وبهذه المناسبة العطرة أحببت أن أوجه رسالتي هذه المتلاطمة الأفكار كي أكون لإخواني مبشرًا وموجهًا وموضحًا. أسأل الله تعالى أن يجعل عملي خالصًا لوجهه الكريم.


دعونا نقفُ قليلاً - أحبتي - لكي نسرد لكم الشيء القليل من خصائص هذا الشهر المبارك الذي خصه الله تعالى بفضائل عدة عن غيره من بقية الشهور:
كان سلفنا الصالح يسألون الله عز وجل ستة أشهر بأن يبلغهم رمضان ثم يدعونه ستة أشهرٍ أخرى بأن يتقبل منهم ذلك الشهر, كيف لا..!! وهو شهر البركات والخيرات, شهر إجابة الدعوات, شهر إغاثة اللهفات, شهر إعتاق الرقاب من الموبقات, شهر النفحات, شهر فيه ليلةٌ خير ٌمن ألف شهر, وهو شهر الصبر.. والصبر ثوابه الجنة, شهر المواساة, وشهرٌ يزاد فيه من رزق المؤمنين, مَنْ فطَّر فيه صائمًا كان مغفرةً لذنوبه وعتقًا لرقبته من النار, يعطي الله هذا الثواب لمن فطر صائمًا على مذقةٍ من لبن أو شربة ماء أو تمرة, شهرٌ أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتقٌ من النار.


ورد في فضله قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا دخل رمضانُ فتحت أبواب الجنة, وغلقت أبواب النار, وسلسلت الشياطين, وفتحت أبواب الرحمة فلم يغلق منها باب وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وسلسلت مردة الشياطين)).
ينادي فيه منادٍ كل يوم "يا باغي الخير أقبل, ويا باغي الشر أقصر".


أحبتي:
فمن بلَّغه الله هذا الشهر بأن مد في أجله حتى أدرك هذا الأيام الغرَّ, وهذه الليالي الزهر, فقد تكرَّم عليه وخصَّه بما حُرم منه غيره، فكم من أناس وكم من أفراد اختتمت آجالهم قبل حلول هذا الشهر، وخُتمت عليهم أعمالهم، ولو عادوا إلى الحياة لتمنوا ساعةً يتقربون فيها إلى مولاهم بالطاعات والقربات.


فيا أخي:
اسأل نفسك: كيف أريد أن أستقبل شهرًا خصائصه لا تحصى من كثرتها,, أبالانشغال باللهو وطول السهر!! أم بالحرص على متابعة الفضائيات والبرامج الدنيئة والمسلسلات الهابطة!! أم نتضجر من قدومه ويثقُل علينا!! نعوذ بالله من ذلك كله.


وتذكر أخي في الله ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم - أنه قال عندما صعد المنبر: ((آمين. آمين. آمين))، فقيل له في ذلك، فقال: ((آتاني جبريل -عليه السلام- فقال: يا محمد رغم أنف رجل دخل عليه شهر رمضان ثم خرج ولم يغفر له.. قل آمين، فقلت آمين))، وذكر تمام الحديث.


فالذي يهمل هذه الأيام ويستمر في لهوه ولا يشتغل بطاعة مولاه ولا يقلع عن المعاصي والمخالفات فإنه سيندم غاية الندم عندما تغفر ذنوب التائبين, ويبقى المذنبون المصرون على السيئات محرومين من فضل الله.


فيا عباد الله:
من لم يغفر له في هذا الشهر فمتى يغفر له؟!!


لماذا لا تكون لدينا في هذا الشهر عزيمة وحزم على أن يكون هذا الشهر فرصةً للتخلص من تلكم المعاصي!


ونخص بذلك أيضًا إخواننا المدخنين الذين يضيق صدرهم إذا علموا بقدوم شهر رمضان.


يا أخي المقصِّر:
إذا كان باستطاعتك أن تترك المعصية نصف يومٍ كامل.. فلماذا لا تتركه اليوم كله!!! أين إرادتك؟؟ أين قوتك؟؟ أين عزيمتك؟؟


أحبتي:
كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش,, وكم من قائمٍ ليس له من قيامه إلا السهر والتعب؟؟ أعاذنا الله وإياكم من ذلك.


واسمحوا لي أن نعرِّج معا بسرعة على ظواهر خطيرة يجب أن نتجنبها مع حلول شهرنا المبارك,, فمن ذلك:


استقباله بنية إضاعة الوقت, وتقطيعه في غير طاعة الله لجهلنا بفضائله, والكسل الشديد, وكثرة النوم, وكثرة السهر, وإضاعة الوقت في الفضائيات, وكثرة الأكل, وترك العمل والسفر, وقول الغيبة والنميمة والكذب, وسماع الأغاني والألحان, وترك صلاة التراويح, وإلقاء الأطعمة الزائدة بالقمامة وغيرها الكثير...


فاحذروا أحبتي من المحرَّمات التي تكون في رمضان أشد تحريمًا.


فعلى العاقل أن يجعل من هذا الشهر بدايةً حقيقية لميلاد جديد مع كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وهدي السلف الصالح.


عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: ((كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف؛ قال الله عز وجل: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه. ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك)).


وفي النهاية:
أسأل الله تعالى أن يبلغنا شهر رمضان، وأن يعيده علينا أعوامًا عديدة وأزمنةً مديدة بالصحة والعافية وأن يجعله خالصًا متقبلاً.. إنه جوادٌ كريم.
وقبل ان تخرج التمسك الصلاة على محمد وال محمد