اخيرا العراق يتمتع بالسيادة
د.ماجد احمد الزاملي
الفصل السابع هو الفصل الخاص بالعقوبات الواجبة الإداء في الحال من ميثاق الأمم المتحدة، الذي أقرّ في مؤتمر سان فرانسيسكو عام 1945 (المواد من 39 الى 51) اي ثلاثة عشر مادة، وهذه العقوبات تفترض الالتزام بها وتنفيذها، والاّ سيكون من حق مجلس الأمن استخدام جميع الوسائل لتنفيذها بما فيها القوة العسكرية. واذا كانت جميع قرارات مجلس الأمن واجبة التنفيذ، فإن حجية القرارات التي تصدر ضمن الفصل السابع تتطلب التنفيذ في الحال، والاّ سيكون من حق مجلس الأمن اتخاذ الاجراءات الرادعة بما فيها الوسائل الحربية لتأمين تنفيذ قراراته. و بعد غزو القوات العراقية للكويت عام 1990كثُر استخدام الفصل السابع في القرارات الخاصّة بالعراق فصدر ما يزيد على 60 قراراً، واستمرت القرارات إلى ما بعد استعادة الكويت وكل القرارات كانت ضمن الفصل السابع أي أنها مُلزمة , باستثناء قرار واحد وهو 688 الذي يضمن تأمين حقوق الإنسان السياسية والإنسانية لجميع المواطنين والكف عن الإبادة والقمع الذي كان يمارسها النظام السابق بحق أبناء الشعب العراقي والقرار 688 هو الوحيد الغير مُلزم والقرارات التي تنتهك سيادة العراق بأكملها قرارات مُلزمة.
إن مجلس الأمن الدولي بموجب الفصل السابع، هو الذي يقرر فيما إذا وقع تهديد أو خرق للسلم والأمن الدوليين أو ارتكاب لعمل عدواني، ويحق له وفقاً للصلاحيات المنصوص عليها في الميثاق، إتخاذ جميع التدابير اللازمة، سواء ما يتعلق بفرض عقوبات اقتصادية أو وقف الاتصالات أو قطع العلاقات الدبلوماسية، أو اتخاذ تدابير عسكرية مباشرة، أن الفصل السابع يعطي للدول الاعضاء الحق باتخاذ جميع الاجراءات بما فيها القوة المسلحة. من هنا تأتي الاختلافات في المواقف إزاء الإشارة الى الفصل السابع وبخاصة درجة الاستقطابات والبعد والقرب من الدول صاحبة القرار في المجتمع الدولي.
ولكي نصبح بالصورة لابد من الاشارة الى أهم المواد الواردة في هذا الفصل ,إن المادة 39 تتعلق باختصاص المجلس في تقرير الحالات التي يوجد فيها تهديد للأمن أو عدوان,وعندها يقرر تطبيق نوعين من الإجراءات رادعة ضد الدولة أو الدول المخالفة لقراراته منها , إجراءات ردعية لا تتضمن استخدام القوات المسلحة,والمثال على ذلك وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفا جزئيا أو كليا,وقطع العلاقات الدبلوماسية وكل هذه التدابير استنادا للمادة 41 من الميثاق. إجراءات رادعة تتضمن استخدام القوات المسلحة البرية والبحرية والجوية,للقيام بما يلزم لحفظ السلم ولاعادة الأمن الدولي إلى نصابه وذلك استنادا للمادة 42 من الميثاق. في حين تسمي المادة 41 من الفصل السابع استخدام القوة صراحة بـاستخدام القوات المسلحة, وحين تطلب من مجلس الأمن ,ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء الأمم المتحدة تطبيق هذه التدابير, فإن المادة 42 تتحدث بغموض شديد عن الأعمال العسكرية وتشير إليها فقط بـالأعمال اللازمة, حين يجيز مجلس الأمن لنفسه أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي، أو لإعادته إلى نصابه, إذن فالمادتان المذكورتان لا تشيران صراحة إلى استخدام القوة العسكرية ضد دولة ذات سيادة، فالمادة 41 تمنع استخدام القوات المسلحة إلا في حالة استنفاذ جميع التدابيرالأخرى. ‏‏‏
والمادة 42 في حالةاستنفاذ مجلس الأمن جميع التدابير الأخرى، لا سيما المذكورة في المادة 40 التي تنص على مهمة مجلس الأمن في حال وقع تهديد للسلم أو إخلال به فإنه يتوجب على هذا المجلس اتخاذ من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدوليين, أي لم يذكر بشكل واضح استخدام القوة العسكرية وشن الحرب في المادة 42، وهي متروكة للتفسيرات الأحادية، فتلجأ الدول الخمسة الاعضاء الدائميين الى تأويل النصوص بحسب ما تقتضيه مصالحهم، أو مصالح حلفائهم ولكن من حيث ميثاق الامم المتحدة، فإن مهمة مجلس الأمن هي حفظ السلام والأمن الدوليين بالطرق السلمية، وعدم شن أي حرب إلا بعد استنفاذ جميع الطرق السلمية، لتجنب إشعال مناطق لاتشكل تهديد للامن والسلم الدوليين بصراعات لها اول وليس لها اخر وتؤدي فيما تؤدي إلى تفتيت المجتمعات وتقسيمها على أسس عرقية ومذهبية.
اما بالنسبة للعراق بعد خروجه من احكام هذا الفصل والعقوبات الدولية المترتبة عليه فانه اصبح دولة ذات سيادة غير ملزمٍ بإيداع وارداته النفطية في صندوق الـ(بي دي اف اي) صندوق تنمية العراق، كذلك أمواله في الخارج .يذكر أن الرئيس الأميركي باراك اوباما، وافق في 11 من شهر حزيران من هذا العام على تمديد الحصانة للأموال والأرصدة العراقية المودعة في الخارج.فيما أعلن البنك المركزي العراقي في اليوم نفسه الاتفاق مع الولايات المتحدة على تمديد الحصانة القانونية للاموال العراقية. ولايقتصر الأمر على قدرة العراق على ادارة امواله وحمايتها بجهود ذاتية بل سيتيح له العودة إلى وضعه الطبيعي في المجتمع الدولي من حيث التجهيز خصوصاً الأجهزة الصحية والتصنيع لاسيما العسكري مثل الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، عدا المحظورة دولياً.حيث يحظر على العراق بموجب العقوبات الدولية حتى من استيراد ايسط الاشياء بما فيها الاجهزة والمعدات الطبية إلا من خلال الأمم المتحدة.كما ان أي بلد يكون تحت طائلة الفصل السابع كما هو حال العراق قبل خروجه من طائلة الفصل السابع ممكن التدخل في شؤونه من قبل مجلس الامن، مثلما حدث ودخلت القوات الأميركية العراق عام 2003 . وخروج العراق من احكام الفصل السابع يعد نجاحاً دبلوماسيا تاريخيا على الرغم من الازمات الداخلية وما تشهده المنطقة من احداث تؤثر على استقراره السياسي والامني فضلا عن الاقتصادي.