المركز القانوني لقواعد السلوك الخاصة بموظفي الدولة والقطاع العام
القاضي سالم روضان الموسوي
الآثار القانونية التي ترتبها اللائحة
بعد أن تبين لنا ان هذه اللائحة تمتلك المشروعية القانونية وتعد جزءا ً من منظومة العمل القانوني في العراق، لابد لنا من معرفة الآثار التي ترتبها على من يعمل بها أو من يهملها أو الذي يخالفها . فهل هي قواعد قانونية تماثل القانون من حيث القوة وترتب الجزاء على من يخالف نصوصها ويعد فعل المخالفة بمثابة الجريمة التي يترتب عليها الجزاء أم إنها مجرد لوائح تخص الأداء الوظيفي حصراً ولكنها ترتب اثرا ً على من يخالفها بعقوبات إدارية أو انضباطية . كذلك ماذا لو لم يوقع أي من الموظفين أو العاملين عليها فهل تكون غير لازمة بالنسبة إليهم أم إنها ملزمة بغض النظر عن التوقيع عليها وهل تشكل تعاقدا ً بين الإدارة والموظف ويرتب الآثار التعاقدية . فهذه الاحتمالات سوف اعرض لها بشكل مقتضب وعلى وفق حاجة البحث وكما يلي:
أولا :- هل تمثل لائحة السلوك قواعد تجريم الأفعال ؟ إن قواعد تجريم الأفعال لها آلية وخصوصية في العمل التشريعي إذ لا عقوبة ولا جريمة إلا بنص أو بناء على نص وعلى وفق ما استقر عليه العمل التشريعي تجاه قوانين العقوبات وفي كل بلدان العالم وتحت لافتة مبدأ المشروعية حيث يكون ذلك ( إن وصف أي فعل بأنه جريمة لابد من النص على تجريمه بموجب قانون أو قرار له قوة القانون وهذا ما يسمى بمبدأ المشروعية أو قاعدة ( لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص أو بناء على نص) ويعني هذا المبدأ أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني، أي أن مصدر الصفة غير المشروعة للفعل هو نص القانون ويقال لهذا النص " نص التجريم " وهو في نظر القانون الجزائي يشمل قانون العقوبات والقوانين المكملة له والقوانين الجزائية الخاصة . وبالتالي يحدد في كل نص الشروط التي يتطلبها في الفعل كي يخضع لهذا النص ويستمد منه الصفة غير المشروعة ويحدد العقوبة المقررة لهذا الفعل، لذا فان القاضي لا يستطيع أن يعدٌُ فعلاً معيناجريمة إلا إذا وجد نصاً يجرم هذا الفعل، فإذا لم يجد مثل هذا النص فلا سبيل إلى عد الفعل جريمة، ولو اقتنع بأنه مناقض للعدالة أو الأخلاق أو الدين وفي تطبيقات القضاء ما قضت به محكمة تمييز إمارة دبي ( بان عدم توفر أركان الجريمة وخروجها عن نطاق التأثيم . كاف للقضاء بالبراءة طالما أقام الحكم قضاءه على أسباب تتفق وصحيح القانون) . و أساس هذا المبدأ هو حماية الفرد و ضمان حقوقه و حريته و ذلك بمنع السلطات العامة من اتخاذ أي إجراء بحقه ما لم يكن قد ارتكب فعلا ينص القانون عليه و فرض على مرتكبيه عقوبة جزائية ، ففي العصور القديمة لم تكن هذه القاعدة معروفة حيث كانت العقوبات تحكمية وكان في وسع القضاة أن يجرم أفعالا ً لم ينص القانون عليها ويفرضوا العقوبة التي يرونها كما كانوا يرجعون إلى العرف لتجريم بعض الأفعال وتقرير العقوبة لها .