عُدٌ الصبا ( حب الشباب )ِ acne ephebica
الجزءالاول
كان بودي أن اكتب موضوعا يتعلق بكل فرد ، الا أني غيرت فكرتي وعزمت أن ابدأ بهذا، لأهميته الجسدية والنفسية ، مع العلم سبق وان نشرت هذا الموضوع في مكان آخر، وخشية أن يقع الكثير من القراء ضحية مقالات منقولة من هنا وهناك ، لذا عزمت على نشرها مجددا هنا ، عل هناك من يجد فيها مايفيده .
وبما أني تطرقت لحب الشباب من كل جوانبه ، لذا جاء مطولا مما يجعل القارئ يشعر بنوع من الملل . غير اني وتلافيا لهذه المشكلة ، كتبته بأسلوب مبسط لكي يفهمه القارئ الغير مختص وان لا يلاقي صعوبة في فهمه ، ورأيت أن انشره على شكل مسلسل ليكون أسهل هضما.
المقدمة
أمران ان قد دفعاني لكتابة هذا الموضوع ، اذكر احدهما ولا أتطرق للثاني.
الأمر الأول سبق وان استلمت رسالة من احد اخواني ، يطلب فيها أن اكتب موضوعا عن عد الصبا ( حب الشباب ) ولمست من خلال رسالته القلق النفسي ، والاضطراب باديان عليه. طمأنته برسالة جوابية ، وها أُأكد له ثانية ، ان ما ذكره لا علاقة له بحب الشباب ، وحسب معلوماتي البسيطة ولا خطورة فيه ، وأتوقع لقريبتك الشفاء خلال مدة لا تزيد على أسبوعين ، طبعا بفضل الله. الاّ أن الأخ العزيز أكد ثانية علي برسالة أخرى ، أن اكتب شيئا عن حب الشباب ، فاستجابة لطلبه أولا ، ولسبب آخر لا ابغي ذكره ، أقدم هذا الموضوع ، عل فيه ما يفيد الأخوة والأخوات في منتديات درر العراق.
لا أستطيع أن أنسى موقفا محرجا مررت به ، أتذكره بألم مرير ، لا زال يحز في نفسي. كنت يوما في معهد للتجميل له مكانته في أوربا ، وكنت جالسا في احد الصفوف كطالب علم. طالبات المعهد جميعا لا يعرفن عني سوى ، طالب جاء ليتعلم ، ويحصل على الدبلوم ، ليشق طريقه في الحياة ، كما هو الحال معهن ، ولا احد كان يعرف عن حقيقتي شيئا ، سوى مدير المعهد وأستاذة تحاضر فيه. في المعهد طالبات فقط ، ومن مختلف الدول الأوربية ، لذا وجدته مرتعا خصبا لدراسة نفسية المرأة من وجوه عدة. لذا في المعهد استطعت لأول مرة أن افهم ، حقيقة الفتاة الغربية التي وفي كثير من الأحيان تضحي بصحتها من اجل جمال مزيف ، وعرفت لأول مرة كيف تستطيع شركات التجميل كسب الزبونات وتجعلهن ضحايا إنتاجها ، وهن قانعات راضيات ، ولا يبخلن بشراء وسائل التجميل مهما كان ثمنها. تصوروا ، المصانع كانت تزود المعهد بأغلى وأحدث منتجاتها مجانا ، والمختبر التطبيقي كان غنيا بكل ما يتصوره الانسان.
من الناحية العلمية لم أجد فيه ما هو جديد ، الا أني من الناحية التطبيقية بقسميها الجسدي والنفسي تعلمت الكثير، لاني وجدته مختبرا نفسيا أغناني بتجارب ، ومكرسكوبا كشف لي أمورا لا أستطيع التوصل اليها في أي مكان آخر.
كنت جالسا في احد الصفوف لطالبات السنة الأخيرة ، أي قبل التخرج بأشهر ، اسمع محاضرة الأستاذة. جلبت نظري فتاة منزوية في آخر الصف تدون كغيرها المحاضرة ، و تبان الكآبة على وجهها.
