TODAY - February 23, 2011
فلسفة سياسية خاصة وتاريخ طويل من تصفية المعارضين الليبيين
سلطات مطلقة بيد القذافي والتنازل أمام الضغط الدوليّ مستبعد
يستبعد المراقبون أن يخضع العقيد معمر القذافي إلى الضغط الدوليّ الهائل المسلط على نظامه لوقف قمع المحتجين بتلك القسوة، فتاريخ الرجل في قمع الانتفاضات والمعارضين وفلسفته السياسية الخاصة والغامضة تجعله يحكم قبضته على السلطة إلى آخر لحظة.
واشنطن
كتبت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية مقالة تحليلية عن الكيفية التي وصل فيها معمر القذافي إلى الحكم عبر انقلاب عسكري أبيض وكيف أنه ألغى كل الرتب العسكرية التي تتقدمه.
ومنذ ذلك الوقت أبقى قبضته على الحكم من خلال تدمير أي معارضة.
ولتحقيق فرض سطوته ملأ كل المناصب الحكومية والعسكرية الأساسية إضافة إلى قوات حمايته بأفراد من عائلته وقبيلته.
وجاءت خطبه الأخيرة لتؤكد انه ما زال يقبض على مفاتيح السلطة. وكانت خطبه أكثر تقليدا لخطب صدام حسين منها لحسني مبارك.
مع ذلك فإن سلطته أضعف في الجزء الشرقي من ليبيا والتي كانت مركز السلطة قبل انتزاع القذافي للحكم وهناك بدأت الاحتجاجات أولا.
ولم يبذل القذافي جهدا كبيرا لكسب التأييد هناك، بل بدلا من ذلك جعل من طرابلس العاصمة الجديدة تاركا الشرق يعيش حالة من الركود.
وقال شاهد عيان إن هناك كثيرا من الأدلة التي تشير إلى عدم وجود سلطة حكومية في شرق ليبيا.
وتحكم ليبيا باعتبارها ثلاث ولايات تتمتع بالحكم الذاتي قبل وصول القذافي إلى الحكم ويرجع الفضل له في قسر هذه الكتل الثلاث كي تنصهر في دولة واحد. ومن دون قبضة القذافي يمكن لليبيا أن تتفكك ثانية حسبما يرى بعض الخبراء.
ماهي فلسفته السياسية؟
تتحدد فلسفة القذافي بكونها اشتراكية إسلامية وقام بتحديدها في "الكتاب الأخضر" الذي صدر خلال السبعينات من القرن الماضي.
وفيه نظّر للديمقراطية المباشرة وأدار ليبيا من خلال نظام المجالس والمؤتمرات الشعبية. وسمح غياب قادة آخرين في "ديمقراطية" ليبيا له بتركيز مفاتيح السلطة أكثر في يده.
وعبر في كتابه الأخضر عن رغبته في إنهاء الروح القبلية لكن وكالة رويترز وصفت طريقته في التعامل مع قبائل ليبيا بأنه تستند إلى مبدأ "فرق تسد"، وذلك من خلال دفع بعضها ضد البعض الآخر لمنع أي تحد لسلطته المطلقة.
كذلك حاول القذافي أن يظهر نفسه باعتباره مناصرا لقضايا الامم الصغيرة فوقف ضد القوى العالمية البارزة وفي خطابه الاخير وصف ليبيا باعتبارها بلدا يجب أن ينظر إليها باحترام وأنها ستقود العالم ذات يوم.
هل حدث قمع في الماضي مماثل للقمع الذي يمارسه القذافي الآن؟
على الرغم من أن البطش الذي يمارسه القذافي الآن لم يكن له نظير في الماضي فإن حكمه الذي استغرق حتى الآن 41 سنة قد قام بتصفية كل أشكال المعارضة في ليبيا حيث استخدام احيانا وسائل شديدة القسوة. فخلال التسعينات من القرن الماضي قام بسحق انتفاضة الطلبة عن طريق نشر لواء عسكري ضدهم. وقد قتل العديد منهم والكثير منهم وضعوا في السجن.
وفي عام 1996، نظم معتقلو سجن أبو سليم السيئ الصيت انتفاضة جرى قمعها بوحشية حسبما ذكر منظمة "مراقب حقوق الانسان" حيث قتل خلالها 1200 شخص. وجاء انطلاق هذه الانتفاضة بمناسبة إحياء ذكرى تلك المذبحة الكبرى.
هل سيتنازل أمام الضغط الدولي؟
منذ أن بدأ بضرب الانتفاضة الاسبوع الماضي ظل القذافي تحت وابل من الانتقادات الحادة من المجتمع الدولي – إضافة إلى تخلي العديد من الدبلوماسيين عنه. لكنه لا يبدو حتى الآن مستعدا للتنازل، لكنه سبق أن خضع للضغوط الدولية في الماضي.
ففي عام 1988 انفجرت طائرة بانام 103 فوق منطقة لوكربي باسكتلندا وتلك الحادثة اطلق عليها تفجير لوكربي.
وقد وجهت الولايات المتحدة واسكتلندا التهم ضد رجلين ليبيين، لكن القذافي أنكر تورط ليبيا بذلك العمل الإرهابي، مما أدى إلى فرض عقوبات دولية على ليبيا.
لكن القذافي اعترف في عام 2003 بمسؤوليته عن الحادث وقال إنه سيدفع تعويضات لعوائل الضحايا الذي ماتوا نتيجة لانفجار الطائرة، وتم تحقيق هذا الوعد عام 2008.
وفي نفس السنة وافق القذافي على التخلي عن برنامج الأسلحة النووية الليبي. وهذا ما أدى إلى انتهاء عزلته عن الولايات المتحدة.
وقد أنهى الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش الحصار الاقتصادي الذي كان مفروضا على ليبيا.