وإن كان هناك بعض مؤرخي القانون الجزائي يقولون بأن مبدأ شرعية الجرائم و العقوبات عرفت لأول مرة في القانون الروماني في العهد الجمهوري بدليل وجوده عند فقيهي الرومان (أولبيانوس ) و ( بولس ) أما العهد الإمبراطوري فلم تكن هذه القاعدة معروفة لأن القانون الروماني في هذا العهد كان يعطي للقاضي سلطة تقديرية واسعة في التجريم و العقاب . ويرى بعض الكتاب إن هذه القاعدة ترجع بذورها الأولى إلى الشريعة الإسلامية أي ترجع إلى مدة تزيد على أربعة عشر قرناً فمن القواعد الأصولية في الشريعة الإسلامية أنه " لا حكم لأفعال العقلاء قبل ورد النص " أي أن أفعال المكلف المسؤول لا يمكن وصفها بأنها محرمة مادام لم يرد نص بتحريمها ولا حرج على المكلف أن يفعلها أو يتركها حتى ينص على تحريمها ونفهم من ذلك بأنه لا يمكن اعتبار فعل أو ترك جريمة إلا بنص صريح يحرم الفعل أو الترك فإذا لم يرد نص يحرم الفعل أو الترك فلا مسؤولية ولا عقاب على فاعل أو تارك . والمعنى الذي يستخلص من هذا الكلام هو أن قواعد الشريعة الإسلامية تقضي بأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص وهذه القاعدة في الشريعة لا تتنافى مع العقل والمنطق و تستند مباشرة على نصوص صريحة في هذا المعنى ومنها قوله تعالى ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً ) وقوله تعالى: ( وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياته) وقوله تعالى:( إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ) . وغيرها من النصوص القاطعة بأنه لا جريمة إلا بعد بيان ولا عقوبة إلا بعد إنذار ، وطبقوا هذه القاعدة على الجرائم ولكنهم لم يطبقونها تطبيقا واحدا في كل الجرائم حيث طبقوها تطبيقا دقيقا في جرائم الحدود و القصاص بخلاف جرائم التعزير فلم يطبقونها بتلك الصورة والسبب في ذلك أن المصلحة العامة وطبيعة التعزير تقتضي ذلك، ومن الناحية الدستورية نجد إن هذا المبدأ قد احتل صدارة الاهتمام ففي الدستور الدائم اعتبر هذا المبدأ من المبادئ الدستورية الداخلة ضمن الحقوق الأساسية للفرد عندما نص عليه في باب الحقوق المدنية والسياسية في نص الفقرة (ثانيا) من المادة (19) ( لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، ولا عقوبة إلا على الفعل الذي يعده القانون وقت اقترافه جريمة، ولا يجوز تطبيق عقوبة اشد من العقوبة النافذة وقت ارتكاب الجريمة.
وبما أن هذه اللوائح لم تكن صادرة من جهة تشريعية وليست بقانون وإنما بموجب قانون ، لذلك فإنها لا تكون قواعد تجريم أو عقاب.
