من مساحات ذاكرتي العريضة والعصية على النسيان لازالت صور جميلة وكثيرة
تتكرر امام عيني كمانشيت فضائية غزيرة المشاهدة ،نأسف جميعنا لمضي تلك الصور
ونتمنى لو حدثت لنا ثانية، رائعة تلك الايام التي جمعتني بال(ست آمال) الانيقة في كل
شي كنت طالبة في مرحلة الخامس العلمي حين دخلت علينا مدرسة جديدة وعرفت عن
نفسها ومادتها التي سوف تدرسها لنا ، استخسرت ان جميلة مثلها تدرس مادة اللغة العربية
التي كانت تشكل عقدة لي طيلة اعوام دراستي الماضية لكني كنت سأتقبل من واحدة مثلها
اي عقدة في العالم لقد عشقتها من النظرة الاولى ، حتى اسمها كنت انطقه باستطاله توازي استطالة قامتها الهيفاء
الساحرة ،ابتسامتها خفيفة وليست نادرة كباقي المدرسات ، وايضا ليست الميزة الوحيدة التي امتازت بها عنهن
لها عناية خاصة بنفسها فقد كانت تنتقي بروعة فائقة الوان القميص الذي يتناغم بجمالية مبالغ فيها مع مشبك
شعرها الليلكي المنساب بميوعه على خصرها وظلال العين وحزام الخصر الجلدي ويسترسل التناغم ليصل حذائها وحقيبة يدها،حتى عطرها الصباحي في لحظة دخولها الصف لازالت ذاكرتي تنتشي به ، للوهلة الاولى ماشدني اليها جمالها الآخاذ ، ورقتها ، لكنها تميزت فيما بعد باسلوبها
الغير عادي في اعطاء الدرس فقد ترفعت عن اسلوب الضغط المتبع تلك الايام وتركت لنا مساحة كبيرة للانسجام
مع الدرس بل وجعلت من مادة اللغة العربية التي كنت اظن انها من المواد الاسرافية لوقتنا وجهدنا باعتبارها لغتنا الام من اكثر المواد جمالا وضرورة
،عشقت اللغة العربية من عشقي لها وبدأت اكتشف سحرها وصرت اتذوق عذوبتها
واستشف رقتها من رقة وعذوبة وسحر (ست آمال)، وفي يوم حفظت من شفتيها المتمعنتان بالحسن فقد اختط الخالق وسط شفتها السفلى خطا فردها به قطعة نثرية لمادة الادب للاديب المصري لطفي المنفلوطي
وكانت القطعة النثرية صفحة ونصف بعنوان (سرنديب) وهو اسم قديم لجزيرة سريلانكا الحالية الحالمة ،وكعادتها فقد امسكت الكتاب وهي تدور بين صفي المقاعد التي
تسمرنا عليها انشدادا لصوتها ولغتها وحين اكملت طلبت منا القراءة لتضمن سلامة نطقنا لها
فرفعت يدي طلبا للقراءة وتعمدت اغلاق الكتاب وبدأت اقرأ القطعة عن ظهر قلب وهي تنظر لي باندهاش واضح
ولما انتهيت سألتني ان كنت حفظتها مسبقا فاجبت بل حفظتها صما منك الان وابتسمت لي وقالت احسنتِ .
مدرستي الجميلة
لكِ الفضل في عشقي للغتي وسعيي الدائم للحفاظ على سلامتها من التشوه واعتزازي بها
عشقتكِ فعشقتُ لغتي