كان أحمد فضيل نزال الخلايلة، مجرد سجين آخر مع مئات المجرمين المحكوم عليهم في قضايا جنائية، تحول إلى رجل متدين شديد التطرف في باحة السجن، وليس في مسجد أو مدرسة. في السجن تحول من مجرد لص صغير إلى تلميذ إرهابي، على يد مساجين متطرفين آخرين.
وبعد أن فرّ الى العراق قبيل سقوط النظام، أسس لنفسه منظمته حتى فرض اسمه على العالم، وصرنا نعرفه باسم المرعب، الزرقاوي. هناك اشتهر بأنه أكثر قسوة ودموية، من كل قادة «القاعدة» وصار جزار العراق.وبسبب تهديداته نسأل الحكومة الأردنية، التي أعلنت بالأمس، انها تعتزم مكافحة التطرف الديني حيثما وجد، هل هي جادة بالفعل في شن حرب على الإرهاب الفكري؟إن كانت عازمة على فعل ذلك، فإن أمامها طريقا طويلا، لأن الساحة الاردنية اختطفت منذ زمن طويل من قبل المتطرفين. لم يواجهوا خلال معارك طويلة مشكلة اجتماعية أو ثقافية كبيرة مع احتضان المتطرفين، لأنهم لم يستهدفوا الأردن بشكل مباشر، الا من خلال عمليات أو مخططات استهدفت تحديدا الأجهزة الرسمية.عشرات من الذين ادخلوا السجون بتهم السرقة أو التزوير، تحولوا الى متطرفين دينيين، بفضل غسيل «التوعية»، وشبكات التجنيد التي اكتشفت في السجون عقولا فارغة، ومؤهلات ارهابية جاهزة. كما اكتشفوا في بقية المرافق الحياتية إعلاميين يصلحون للترويج، ومهندسين لتصميم المتفجرات، ومدرسين يقومون بغسيل عقول الطلاب.المنظمات الارهابية تعمل كقطاع خاص سريع الحركة، وسهل التمويل، ويقوم على التحفيز. لهذا لن يكون دور الحكومة الأردنية سهلا، ومثلها بقية الحكومات العربية الغارقة في حرب القاعدة يوميا.شن حرب معاكسة للمتطرفين في بلد اعتاد على الأصوات المتحمسة لكل مقاومة، مهما كانت حقيقتها مزورة وممارساتها بشعة، سيكون صعبا للغاية.الأردن عاش دهرا على مبدأ تفريغ الشحنات الغاضبة، بافساح حريات واسعة للغاضبين في ان يعبروا عن انفسهم، وهكذا نفسوا عن غضبهم بالكلام. المشكلة ان حرب اليوم هي في اساسها حرب كلامية فكرية. الارهاب ليس نزاعا على الحدود، ولا مشروع سياسي يوالي قطبا دوليا ضد آخر، حتى يعيش على لعبة القوى الحكومية، ولا حركة تحرر محلية. الارهاب مشروع عمل فكري كامل يهتم أولا بالدعوة، ويؤسس من خلالها، يجند ويمول ويقاتل.لن يكون سهلا على الأردن أن يعارك الجماعات المتطرفة فكريا، لكن لا خيار إلا ببدء المعركة، والتضييق الجاد على التطرف الديني والفكري، واعتباره قضية البلاد كلها. فالزرقاوي أعلنها صريحة بأنه استدار ضد الأردن، وقصّّّ شريط الحرب بتفجيرات الاربعاء الدامي، ثم دشن شريطه الأكذوبة، يتبرأ من قتله المدنيين.سيكسب الأردنيون الحرب فقط إن حاربوا التطرف في الساحة الاعلامية والمساجد والمدارس والنقابات والسجون والمنتديات الالكترونية. ان نجحوا سينقذون الأردنيين جميعا من أهوال آتية.منقول