ثانياً :- هل تعتبر اللائحة قواعد ملزمة للأداء الوظيفي وترتب عقوبات إدارية ؟ إن فلسفة العقوبات الإدارية والانضباطية وجدت من اجل ضبط العمل الوظيفي أثناء تأدية الموظف لوظيفته وهذه العقوبات نصت عليها في القوانين ولم تترك للإدارة لتحديدها وتتراوح بين عقوبة التنبيه والعزل من الوظيفة وهذه أيضا تتعلق بمفهوم المشروعية الذي أشرت إليه سلفاً . لكن اختلف الأمر في الجهة التي تفرض العقوبة فبعضها تفرض من قبل المدير المباشر والأخرى من الرئيس الأعلى وبعضها من قبل لجان تقترن توصيتها بالمصادقة من قبل الرئيس الأعلى للدائرة . أما لائحة قواعد السلوك محل البحث، فإنها لا ترقى إلى هذا المستوى من كونها عقوبات انضباطية وتأديبية إدارية لان من لم يوقع عليها ولا يرتكب ما يخالف آداب مهنته والنصوص القانونية الآمرة فانه لا يتعرض إلى المساءلة أو العقوبة كذلك من يوقع عليها ويرتكب فعلاً نهت عنه هذه اللائحة إلا انه لا يشكل مخالفة لتعليمات وقواعد الخدمة أو قانون الانضباط فان ذلك المخالف لا يتعرض إلى العقوبة . كما إن الذي لم يوقع على اللائحة وارتكب ما يخالف قواعد العمل الوظيفي فانه يتعرض إلى العقوبة حتى لو لم يوقع على اللائحة . وهذا يدل على إنها ليست بقواعد انضباطية تعادل بقوتها القواعد المنصوص عليها في قوانين الخدمة أو الانضباط الوظيفي. لكن في بعض التشريعات العربية قد نص فيها على إصدار لوائح تتعلق بالسلوك ورتب آثار قانونية على من يخالفها ومنها قانون العمل المصري رقم 46 لسنة 1964 والقانون الخاص بالعاملين المدنيين بالدولة المصري رقم 58 لسنة 1971 وقانون العاملين في القطاع العام المصري رقم 61 لسنة 1971 ثالثاً :- هل تعتبر هذه اللوائح عقدا ً بين الإدارة والموظف ؟ بعد العرض أعلاه الذي وضح لنا بأنها ليست بقانون ولا قواعد خدمة أو قواعد انضباط وإنما هي وثيقة موقعة بين الإدارة أو الموظف، بمعنى إنها من الممكن أن تكون عقدا ً بين الطرفين لأنه يتوفر على إيجاب وقبول عرض من الإدارة وإيجاب من الموظف، حتى وان لم يكن للموظف حرية الاختيار في وضع الشروط أو إمكانية الرفض ، لكن من الممكن ان تعتبر جزءا ً من وثائق التعيين وعلى وفق ما أشير إليه في الشق الأخير من البند (7) من القسم (4) من الأمر 55 لسنة 2004 عندما نص على ما يلي (وجوب توقيع كل موظف على تعهد خطي بوجوب الالتزام بتلك القواعد كشرط من شروط التوظيف) وهذا يعني إن من يسعى للحصول على الوظيفة مجبر على التوقيع ، وهذا الوضع له وصف قد يكون مقاربا ً في القانون يسمى عقد الإذعان وفي القانون الفرنسي بعقد الانضمام، حيث إن من يقبل العقد إنما ينضم إليه دون أن يناقشه وأول من سماه (عقد الإذعان) السنهوري في كتابه (نظرية العقد) لما تشعر به هذه التسمية من معنى الاضطرار في القبول، وقد شاعت هذه التسمية في اللغة القانونية من فقه وقضاء . الذي يكون المذعن فيه وهو الطرف الأضعف في العقد قد قبل بكل شروط العقد دون نقاش أو اختيار لان حاجته تدعوه إلى التوقيع ولا خيار له وأشارت إليه المادة (167) من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 المعدل التي تنص على ما يلي (القبول في عقود الإذعان ينحصر في مجرد التسليم بمشروع عقد ذي نظام مقرر يضعه الموجب ولا يقبل فيه مناقشة) . لكن هذا العقد يخضع للقواعد العامة للعقود ويرتب آثاراً مدنية وليست جزائية وأي مخالف للعقد لا يتعرض إلى العقوبة الجزائية أو الإدارية وإنما رسم القانون طرقا أخرى لتنفيذه ومنها ما أشار إليه القانون المدني مثل التنفيذ الجبري والتعويض والغرامات التهديدية وسواها . كذلك ليس للجهة صاحبة الموقف الأقوى في العقد إلا أن تنهي العقد وتمتنع عن أداء العمل الذي التزمت به بموجب العقد ومثال ذلك عقد تجهيز الكهرباء أو الماء إلى الدور، فانه من قبل عقود الإذعان . أما في ما يتعلق بلائحة قواعد السلوك الوظيفي فإنها لا تكون عقدا ً سواء كان عقد إذعان أو غيره لان من لم يوقع عليها لا يعفى من المساءلة إذا ما ارتكب فعلا ً مخالفا ً للآداب أو التعليمات التي تنظم عمله . مما يعدم صفة العقد عن اللائحة ولا يمكن تصورها تحت هذا العنوان.
