-تشكل عملية طبخ بعض الخضار، مثل السبانخ والبندورة، فرصة أكبر في زيادة تركيز المواد المضادة للأكسدة الضرورية لحماية خلايا جسمنا ووقايتنا من الأمراض. فمثلا تعد مادة اللايكوبين مادة مضادة للأكسدة، أي أنها تمنع انقسام واختلال خلايا جسمنا وتحافظ على صحة خلايانا.
وتتواجد مادة اللايكوبين بوفرة في البندورة ومنتجات البندورة (مثل عصير البندورة، البندورة المطبوخة، ورب البندورة)، وبنسبة أقل في البطيخ والجريب فروت الأحمر. وعادة ما تصبح مادة اللايكوبين أكثر وفرة عند طبخ البندورة عن تناولها نيئة.
وتحتوي حبة البندورة متوسطة الحجم على 3165 مايكروغرام من اللايكوبين بينما يحتوي كوب واحد من عصير البندورة على 21960 مايكروغرام، أي ما يعادل سبعة أضعاف الكمية الموجودة في حبة البندورة. وتحتوي ملعقة طعام من رب البندورة على 4602 مايكروغرام بينما يحتوي كوب رب البندورة على 75362 مايكروغرام، أي ما يعادل 24 ضعف حبة البندورة، وذلك لأن كلا من العصير ورب البندورة يحويان تركيزا أعلى من البندورة. لذلك تصبح مادة اللايكوبين أكثر وفرة عند طبخ البندورة عن تناولها نيئة.
ولعل هذه المعلومات تفيدنا بأن شرب عصير البندورة واستعمال رب البندورة يعطيانا قيمة غذائية أعلى من محتواها من مضادات الأكسدة مثل اللايكوبين، وهي المادة المضادة للأكسدة الرئيسية في منتجات البندورة، إلى جانب كمية من الكاروتين وفيتامين ألف أيضا اعتمادا على المنطقة التي يتم فيها زرع وإنتاج البندورة.
وقد أشارت أحدث دراسة علمية واسعة النطاق شملت أكثر من 40000 رجل بأن فرصة الإصابة بسرطان البروستات تقل بنسبة 35 % لدى الرجال الذين يتناولون الأغذية الغنية بمادة اللايكوبين. وقد جاءت هذه الدراسة كتأكيد لما أشارت إليه العديد من الدراسات في الحقبة الماضية.
أما بالنسبة للسبانخ، فتكمن القيمة الغذائية المثلى له عند طبخه إذ لا تقتصر فائدة الطبخ على تركيز المواد المضادة للأكسدة فيه، إنما على تركيز بعض العناصر الغذائية الأخرى أيضا إذ يحتوي السبانخ المطبوخ على 5 غرامات من البروتين غير المتوفر في السبانخ النيئ.
كما أن السبانخ المطبوخ يحتوي على خمسة إلى ستة أضعاف الكمية من الألياف الغذائية وعنصر الحديد مقارنة بالسبانخ النيئ أو غير المطبوخ، وعلى حوالي عشرة أضعاف السبانخ النيئ من كل من البوتاسيوم، الفولات، فيتامين كاف، فيتامين ألف، مادة الكاروتين، وعشرين ضعف كمية مادتي اللوتين والزيازانثين.
ولعل هذه المعلومات تفيدنا بأن تناول السبانخ المطبوخ يعطينا قيمة غذائية أغنى بكثير من محتواها من مضادات الأكسدة مثل فيتامين ألف ومادة الكاروتين، إلى جانب اللوتين والزيازانثين أيضا اعتمادا على المنطقة التي يتم فيها زرع وإنتاج السبانخ.
ويعد السبانخ من الخضار المفضلة تغذويا لأنه غني بفيتامين ألف، الفيتامين المساند في تعزيز النظر والمضاد للأكسدة، أي أنه يمنع انقسام واختلال خلايا جسمنا ويحافظ على صحة خلايانا وخلايا عيوننا. كما أن السبانخ غني بفيتامين كاف، العنصر الغذائي الأهم في تحديد كثافة دمنا ودرجة التميع فيه إذ يلعب دورا أساسيا في مساعدة دمنا على التجلط، خاصة عند حدوث نزيف ما.
إضافة، الى أن السبانخ غني بمادة الفولات المعروفة باسم فيتامين (ب9) والضرورية لمنع بعض التشوهات الخلقية خاصة المتعلقة بالأنبوب العصبي. ويعد السبانخ المطبوخ مصدرا جيدا للحديد إذ يحتوي على نسبة 6.43 ميلليغرام في الكوب الواحد مقارنة بكوب من السبانخ النيئ الذي يحتوي على نسبة قليلة من الحديد تقدر بحوالي 0.81 ميلليغرام.
وهذا لا يعني بأن تناول الخضار الطازجة لا يفيد، إنما التنويع بين تناول الخضار الطازجة والمطبوخة هو الأهم لأن عملية الطهي تزيد من تركيز العناصر الغذائية ولكنها قد تؤثر على بعض الفيتامينات مثل فيتامين جيم، خاصة عند تعريضها لدرجات حرارة عالية ولمدة طويلة.
وتشير التوصيات العالمية إلى ضرورة تناول خمسة أنواع من الخضار على الأقل يوميا من أجل الحصول على العناصر الغذائية الضرورية للقيام بأعمالنا اليومية. وتثبت مجمل الدراسات والتجارب السريرية والمجتمعية بأن معدلات استهلاكنا للفواكه والخضار هي دون المستوى المطلوب لرفع مستوى الصحة والوقاية من الأمراض، خاصة في مجال الوقاية من الأورام السرطانية، الجلطات، أمراض القلب والأوعية الدموية وضغط الدم المرتفع والسكري.
ووفقا لإحصاءات منظمة الصحة العالمية فان استهلاك القليل من الخضار والفواكه هو مسؤول عن أكثر من مليوني وفاة كل سنة في العالم. فماذا ننتظر؟ فبالرغم من شيوع إستخدام الخضار في وجباتنا التقليدية، إلا أننا بتنا أكثر اعتمادية على ما هو جديد وسريع بدلا من تناول وجبة الخضار.
وتقدر المنظمة أن عدم تناول كمية كافية من الخضار والفواكه قد يكون مسؤولا عن 20 % من حالات الاصابة بسرطان الأمعاء و30 % من حالات الاصابة بأمراض القلب و10 % من حالات الاصابة بالجلطات أو السكتات القلبية.
ويتراوح معدل الحصص الغذائية من الخضار بين 3 إلى 5 حصص، خاصة الخضار غامقة اللون والخضار برتقالية اللون. وتعادل حصة الخضار الواحدة كوبا أو زبدية صغيرة من الخضار النية أو نصف كوب من الخضار المطبوخة، أو حبة خضار متوسطة الحجم، مثل حبة فلفل أو بندورة.