قضاؤه عليه السلام في جارية أخذت عذرتها بالإصبع
* - الإمام الصادق ( عليه السلام ) : أتي عمر بن الخطاب بجارية قد شهدوا عليها أنها بغت ، وكان من قصتها أنها كانت يتيمة عند رجل ، وكان الرجل كثيرا ما يغيب عن أهله ، فشبت اليتيمة فتخوفت المرأة أن يتزوجها زوجها ، فدعت بنسوة حتى أمسكنها ، فأخذت عذرتها بإصبعها . فلما قدم زوجها من غيبته رمت المرأة اليتيمة بالفاحشة وأقامت البينة من جاراتها اللاتي ساعدنها على ذلك ، فرفع ذلك إلى عمر ، فلم يدر كيف يقضي فيها ، ثم قال للرجل : ايت علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، واذهب بنا إليه ، فأتوا عليا ( عليه السلام ) وقصوا عليه القصة . فقال لامرأة الرجل : ألك بينة أو برهان ؟ قالت : لي شهود ؛ هؤلاء جاراتي يشهدن عليها بما أقول ، فأحضرتهن ، فأخرج علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) السيف من غمده فطرح بين يديه ، وأمر بكل واحدة منهن فأدخلت بيتا ، ثم دعا بامرأة الرجل فأدارها بكل وجه فأبت أن تزول عن قولها ، فردها إلى البيت الذي كانت فيه ودعا إحدى الشهود وجثا على ركبتيه ثم قال : تعرفيني ؟ أنا علي بن أبي طالب ، وهذا سيفي ، وقد قالت امرأة الرجل ما قالت ورجعت إلى الحق وأعطيتها الأمان ، وإن لم تصدقيني لأملأن السيف منك ، فالتفتت إلى عمر فقالت : يا أمير المؤمنين ، الأمان علي ؟ فقال لها أمير المؤمنين [ ( عليه السلام ) ] : فاصدقي . فقالت : لا والله إلا أنها رأت جمالا وهيئة ، فخافت فساد زوجها عليها ، فسقتها المسكر ، ودعتنا فأمسكناها فافتضتها بإصبعها . فقال علي ( عليه السلام ) : الله أكبر ، أنا أول من فرق بين الشاهدين إلا دانيال النبي . فألزم علي ( عليه السلام ) المرأة حد القاذف ، وألزمهن جميعا العقر ، وجعل عقرها أربعمائة درهم وأمر المرأة أن تنفى من الرجل ويطلقها زوجها ، وزوجه الجارية وساق عنه علي ( عليه السلام ) المهر . فقال عمر : يا أبا الحسن ، فحدثنا بحديث دانيال . فقال علي ( عليه السلام ) : إن دانيال كان يتيما لا أم له ولا أب ، وإن امرأة من بني إسرائيل عجوزا كبيرة ضمته فربته ، وإن ملكا من ملوك بني إسرائيل كان له قاضيان ، وكان لهما صديق ، وكان رجلا صالحا وكانت له امرأة بهية جميلة ، وكان يأتي الملك فيحدثه ، فاحتاج الملك إلى رجل يبعثه في بعض أموره ، فقال للقاضيين : اختارا رجلا أرسله في بعض أموري ، فقالا : فلان ، فوجهه الملك ، فقال الرجل للقاضيين : أوصيكما بامرأتي خيرا ، فقالا : نعم ، فخرج الرجل . فكان القاضيان يأتيان باب الصديق فعشقا امرأته فراوداها عن نفسها ، فأبت ، فقالا لها : والله لئن لم تفعلي لنشهدن عليك عند الملك بالزنى ، ثم لنرجمنك ، فقالت : افعلا ما أحببتما ، فأتيا الملك فأخبراه وشهدا عنده أنها بغت ، فدخل الملك من ذلك أمر عظيم ، واشتد بها غمه وكان بها معجبا . فقال لهما : إن قولكما مقبول ، ولكن ارجموها بعد ثلاثة أيام ، ونادى في البلد الذي هو فيه : احضروا قتل فلانة العابدة . فإنها قد بغت ؛ فإن القاضيين قد شهدا عليها بذلك . فأكثر الناس في ذلك وقال الملك لوزيره : ما عندك في هذا من حيلة ؟ فقال : ما عندي في ذلك من شيء . فخرج الوزير يوم الثالث ؛ وهو آخر أيامها ، فإذا هو بغلمان عراة يلعبون وفيهم دانيال ( عليه السلام ) وهو لا يعرفه ، فقال دانيال : يا معشر الصبيان تعالوا حتى أكون أنا الملك وتكون أنت يا فلان العابدة ، ويكون فلان وفلان القاضيين الشاهدين عليها ، ثم جمع ترابا وجعل سيفا من قصب ، وقال للصبيان : خذوا بيد هذا فنحوه إلى مكان كذا وكذا ، وخذوا بيد هذا فنحوه إلى مكان كذا وكذا ، ثم دعا بأحدهما فقال له : قل حقا ؛ فإنك إن لم تقل حقا قتلتك - والوزير قائم ينظر ويسمع - فقال : أشهد أنها بغت . فقال : متى ؟ قال : يوم كذا وكذا . فقال : ردوه إلى مكانه وهاتوا الآخر . فردوه إلى مكانه وجاؤوا بالآخر ، فقال له : بما تشهد ؟ فقال : أشهد أنها بغت . قال : متى ؟ قال : يوم كذا وكذا . قال : مع من ؟ قال : مع فلان بن فلان . قال : وأين ؟ قال : بموضع كذا وكذا . فخالف أحدهما صاحبه . فقال دانيال ( عليه السلام ) : الله أكبر ، شهدا بزور ، يا فلان ناد في الناس أنهما شهدا على فلانة بزور ، فاحضروا قتلهما . فذهب الوزير إلى الملك مبادرا فأخبره الخبر ، فبعث الملك إلى القاضيين ، فاختلفا كما اختلف الغلامان ، فنادى الملك في الناس ، وأمر بقتلهما