رأى خبير اميركي في الشان العراقي ان مشكلة العراق الحقيقية تكمن في الاقتصاد، وليس الامن، ما دام العراق "لا يأبه بتطوير اقتصاده ولا يشجع بنحو كاف بناء مشاريع جذب استثمارية"، محذرا من ان اي هبوط مفاجئ لاسعار النفط سيكون بمثابة "ضربة للحياة في العراق".
وقال مايكل روبن في تعليق له بمجلة (كومنتري) الاميركية ان "الكثير من الاميركيين يتفادون العراق بسبب مخاوف امنية، وبالتاكيد ان سفك الدماء الذي شهده الشهر الماضي قد زعزع الثقة داخل العراق وخارجه على حد سواء".
ولفت الى انه "خلال كل صنوف العنف، الحرب والتمرد والارهاب، كان العراقيون صامدين، وهي سمة لربما تدهش فقط اولئك الذين شكلوا رأيهم السياسي عن العراق من دون حتى التحدث مع عراقيين". ورأى روبن انه "يجب التغلب على المشكلات الامنية، ولعل الحكومة العراقية في الطريق الصحيح لمحاربة هذه المشكلات وجها لوجه بدلا من استرضاء الذين قد يسعون من خلال العنف الى تحقيق ربح لا يستطيعون تحقيقه في صناديق الاقتراع"، على حد تعبيره.
ورأى الخبير الاميركي انه "لا شك ان قرار تحرير العراق كان حكيما، على الرغم من ان قرار احتلاله لم يكن كذلك. بمعنى انه حال اتخاذ قرار الاحتلال، صار من الجوهري تحقيق افضل نتيجة ممكنة بدلا من خوض معارك سياسية خاسرة".
واضاف "مع ذلك، فمن اجل كل سنوات الاحتلال، ومئات المليارات من الدولارات التي انفقت على استتباب الامن والمساعدة المبالغ بها وخطط التنمية، الا انه قد يكون بوسع الولايات المتحدة ذكر نجاحين اضافيين فقط: تمثل الاول بتحديث عملة العراق القديمة والثاني اعادة الحياة لتجارة العراق النفطية". واستنتج روبن ان "تجارة العراق النفطية هي التي تهدد الان عافية العراق على المدى الطويل".
وقال ان "مسؤولي الحكومة العراقية يعترفون في جلساتهم الخاصة بان كل وزارة يمكن ان تعمل بعشر موظفيها". وقال انه على الرغم من هذا "يأمل معظم خريجي الكليات من الشباب العراقي بالحصول على وظيفة حكومية امنة ومستقرة بدلا من الحصول على فرصة في القطاع الخاص".
ولاحظ روبن ان "روح المبادرة في اقامة مشاريع ما زالت تبعث على التعجب والتوجس عند كثير من العائلات العراقية"، ونتيجة هذا الحال فان "اغلبية عائدات العراق النفطية تذهب الى رواتب الموظفين، وليس الى البنى التحتية الاساسية".
واضاف ان "الكثير من العراقيين راضون ومستعدون للجلوس والتطلع بمشكلات العراق ما داموا يملكون بيتا لطيفا وسيارة وتلفزيون بستلايت، وهاتفل خليوي، ومولد كهرباء لسد النقص في امدادات الكهرباء، وتامين اساس وضعهم المالي".
ولاحظ روبن ان "الحكومة العراقية، على خلاف نظيرتها الايرانية تمكنت من توفير مبالغ الرواتب، وسوف تستمر بتوفيرها ما دامت اسعار النفط باقية على ارتفاعها. ففي داخل منطقة الشرق الاوسط قد تامل الحكومات بان سعر 100 دولار للبرميل امر اعتيادي"، لافتا الى ان التاريخ لا يعبأ بالامال، فـ "ما يرتفع يهبط ايضا".
وقال "اذا انخفضت اسعار النفط فجاة كما حدث، مثلا، في اواخر التسعينيات، فلربما يدفع العراق ثمن اخفاقه في اجراء اصلاح على اقتصاده وتشجيع المشاريع المحلية والاستثمارات الاجنبية بنحو افضل على حد سواء".