TODAY - 23 February, 2011
خبراء دوليون: ضعف كفاءة المسؤولين يعرقل القيام بإصلاحلات كافية
عوائل عراقية تعيش في الاكواخ على دخل يومي لا يتجاوز 4 دولارات: نحن بلا امل
معتصم في ساحة التحرير يرفع لافتة تطالب باعادة الحياة للبطاقة التموينية
بغداد - برشانت راو
تعيش فليحة حسن في منزل صغير في وسط بغداد مع 11 من افراد عائلتها وهي مثل آلاف من المحتجين الاخرين في العراق لا تعتقد ان قادتها السياسيين يبذلون اي جهد لتحسين حياتها، في وقت ذكر خبراء دوليون ان البلاد تعاني ضعف كفاءة المسؤولين التي تعني ان القضاء على المشاكل وإصلاح الادارة يتطلب وقتا اطول مما ينبغي.
وتقول فليحة (67 عاما) وهي جالسة على الارض محاطة بأحفادها في المنزل الذي تقطن فيه منذ عقدين «السياسيون والمسؤولون والقيادات لا يهتمون بنا، لديهم الكثير من المال ولا يكترثون لغيرهم».
والمشكلات التي تعاني منها فليحة حسن واولادها واحفادها مستمرة في العراق منذ سقوط النظام في 2003.
وابنها وسام هو المصدر الوحيد لكسب الرزق في هذه العائلة، من خلال بيع الحساء للزوار قرب ضريح الشيخ عبد القادر الكيلاني.
ويكسب وسام خمسة الاف دينار يوميا (اربعة دولارات)، وعلى سبيل المقارنة ان النائب في البرلمان يتقاضى اجرا اعلى بتسعين مرة.
زوج فليحة اصبح ضعيفا جدا ولا يمكنه العمل فيما قضى ابنها الاخر محمد في هجوم انتحاري في كانون الثاني (يناير) 2007. وقد خفضت الحكومة حصة مواد البطاقة التموينية التي توزع شبه مجانا على المواطنين.وكان نظام البطاقة التموينية انشىء في سياق برنامج «النفط مقابل الغذاء» من اجل «التخفيف من الآثار المأساوية» للحظر الذي فرضته الامم المتحدة على العراق بعد غزو الكويت.
ويضع ذلك عائلة فليحة تحت خط الفقر الذي حددته الحكومة ب 2,20 دولار للفرد يوميا.
وتقدر الاحصائيات الحكومية ان سبعة ملايين عراقي يمثلون خمس الشعب يعيشون دون عتبة الفقر، وهو عدد مرشح للارتفاع بسبب عدم تسلم نحو ستة ملايين عائلة الحصة التموينية لمدة ستة اشهر.
وفي الوقت الذي تقدم وزراء بخطط طموحة للحد من الفقر في السنوات القادمة وخفضه من 22% الى 16% من السكان بحلول 2015، يشكك الخبراء والفقراء على السواء في امكانية تحقيق ذلك.
وقال مهدي العلاق وكيل وزير التخطيط العراقي «هذه (المشكلة) ليست مستعصية على الحل، لأن الغالبية العظمى من الفقراء يعيشون على مقربة من هذه العتبة، واذا تم تطبيق السياسات والاجراءات الصحيحة سينخفض هذا المستوى».
وهذا الكلام صحيح نظريا اذ يملك العراق رابع أكبر احتياطي نفطي في العالم ولديه كل الضمانات بزيادة دخله.
ولكن البلد مر بظروف متعاقبة دمرت اقتصاده.
ورأت الامم المتحدة في تقرير صدر مؤخر ان «الحروب والعقوبات هي التي ساهمت في تدهور مستوى معيشة العراقيين» مشيرة الى ان «هذا البلد كان يعتبر في الماضي من الاكثر تطورا في الشرق الاوسط».
وتبنت الحكومة في أواخر العام 2009 «الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفقر» التي تضمنت ستة أهداف ابرزها خلق فرص عمل والمساواة بين الرجل والمرأة وتحسين نظام الرعاية الصحية والتعليم.
ومن المقرر ان يقدم في أيار (مايو) المقبل تقرير اولي عما تم تنفيذه.
ولكن الخبراء يعتقدون ان العراق لا يزال يرزح تحت مشاكل تجعل من الصعب خفض معدلات الفقر.
وقال خالد محمد خالد المحلل في برنامج الأمم المتحدة الانمائي ومقره عمان مشيرا الى تقرير منظمة الشفافية الدولية الذي صنف العراق في المرتبة الرابعة بين الدول الاكثر فسادا في العالم، ان «قلة كفاءة المسؤولين على المستويين المحلي والمركزي يعني ان معالجة الفقر قد تتطلب وقتا اطول مما هو متوقع».
واضاف ان البلد بحاجة الى اصلاحات اكبر» معتبرا ان هذا اهم من زيادة دخل الفرد.
وتابع متسائلا «اذا لم يتم تحسين الصحة والتعليم واذا لم نخلق البنية التحتية، ماذا يعني ان نعطي المزيد من الاموال؟».
ويدعو تقرير الامم المتحدة الى تنويع الاقتصاد مشيرا الى ان قطاع النفط يوفر 1% فقط من الوظائف ولو انه يمثل 65 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي العراقي.
وعلى اثر السخط الشعبي المتنامي قررت الحكومة تخفيض رواتب المسؤولين الكبار وبينهم الوزراء بنسبة تصل الى النصف، فيما قررت زيادة مخصصات الحصة التموينة لتبلغ اربعة مليارات دولار.
وتقول صبيحة (60 عاما) وهي ام لثمانية اولاد يعمل منهم واحد فقط ان كل هذا لا يقنع الذين يعانون من البؤس.
واضافت صبيحة التي تعيش في كوخ وسط مكب للنفايات في منطقة الزعفرانية جنوب شرق بغداد «ليس لدينا أمل».
وتضيف «هنا لا يوجد ماء ولا كهرباء ولا مدارس. لماذا نعيش هكذا؟ ألسنا بلدا غنيا بالنفط والغاز؟».