كنت انظر اليها بين الفينة والأخرى محاولا الغوص في أعماقها دون أن أشعرها بذلك ، عرفت أنها مصابة بمرض حب الشباب. كنت قد توصلت آنذاك الى تركيبة من الأعشاب والنباتات الطبية أستطيع أن أقول ، لا باس بها ، ولا تخلو من ايجابيات بهذا الشأن. لذا وجدت نفسي ملزما لمساعدتها من الناحيتين النفسية والمرضية.
انتهت المحاضرة ، والطالبات خرجن الا هي ، بقيت في محلها تقرا كتابا. تقدمت نحوها ، وكانت المسكينة فرحة بقدومي ، وسلامي ، وابتسامتي المحيرة. أجابتني قبل ان أسالها :أنا مسلمة من أزبكستان . قالتها باعتزاز وفخر ، قالتها وكأن بصيصا من الأمل قد دب في قلبها ، قالتها بسرور ممزوج بأنواع الكآبات ، وارتني كتاب الله بحجمه الصغير قائلة: القران الكريم الذي يحميني من كل مكروه ، الحمد لله أنا مسلمة. أجبتها على الفور الحمد لله ، وأنا أخوك في الدين ، نظرتني مبتسمة وعيناها مغرورقتان بالدموع قائلة في اللغة العربية الحمد لله ، ثم بدأت تقبل كتاب الله والدموع تنهمر من عينيها بغزارة ، وكنت اعرف السبب ، ومع ذلك بادرتها بسؤال لا معنى فيه: ما الذي جعلك تبكين ، أحب الشباب أم أمر آخر؟
انتبهت في الحال الى سوء تصرفي والذي لا يدل على ذكاء ومعرفة ، ولا على خبرة وتجربة ، تصرف كانت تتجسد الغباوة فيه بكاملها.
أجهشت الفتاة قائلة: حتى أنت لاحظت قبح وجهي ، وانفجرت باكية بصوت مرتفع وقلبي كان يحترق لمبكاها. حاولت جهدي ان أهدئ من مصيبتها ، الا أنها ازدادت بكاء ، وازددت أنا ألما ، وحرت في أمري خشية أن تدخل احدى الطالبات الصف وتشاهد المنظر. كشفت لها حقيقتي مضطرا ، ولم تقتنع ، وأخيرا استعنت بأستاذة المعهد ، وأخبرتها بما جرى ، ورجوتها أن تكشف لها أمري لتطمئن المسكينة وهذا ما حدث.
عرفت فيما بعد أنها قد شفيت بفضل الله ومساعدته ، وتخلصت من شر ما ألمَ بها. زال المرض دون أن يترك أثرا على وجهها والحمد لله ، الا أني ما استطعت أن أنسى الموقف ، بل ولا زال صوتها يرن في أذني حزنا وكآبة. لذا علينا أن نعرف ما لحب الشباب من اثر مدمر على نفسية الفتى والفتاة.
في الحقيقة أن حب الشباب هو مرض لا خطورة فيه ، الا انه وكما قلنا يعتبر خطيرا على الصعيد النفسي وفي أحوال نادرة على الصعيد الجسدي.
المصابون بالأمراض الجلدية كثيرون ، ولا يكفي ما يتحملون من أذى نفسي من جراء المرض ، الا أننا نجد قسوة المجتمع بتعامله معهم ، إذ يتجنبهم البعض خوفا من العدوى المزعومة.
ولو تأملنا المجتمع العربي وهو الذي يهمنا ( لا استثني المجتمعات الأخرى ) لوجدناه يعج بهواة الطب ، وعدد لا باس به من الدجالين الذين يتصيدون بالماء العكر ، ناهيك عن موجة عارمة من المشعوذين من الدول الأسيوية ، استطاعت أن تتسلل الى مجتمعاتنا مستغلة بساطة الناس وحسن نياتهم ، بأعطاء وصفات لا تجدي نفعا ، بل وفي أحيان كثيرة تضر المريض وتزيد من همه هما.