ومن خلال العرض المشار إليها سلفاً وجدنا إن اللائحة لا تماثل أيا ً من الصور التي قورنت بها فهي ليست بقواعد قانونية آمرة وملزمة وليست بقواعد خدمة أو قواعد انضباطية ولا تشكل عقداً . فما هو مركزها القانوني ؟ قبل الجواب على ذلك السؤال نجد الفقرات التي تضمنتها هذه اللائحة بمجملها قواعد نصت عليها قوانين نافذة ورتبت عليها آثارا ً جزائية وعقابية في حال مخالفتها ومن هذه الفقرات ما يلي:-
1. أداء واجبات الوظيفة بكل أمانة وكفاءة وإخلاص وحرص على المصلحة العامة وان لا تؤثر الالتزامات والنشاطات السياسية في حسن أداء الواجب الوظيفي.
2. أداء الواجب الوظيفي بكل حيادية ودون تمييز على أساس الجنس أو القومية أو الدين أو اللون أو المعتقدات السياسية وأية معايير أخرى مماثلة خلافا للقانون.
3. عدم الدخول في أية معاملات مالية تدخل ضمن واجبات الوظيفة أو يكون للموظف شأن بأعدادها أو إحالتها أو تنفيذها أو استخدام المعلومات الرسمية لأغراض شخصية والالتزام بعدم المساهمة شخصيا في المسائل الرسمية التي لها تأثير مباشر أو متوقع في مصالحه المالية أو مصالح(زوجه ) أو احد أقربائه إلى الدرجة الرابعة.
4. تطبيق أحكام القوانين والأنظمة والتعليمات النافذة والأوامر الصادرة عن الرئيس الإداري وفقا للقانون وفي حالة مخالفة تلك الأوامر للقانون يكون على الموظف بيان وجه تلك المخالفة لرئيسه كتابة وعدم تنفيذها إلا إذا أكدها كتابة وعندئذ يكون الرئيس هو المسؤول عنها.
5. التصريح عند التعيين بطبيعة مصالحه الشخصية التي لها تأثير في أداء واجباته الرسمية وكل تغيير يطرأ عليها في أثناء الخدمة.
6. عدم القيام بأي عمل أو مهنة تتعارض مع واجباته الرسمية سواء كان ذلك العمل أو المهنة بأجر أوبدونه.
7. الحفاظ على سرية المعلومات والوثائق الرسمية التي بحوزته أو التي يطلع عليها بحكم وظيفته وعدم استخدامها خلافا للقانون.
8. عدم قبول الهدايا أو طلب المنافع التي يكون غرضها التأثير في حياديته أو نزاهته والتي تؤثر على أداء واجباته أو الامتناع عنها أو التي تصب في مصلحة احد أفراد عائلته أو أقربائه إلى الدرجة الرابعة مادامت للغرض نفسه أعلاه.
9. الامتناع عن إعطاء أية وعود مخالفة للقانون وان لا يتأثر بالمشاعر والأحاسيس تجاه الآخرين عند أداء واجباته الوظيفية.
10 عدم إدخال معلومات غير صحيحة أو مضللة في قيود الحكومة لأي سبب كان والتي تؤدي إلى التصرف بأموال الدولة وموجوداتها وعدم التصرف بتلك الأموال والموجودات دون تخويل صريح بذلك.
11. الامتناع عن التصريح أو إعطاء المعلومات الرسمية الا اذا كان هناك تخويل رسمي بذلك.
12.ان تكون المعلومات التي يقدمها الى هيئة النزاهة صحيحة ودقيقة متى ماطلب منه ذلك أو فرض عليه القانون تقديمها.
