مقال بقلم : نبيل اليعقوبي/ صحفي رياضي
ضريبة التفوق عنوان ينطبق على الكثير من أمور حياتنا, واليوم العملاق الكتالوني برشلونة يدفع هذه الضريبة بعد أن مني بخسارته الأولى منذ أشهر عدة على يد الآرسنال في دوري الأبطال, حيث ما لبث وأن أطلق حكم المباراة صافرة النهاية إلا وانهالت موجات السخرية على أمتع وأفضل فريق في العالم.
"للنجاح أعداء" هكذا اعتدنا منذ زمن طويل وأعداء برشلونة كثر, البعض لا يستهويهم ما يقدمه الساحر ميسي وزملائه لأنه عاشق للملكي وهو حق مشروع والبعض لا تعجبهم طريقة لعب البرسا, والبعض الآخر هم من أسميتهم بـ"أعداء النجاح" ورسالتي اليوم موجهة لهذه الفئة بالتحديد.
في البداية وبعيداً عن التعصب دعنا نتفق جميعاً أن برشلونة هو أفضل من يقدم كرة قدم في العقد الأخير من الزمن ولا شك أنه أكثر الفرق نجاحاً وهو ملك ما يسمى بالـ"تيكي تاكا" سواءً أعجبنا ذلك أم لا, والمضحك حقاً أن آلاف من تعليقات السخرية والاستهزاء هزت المواقع والمنتديات بعد الخسارة في الذهاب فقط ولم ينتظروا حتى النتيجة النهائية وانتهاء مباراة الإياب والتي أتوقع شخصياً أن تنتهي باكتساح البرسا للآرسنال.
نعم الفوز على البرسا في مباراة واحدة يعد بطولة بحد ذاتها, والعالم شاهد كيف احتفل لاعبو الآرسنال بالانتصار وكأنهم رفعوا كأس دوري أبطال أوروبا ونسوا أن الكتالونيين يحضرون لهم أحبال المشنقة هناك في الكامب نو.
ورسالتي هي أنه في حال نجح الآرسنال في مهمته الإعجازية مثل ما نجح الانتر الموسم الماضي وأخرج البرسا وبقي غوارديولا وتلاميذه من دون بطولات وحُرمت خزينة برشلونة من كؤوس جديدة سيبقى هو الأفضل والأمتع وسيسجل التاريخ وستكتب المدونات بعد مرور الأعوام على أن نادي العاصمة الكتالونية كان الأقوى في العشرية الأولى من القرن الـ21 كما سجل أن البرازيل كانت الفريق الحلم في فترة الثمانينيات من القرن الـ20 من دون أن تحرز لقب العرس الكروي الكبير كأس العالم وكما سجل أن هولندا كانت الأجدر بإحراز كأس العالم في فترة السبعينيات دون أن ترفعه, وكما سجل أن الريال أفضل فريق في تاريخ كرة القدم على الرغم من أن الألقاب غابت عنه لأعوام عديدة.
قد تكون خسارة البرسا وخروجه نقطة إيجابية لكرة القدم وأختلف مع بعض الزملاء الذين يقولون أن توديعه خسارة للكرة العالمية لأننا في النهاية نتطلع للمنافسة وننبذ الاحتكار كما هو الحال في التجارة والدراسة والعمل أو أي من المسابقات الرياضية فأساس المتعة والإثارة هو المنافسة, ولولا مشاهدتنا لبطل جديد في كؤوس العالم أو دوريات أبطال أوروبا لما سمينا لعبتنا بالمعشوقة المستديرة ولما أصبحت الأكثر شعبية في العالم, ولو أن البرسا استمر بالفوز في الدوري الاسباني ودوري الأبطال والبرازيل استمرت بالفوز بكأس العالم لانتقلنا لمتابعة كرة اليد أو السلة أو الطائرة.