عج مجتمعنا بهواة الطب من مختلف الأعمار ، ذكورا وأناثا ، حتى وصل الأمر ، أن يقرا احدهم كتابا أو مجلة طبية تكفيه أن يقدم الوصفات للناس ، ويتلاعب بمصيرهم . بهذه المناسبة تذكرت قول الأستاذ الدكتور محمد عماد فضلي (رئيس قسم الأمراض العصبية والنفسية بطب عين شمس ، وعضو كلية الأطباء الملكية ، ورئيس الجمعية المصرية للأمراض العصبية والنفسية وجراحة الأعصاب ، والأستاذ الزائر بجامعة أوسلو (النرويج) ورئيس المجمع المصري للثقافة العلمية) يقول الأستاذ محمد فضلي:
ان هواية ممارسة الطب منتشرة انتشارا مذهلا بين مواطنينا ، بل وكثيرا ما اخذ بعضهم يصف لي علاجات لاصلاح حالتي الصحية هههههههههههههه
ان ما قاله هذا الأستاذ القدير حقيقة لا مراء فيها ، لذا تصوروا ما يكون موقف أمثال هؤلاء مع عامة الناس؟ مسالة مضحكة ومبكية !!!!!! جئت بهذه المقدمة لينتبه القراء الى أمثال هذه الأمور وان لا يكونوا ألعوبة بأيد جاهلة ، وغير أمينة ، خشية أن يدفعوا الثمن غاليا.
نظرة عامة:
لقد اهتمت في الماضي البحوث الطبية في مجال الأمراض الجلدية بوصف الأمراض وعوارضها دون محاولة لدراسة مسبباتها دراسة علمية منهجية ، أي لم تتعرض الى فسيولوجية الجلد ووظائفه وتركيبه الكيماوي. وبتطبيق وسائل البحوث المتطورة في الستينات وما بعدها ، مثل فحص الأنسجة مكرسكوبيا ، باستخدام المكرسكوب الالكتروني ، والمكرسكوب المناعي الاشعاعي ، وتطور البحوث في الكيمياء الحيوية وعلم المناعة ، أدى الى فهم أسباب وطبيعة الكثير من الأمراض الجلدية.
وعلينا أن لا ننسى ، أن انتشار الأمراض الجلدية يختلف من بيئة لأخرى ، ومن مجتمع لأخر، فعوامل الطقس ومستوى المعيشة ، والاختلافات العرقية ، والعادات الصحية ، تلعب دورا مهما لا يمكننا تغافلها.
المهم أن تصحح الكثير من المفاهيم الخاطئة والسائدة بين المتخصصين ، والتي تساعد على انتشارها ، كثرة الفتاوي البعيدة عن الركيزة العلمية ، فهناك العطار والحلاق ، وصناعة مستحضرات التجميل ، وصالونات التجميل ، والموروثات الشعبية ، كل ينسب الأمراض المختلفة الى أسباب اتضح بالبحث العلمي الحديث بعدها عن الحقيقة.
نعرف جميعا ان الجلد مرآة الجسم ، لما له من اثر بالغ على الحالة النفسية للانسان. كما يعتبر من أكثر أعضاء الجسم تأثرا بالحالة النفسية. هناك أمراض جلدية ترتبط بأزمات نفسية شديدة قد تعرض لها المريض ، كمرض الحزاز والبهاق ، والثعلبة ، كما أن لمشاكل الحياة والعوامل النفسية الناتجة عنها ، اثر سلبي على بعض الأمراض الجلدية ، كالاكزيما ، والصدفية ، والارتيكاريا.
الأنكى من ذلك ، ما للأمراض الجلدية من تأثير سلبي على الحالة النفسية للانسان والتي يحس بها المريض خلال احتكاكه بأفراد أسرته والناس ، وقد يتجنبه البعض خوفا من العدوى المزعومة ، وآنذاك يصبح فريسة للانطواء والاكتآب ، لانعزاله عن المجتمع ، ويكفي على سبيل المثال أن تصاب فتاة بمرض البهاق في ساقيها لينصرف عنها الخطاب. تصوروا ما لهذا المرض البسيط من آثار مدمرة ، وا اسفاه.
اكتفي بهذه المقدمة وان شاء الله في المرة القادمة سندخل في صلب الموضوع مع شكري للذين لا يقرؤونه ههههههههههههههههه
اخوكم ابن العراق الجريح: عراقي مجهول
يتبع