13. بذل العناية اللازمة في المحافظة على اموال الدولة وممتلكاتها أو التي بعهدته والتي يستخدمها بحكم عمله وان يكون استخدامها على نحو فعال وكفء واقتصادي وان لا يستخدمها إلا وفق القانون والأنظمة والتعليمات.
14. عدم إساءة استخدام السلطة الممنوحة له بموجب القانون وعدم تسخيرها من اجل الحصول على مكاسب شخصية أو مالية أو الإساءة لحقوق الآخرين والإضرار بهم أو محاولة التسبب بها أثناء أداء العمل الوظيفي ويتحمل التبعات القانونية المترتبة عليها ومنها التعويض عن الأضرار التي تحصل نتيجة لذلك.
15. المحافظة على كرامة الوظيفة العامة والظهور بالمظهر اللائق بها والابتعاد عن كل تصرف يقلل من الاحترام اللازم لها سواء أكان ذلك أثناء الدوام الرسمي ام بعده.
16. العمل على تنمية معلوماته الوظيفية التي تؤدي الى تطوير خبرته في العمل وتفهم الواجبات الموكلة له.
17. معاملة المرؤوسين بالحسنى وبما يحفظ كرامتهم.
18. احترام المواطنين وتسهيل انجاز معاملاتهم وفقا للقانون.
19. التقيد التام بمواعيد الدوام الرسمي وتخصيص جميع أوقاته للعمل الرسمي فقط.
20. الامتناع عن العمل مع أي جهة في القطاع الخاص لها علاقة مباشرة بالوظيفة في مجال عمله الوظيفي السابق أو قبول أي مكافأة منها بعد تاريخ انتهاء خدمته الوظيفية ولمدة سنتين.
وهذه اللائحة لم تشكل بديلاً عن تلك القواعد القانونية وإنما كل هذه الأمور التي أشارت إليها معاقب عليها بموجب قانون العقوبات وقانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام والقوانين الأخرى ذات العلاقة ، ونجد في نص المادة (4) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 المعدل ما يشير الى ذات المبادئ التي ذكرتها لائحة قواعد السلوك لموظفي الدولة الصادرة بموجب تعليمات مفوضية النزاهة العدد (1) لسنة 2006 ولغرض بيان مدى التطابق انقل نص المادة (4) من القانون وعلى وفق ما يلي:-
يلتزم الموظف بالواجبات الاتية:
اولا : اداء اعمال وظيفته بنفسه بامانة وشعور بالمسؤولية.
ثانيا : التقيد بمواعيد العمل وعدم التغيب عنه الا باذن، وتخصيص جميع وقت الدوام الرسمي للعمل.
ثالثا : احترام رؤسائه والتزام الادب واللياقة في مخاطبتهم واطاعة اوامرهم المتعلقة باداء واجباته في حدود ما تقضي به القوانين والانظمة والتعليمات، فاذا كان في هذه الاوامر مخالفة فعلى الموظف ان يبين لرئيسه كتابة وجه تلك المخالفة ولا يلتزم بتنفيذ تلك الاوامر الا اذا اكدها رئيسه كتابة وعندئذٍ يكون الرئيس هو المسؤول عنها.
رابعا : معاملة المرؤوسين بالحسنى وبما يحفظ كرامتهم.
خامسا : احترام المواطنين وتسهيل انجاز معاملاتهم.
سادسا : المحافظة على اموال الدولة التي في حوزته او تحت تصرفه واستخدامها بصورة رشيدة.
سابعا : كتمان المعلومات والوثائق التي يطلع عليها بحكم وظيفته او اثناءها اذا كانت سرية بطبيعتها او يخشى من افشائها الحاق الضرر بالدولة او بالاشخاص او صدرت اليه اوامر من رؤسائه بكتمانها ويبقى هذا الواجب قائما حتى بعد انتهاء خدمته، ولا يجوز له ان يحتفظ بوثائق رسمية سرية بعد احالته على التقاعد او انتهاء خدمته باي وجه كان.
