بسم الله الرحمن الرحيم
إن علم الإنسان قليل ومحصور في دائرة معينة من الأشياء ، وهو لا يدرك الغيب والحقائق بسبب عجزه ومحدوديته ،
إلا من علمه الله تعالى من الأنبياء والأوصياء وإنما أمر ذلك إلى الله تعالى ، فهو علام الغيوب ، قال : تعالى
{قل لا يعلم من في السموات و الأرض الغيب إلا الله}": النمل - 65 .
وقال : تعالى {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول}: الجن – 27.
فيكون لزاماً إجراء الحكام على الظاهر ، ومعاملة الناس والحكم عليهم بحسب الظاهر .
روى عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال :
(نحن نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر )[1]
ولا يجوز لأحد مخالفة هذا الظاهر ، فمن آمن أو أسلم نقبل منه إسلامه و إيمانه ، ونكف عن قتاله ، قال صلى الله عليه وآله : (هلا شققت قلبه أو هل شققت قلبه) [2]
في حادثة أسامة حيث كانت المعركة قائمة على أشدها بين المسلمين وكفار ولما تمكن أسامة من ذلك المشرك وقد تمكن منه علم المشرك أنه مقتول نطق بالشهادتين لكن زيد تجهل ذلك وقتل ذلك المشرك
ولما علم الرسول الأعظم أستنك ذلك العمل الشنيع من زيد فأخذ زيد يدافع عن نفسه
فهو الذي يروي القصة حيث قال:
بعثنا رسول الله صلى الله عليه واله إلى الحرقات، فصبحنا القوم فهزمناهم ولحقت أنا ورجل
من الانصار رجلا منهم، فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، فكف الانصاري وطعنته
برمحي حتى قتلته، فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه واله فقال: " يا اسامة أقتلته
بعد ما قال: لا إله إلا الله " ؟ قلت، إنما كان متعوذا، فقال: " أقتلته بعد ما قال
لا إله إلا الله ؟ " فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم [3].
قصة خالد بن الوليد مشهورة إذ بعثه النبي إلى بني جذيمة ليدعوهم إلى الاسلام ولم يأمره بقتالهم.
فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا فقالوا: صبأنا صبأنا فجعل خالد يقتل ويأسر بهم ودفع الاسرى إلى أصحابه وأمرهم بقتلهم وامتنع البعض من قتلهم لما تبين لهم أنهم أسلموا ولما رجعوا وذكروا ذلك النبي( صلى لله عليه وآله).
قال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد قالها مرتين وبعث علي بن أبي طالب (عليه السلام)إلى بني جذيمة ومعه مال فودى لهم الدماء وما أصيبت لهم .....
فمن يأتي رافعاً شعار السلام والأمان أمناه وقلناه ، وعصم دمه وماله وأهله .
هذا هو منهاج السلام في والمعاملة
قال تعالى : فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم {التوبة: 5}
{ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ } [التوبة:6]
أي عليك أن تعامل من يلجأ اليك من المشركين برفق ولطف، وامنحه المجال
للتفكير حتى يبيّن له محتوى دعوتك في كمال الإِرادة والحرية، فإذا أشرقت أنوار الهداية في قلوبهم فسيؤمنون بدعوتك.
ثمّ تضيف الآية قائلة: (ثمّ أبلغه مأمنه) وأوصله إِلى مكان آمن حتى لا يعترضه أحد في طريقه.
وأخيراً فإنّ الآية تبين علة هذا الحكم، فتقول: (ذلك بأنّهم قوم لا يعلمون).
أقول وقد صح عند القوم أن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، فإن قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم ). لكن يأتي ابو بكر ويخالف الله ورسوله حيث يقول : لو منعوني عقال بعير لجاهدتهم عليه.