعودي، عبد الله بن عبد العزيز، العائد من رحلة علاج ونقاهة طويلة في الولايات المتحدة والمغرب دامت قرابة ثلاثة أشهر، ليرى المنطقة تغلي على نار الثورات والاضطرابات، فلم يكن منه سوى تقديم ما يعتقد أنه قد يدرأ الأسوء عن بلاده عبر حزمة الإصلاحات والمساعدات تلك.
بركة الدماء
ووسط الموت والخوف والألم، نطالع على صفحات الرأي والتحليل في صحف اليوم عددا من الرسوم الكاريكاتيرية الساخرة التي تعكس بعضا من بشاعة ما تشهده ليبيا هذه الأيام من قتل ورعب وسفك دماء.
ففي التايمز، نطالع رسما تظهر فيه وسط الصحراء بركة كبيرة من الدماء، وقد أحد المسافرين في الصحراء وناقة من ناقتيه يلعقان الدماء من البركة بلسانيهما، بينما راح شخص آخر وناقته يرقبان المشهد وكأنهما يربآن بنفسيهما عن فعل الشيء ذاته.
أمَّا الشخص شارب الدماء، فليس سوى "الزعيم" الليبي معمَّر القذافي، قبل أن تتقطع به السبل ويتوه في الصحراء لا يجد فيها ما يروي ظمأه سوى الدماء التي أُريقت قبل حين.
وفي الأإندبندنت، نطالع أيضا رسما كاريكاتيريا ساخرا آخر يظهر فيه بائع آيس كريم (بوظة) بريطاني بعربته الزاهية الألوان، وقد راح يوزِّع بضاعته على زبائنه بعبوات على هيئة صواريخ.
وليس بائع البوظة هذا سوى رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، وما زبائنه سوى مجموعة من القادة والزعماء العرب بأزيائهم الخليجية التقليدية
ربما لخَّص الرسم قصة تهافت القادة العرب على شراء المعدات العسكرية البريطانية الخاصة بقمع المحتجين والمتظاهرين في موسم الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية التي راحت تجتاح المنطقة على حين غرة."هنا سلَّطوا علي جهاز الصدمات الكهربائية. هنا لا تزال شظايا ونثرات أخشاب تحت الجلد حيث كانوا يضربونني"الشيخ محمد حبيب المقداد، معارض بحريني
رشاش القذافي
وفي الديلي تلجراف نطالع أيضا رسما آخر يظهر فيه القذافي متمنطقا برشاش ومسدس وقنبلتين، وقد راح يطلق الرصاص في الجو بشكل عشوائي.
وتظهر في الرسم أيضا طائرات حربية تدك المكان بالصواريخ والقنابل، وكأن القذافي ينفذ وعيده لليبيين يوم الثلاثاء الماضي "بتطهير مدنهم شارعا شارعا وبيتا بيتا"، إن هم مضوا في عصيانهم له.
وفي الرسم نرى أيضا أربعة من قادة الدول العربية الأخرى وهم يغسلون أيديهم من الزعيم الذي ظل حتى الأمس القريب يقاسمهم منصات إلقاء الكلمات والخطب خلال قمم جامعة الدول العربية.
الشيخ المقداد
تتواصل الاحتجاجات في البحرين رغم الإفراج عن سجناء المعارضة مؤخرا.
وفي الشأن البحريني، نطالع في صحيفة التايمز تحقيقا مصوَّرا بعنوان "شيخ يعرض الندوب الناجمة عن التعذيب الذي ذاقه في السجن بسبب مطالبته بالإصلاح".
يقول التحقيق، الذي أعده مراسل الصحيفة في العاصمة البحرينية المنامة، هيو توملينسون: "إن النظر إلى جسد الشيخ محمد حبيب المقداد يسبب الحزن والأسى، لطالما غطَّت منطقة الجذع فيه العشرات من علامات الحروق والندوب وآثار الكدمات التي امتدت إلى أسفل قدميه".
وينقل التحقيق عن الشيخ المقداد قوله عن معاناته على أيدي سجانيه: "هنا سلَّطوا علي جهاز الصدمات الكهربائية. هنا لا تزال شظايا ونثرات أخشاب تحت الجلد حيث كانوا يضربونني".