ثامنا : المحافظة على كرامة الوظيفة العامة والابتعاد عن كل ما من شانه المساس بالاحترام اللازم لها سواء اكان ذلك اثناء ادائه وظيفته ام خارج اوقات الدوام الرسمي.
تاسعا : الامتناع عن استغلال الوظيفة لتحقيق منفعة او ربح شخصي له او لغيره.
عاشرا :اعادة ما يكون تحت تصرفه من ادوات او الات الى المحل المخصص لها عند انتهاء العمل اليومي الا اذا اقتضت طبيعة العمل غير ذلك.
حادي عشر: مراعاة القوانين والانظمة والتعليمات الخاصة بحماية الصحة العامة والسلامة في العمل والوقاية من الحريق.
ثاني عشر : القيام بواجبات الوظيفة حسبما تقرره القوانين والأنظمة والتعليمات. وفي نص المادة (5) من ذات القانون اشارت الى البعض الاخر من التوجيهات الواردة في اللائحة وانما ذكرت على نواهٍ وحظر على الموظف من القيام بها وكما يلي:-
يحظر على الموظف ما ياتي:
اولا : الجمع بين وظيفتين بصفة اصلية او الجمع بين الوظيفة وبين اي عمل اخر الا بموجب احكام القانون.
ثانيا : مزاولة الاعمال التجارية وتاسيس الشركات والعضوية في مجالس ادارتها عدا:
أ. شراء اسهم الشركات المساهمة.
ب. الاعمال التي تخص امواله التي الت اليه ارثا او ادارة اموال زوجه او اقاربه حتى الدرجة الثالثة التي الت اليهم ارثا وعلى الموظف ان يخبر دائرته بذلك خلال ثلاثين يوما وعلى الوزير اذا راى ان ذلك يؤثر على اداء واجبات الموظف او يضر بالمصلحة العامة ان يخيره بين البقاء في الوظيفة وتصفية تلك الاموال او التخلي عن الادارة خلال سنة من تاريخ تبليغه بذلك وبين طلب الاستقالة او الاحالة على التقاعد.
ثالثا : الاشتراك في المناقصات.
رابعا : الاشتراك في المزايدات التي تجريها دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي لبيع الاموال المنقولة وغير المنقولة اذا كان مخولا قانونا بالتصديق على البيع لاعتبار الاحالة القطعية او كان عضوا في لجان التقدير او البيع او اتخذ قرارا ببيع او ايجار تلك الاموال، او كان موظفا في المديرية العامة او ما يعادلها التي تعود اليها تلك الاموال.
خامسا : استعمال المواد والالات ووسائل النقل وغيرها العائدة الى دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي لاغراض خاصة.
سادسا : استعمال اي ماكنة او جهاز او اي الة من الات الانتاج لم يكلفه رئيسه المباشر باستعمالها.
سابعا : عدم الاستغلال الصحيح لساعات العمل ووسائل الانتاج بغية انجاز الاعمال المناطة به او الاهمال او التهاون في العمل بما يؤدي الى الحاق ضرر بالانتاج او الخدمات او الممتلكات.
ثامنا : العبث بالمشروع او اتلاف الاته او المواد الاولية او الادوات او اللوازم.
تاسعا : التعمد في انقاص الانتاج او الاضرار به.
عاشرا : التاخر في انجاز العمل الذي يتسبب عنه تعطيل عمل الاخرين.
حادي عشر : الاقتراض او قبول مكافاة او هدية او منفعة من المراجعين او المقاولين او المتعهدين المتعاقدين مع دائرته او من كل من كان لعمله علاقة بالموظف بسبب الوظيفة.
ثاني عشر : الحضور الى مقر وظيفته بحالة سكر او الظهور بحالة سكر بيّن في محل عام.
ثالث عشر : الاحتفاظ لنفسه باصل اية ورقة او وثيقة رسمية او نزع هذا الاصل من الملفات المخصصة لحفظه للتصرف به لغير الاغراض الرسمية.
رابع عشر : الافضاء باي تصريح او بيان عن اعمال دائرته لوسائل الاعلام والنشر فيما له مساس مباشر باعمال وظيفته، الا اذا كان مصرحا له بذلك من الرئيس المختص.
ويلحظ على المقارنة بين نص القانون وقواعد السلوك إن قانون انضباط موظفي الدولة رتب عقوبات على من خالف واجبات وظيفته التي ذكرتها سابقا على وفق نص المادة (7) من قانون انضباط موظفي الدولة التي تنص على ما يلي (اذا خالف الموظف واجبات وظيفته او قام بعمل من الاعمال المحظورة عليه يعاقب باحدى العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون ولا يمس ذلك بما قد يتخذ ضده من اجراءات اخرى وفقا للقوانين). اما القواعد محل البحث فلم يرد فيها ذكر لعقوبة وذلك بسبب كونها صادرة بموجب امر له قوة القانون وليست قانون لان العقوبة يجب ان ينص عليها بقانون على وفق ما سبق ذكره في المطلب السابق ، وهذا العرض يقودنا إلى أن نصف قواعد السلوك لموظفي الدولة بأنها قواعد إرشادية سعت الإدارة إلى تنبيه العاملين إلى مراعاة الأحكام القانونية النافذة عند أداء أعمالهم وجمعت بعض من هذه الأحكام المعتبرة في القوانين المتعددة في لائحة وتم عرضها على العاملين للإطلاع عليها حتى يتمكن من مراعاة الأحكام القانونية الواردة في القوانين وليس اللائحة.
فإذا ما خالف احدهم ما ورد في الفقرة (1) من اللائحة فان العقوبة التي تفرض عليه ليس بموجب هذه اللائحة وإنما بموجب القاعدة القانونية المذكورة في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل . وعلى ما ذكر أعلاه اصل إلى الخلاصة بان هذه اللائحة هي دليل إرشادي يبرز القواعد القانونية ذات الصلة بالعمل الذي يؤديه الموظف ولا تشكل قوة إلزام قانوني وإنما وسيلة من وسائل التوعية الإرشادية أو التثقيف القانونية.
الخلاصة ومما تقدم نجد ان المركز القانوني لقواعد السلوك الخاصة بموظفي الدولة والقطاع العام الصادرة من هيئة النزاهة العدد (1) لسنة 2006 ، لا تمثل قانوناً أو قواعد خدمة ولا يمكن اعتبارها قانونا ً عقابياً او جزائياً وذلك على وفق العرض المشار إليه سلفا، وإنما هي قواعد توجيهية إرشادية ، تسمى بالقواعد الأخلاقية التي تشكل مرحلة من مراحل تكوين القاعدة القانونية التي تتصف بالإلزام ، وهذه القواعد لا ترتب اثراً جزائياً مما لا يجعلها ترقى إلى مستوى القاعدة القانونية، لكن المبادئ والإرشادات التي وردت فيها لها أساس في قوانين أخرى منها قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 المعدل وقانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل في ما يتعلق بالجرائم المخلة بواجبات الوظيفة المشار إليها في أحكام الباب السادس ومن المواد (307 ـ 341) ويدخل ضمن ذلك الباب جرائم متعددة منها الرشوة والاختلاس والتوسط واستغلال النفوذ وتجاوز حدود الوظيفة والإهمال في الواجب تجاه المال العام والانتفاع من الاعمال التي تدخل ضمن واجبات الموظف وغيرها ، كذلك بعض القوانين الأخرى التي تتعلق بالوظيفة العامة أو قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل مثل القرار (160) لسنة 1983 الذي مازال نافذاً حتى الآن ، وفي الفقرة أولا منه التي نصت على ما يلي:-
1 - يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات كل من انتحل وظيفة من الوظائف المدنية العامة او من وظائف القوات المسلحة او قوى الأمن الداخلي او تدخل فيها او اجرى عملا من اعمالها او من مقتضياتها بغير حق وذلك دون صفة رسمية او اذن من جهة مختصة.
2 - يعتبر حصول الفاعل على مكاسب مادية عن طريق ارتكابه اية جريمة من الجرائم المنصوص عليها في البند ا من هذه الفقرة ظرفا مشددا للعقوبة يستوجب تطبيق احكام المادة 136 من قانون العقوبات.
ثانيا : 1 - يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسمائة دينار ولا تزيد على خمسة الاف دينار كل موظف او مكلف بخدمة عامة طلب او قبل لنفسه او لغيره عطية او منفعة او ميزة او وعدا بشيء من ذلك لأداء عمل من أعمال وظيفته او الامتناع عنه او الإخلال بواجبات الوظيفة). لذلك فان هذه القواعد سواء وقع عليها الموظف او لم يوقع فإنها لا تشكل سندا لتوجيه الاتهام إليه ، كما نرى إن إلزام الموظف بعدم ارتكاب جريمة مثلما تشير أحدى الفقرات إلى التزام الموظف بعدم إفشاء اسرار الوظيفة وهذا فعل معاقب عليه في قانون العقوبات أو عدم الإضرار بالأموال التي تقع تحت تصرفه فهي كذلك تشكل فعل معاقب عليه في قانون العقوبات ، وهذا يعد لغوا لأنه يؤكد على أمر مؤكد الوقوع .
وفي الختام أرى إن هذه الدراسة المبسطة لا تعدو عن كونها مسعى لدراسة حالات البيروقراطية الإدارية التي تضخم بها جسد الوظيفة الإداري وشعارات لا تغني عن الانتباه إلى خطر الفساد الإداري الذي ينخر في منظومة القيم الأخلاقية للمجتمع ، وهذا المسعى يهدف إلى إزالة هذه الأورام والدرنات التي علقت بالمنظومة القانونية من جراء التشريعات التي صدرت في ظل أنظمة اتصفت بالشمولية والمركزية والهيمنة على رأس المال وتهميش دور السوق الحرة والانفتاح وقدرة القطاع الخاص على النهوض بالواقع الاقتصادي للبلد.
ـــــــــــ
المصادر*
1. القران الكريم.
2. الدكتور خالد محمود عبد الوهاب ـ العلاج السلوكي.
3. الدكتور ريكان ابراهيم ـ النفس والقانون ـ مركز البحوث القانونية ـ وزارة العدل ـ بغداد1988.
4. الدكتور صالح جواد الكاظم - مباحث في القانون الدولي الطبعة الأولى 1991 .
5. الدكتور محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات اللبناني - القسم العام طبعة بيروت.
6. الدكتور عصام البرزنجي ـ محاضرات في القانون الاداري مسحوبة على الرونيو لطلاب كلية القانون والسياسة لعام1981.
17. القاضي سالم روضان الموسوي ـ دراسات في القانون ـ دار البينة للطباعة والنشرـ طبعة2009.
18. بلال امين زين الدين ـ ظاهرة الفساد الإداري في الدول العربية والتشريع المقارن ـ دار الفكر الجامعي ط_2009 .
9. مجموعة الأحكام والمبادئ القانونية الصادرة في المواد الجزائية لعام 2003 ج 2 العدد الرابع عشر ـ الصادر من دائرة العدل في دبي.
10. علي عبدالله الحمادة ـ مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات ـ مركز الأبحاث الكويتية ـ في الشبكة الدولية للمعلومات ( الانترنيت).
11. الدستور العراقي لعام2005.
12. قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية.
13. القانون المدني رقم 40 لسنة 1951 المعدل.
14. قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل.
15. قانون الخدمة المدنية رقم 24 لسنة 1960 المعدل.
16. قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991 المعدل.
17.قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل.
18. أمر سلطة الائتلاف المنحلة رقم 55 لسنة2004