شاكر: كان رهاني في محله
(FIFA.com) الجمعة 28 يونيو 2013
يمثل الإرتقاء من فريق الشباب تحت 20 سنة إلى فريق الكبار الهدف الأسمى الذي يوحد الجميع في تركيا 2013. لكن يوجد هناك استثناء لهذه القاعدة: إنه حكيم شاكر مدرب العراق الذي اختار الإتجاه المعاكس بمحض إرادته. ففي شهر فبراير/شباط، استقال من منصبه كمدرب للمنتخب الوطني الأول ليتولى الإشراف على عملية انتقاء وإعداد أفضل اللاعبين الشباب في البلاد.صحيح أن هذا القرار قد يبدو غريباً في ذلك الوقت، لكن دوافع شاكر أصبحت الآن واضحة وضوح الشمس. ذلك أن أشبال الرافدين يسحرون القلوب في نهائيات كأس العالم تحت 20 سنة FIFA ، حيث يدخلون مباراتهم الأخيرة في المجموعة الخامسة وهم يحتلون الصدارة على حساب عمالقة من أمثال تشيلي وإنجلترا ومصر. وبينما يعتبرهم جميع المراقبين مفاجأة البطولة، ثمة شيء آخر يثير استغراب مدربهم.وقال شاكر في حديث لموقع FIFA.com "لعل الناس مندهشون بما يقدمه العراق في هذه البطولة، ولكني لست كذلك على الإطلاق. في الواقع، أتوقع أداء أفضل من فريقي في المباريات المقبلة. إذا كان الناس قد تفاجؤوا بما رأوه حتى الآن، فعليهم أن ينتظروا مفاجآت أكبر في المستقبل. لقد تركت منصبي كمدرب للمنتخب الوطني لهذا السبب – لأني كنت مقتنعاً جدا بأن هذا الفريق كان فريداً من نوعه وتبين لي أن بإمكانه أن يبلي البلاء الحسن في هذه البطولة. فكلما كنت أستدعي هؤلاء اللاعبين الشباب للعب مع فريق الكبار، كلما كانوا في المستوى. ربما استغرب الناس عندما قررت تغيير منصبي، ولكني أعتقد أن الجميع بدأ نرى الآن أن رهاني في محله."لا يتردد شاكر في التأكيد على أن لاعبي منتخب الشباب الحاليين يمثلون "مستقبل كرة القدم العراقية،" ولكن من خلال ما يحققونه في كأس العالم تحت 20 سنة FIFA، يبدو أنهم يكتبون صفحات حاضرها أيضاً. فقبل أيام فقط من السفر إلى تركيا، كان خمسة لاعبين من هذا الفريق في التشكيلة الأساسية لمنتخب الكبار الذي وقف نداً عنيداً أمام أستراليا في مباراة متكافئة ضمن تصفيات كأس العالم FIFA. صحيح أن ذلك السياق كان بعيدا كل البعد عن المباريات الودية التي خاضها البقية، ولكن شاكر يعتبر تلك التجربة مفيدة للاعبيه، مؤكداً أنها ساهمت في "بناء ثقتهم وإعدادهم نفسياً."مرة أخرى، كوفئ المدرب على رهانه الجريء. فقد وجدت كتيبة العراق نفسها متراجعة في النتيجة في كل واحدة من مباراتيها الإثنتين حتى الآن (2-0 أمام إنجلترا، ثم 1-0 ضد مصر) وفي كلتا المناسبتين أظهرت ثقة عالية وقدرة نفسية هائلة للعودة في النتيجة. ومع ذلك فإن شاكر يتمنى لو أن فريقه وفّر على نفسه كل تلك المتاعب.
لا يتوقع منا الكثير من الناس أن نذهب بعيداً، وأنا أعلم ذلك، لكني أعتقد أنه أمر ممكن.
حكيم شاكر
وأوضح قائلاً: "أنا سعيد بقدرتنا على قلب النتيحة، ولكن، صدقوني، أتمنى لو أننا لم نكن بحاجة لذلك. سأكون أكثر سعادة بكثير إذا كنا سباقين إلى التسجيل. ولكن يجب أن أقول أن القدرة على العودة في النتيجة عندما تكون الأمور صعبة هي ميزة من ميزات الفرق الكبرى. لقد واجهنا أبطال أفريقيا وواحداً من أفضل الفرق في أوروبا، ولكن لاعبينا لم يتقبلوا الهزيمة. هذا شيء أفتخر به جداً. يمكنك أن تخطئ في أية مباراة ولكن الشيء الأهم هو تصحيح تلك الأخطاء، وهذا بالضبط ما فعله لاعبونا."وبقدر ما فاجأ العراق متتبعي نهائيات تركيا 2013 بقدر ما أدهش أبناء شاكر كل المراقبين من خلال حركاتهم وتصرفاتهم. فإذا كانت الكلمات عاجزة عن وصف مدى الوحدة السائدة في الفريق، يكفي فقط استحضار صور البدلاء وهم يقفزون من مقاعد الإحتياط لشحذ همم زملائهم المتواجدين على أرض الملعب أو تلك اللقطة التي ظهر فيها المدرب محملاً على كتفي الحارس الإحتياطي.وقال شاكر في هذا الصدد: "لقد بنينا هذا الفريق ليكون مثل الأسرة الواحدة. عندما تنجح في خلق جوي عائلي، فإن الجميع يكونون سعداء. ومع ذلك، تظل هناك قواعد وضوابط يجب على الجميع احترامها، كما هو الحال في أكبر العائلات. ولكننا نحب الإستمتاع، نحن عفويون بطبعنا. هذا هو سبب فرحتنا وبهجتنا بتلك الطريقة على أرض الملعب، كل ذلك يأتي بشكل طبيعي."كما امتدت وحدة العراقين من أرض الملعب إلى المدرجات، التي غصت بعدد من المشجعين وهم يلوحون بأعلام البلاد مرددين الأهازيج وعبارات التشجيع المتواصلة لمؤازرة فريقهم، حتى عندما بدت الهزيمة أمراً محتوماً لا مفر منه. ولم يمر هذا الدعم مرور الكرام على شاكر، الذي أبى إلا أن يكافئ هؤلاء الأنصار بضمان إقامة مطولة في مدينة أنطاليا الساحلية الجميلة.وقد أوضح المدرب أن "المشجعين كانوا رائعين وأعتقد أنه سيتوافد المزيد منهم إلى هنا لمشاهدة المباراة ضد تشيلي. منذ اللحظة الأولى هنا في تركيا، وبفضل ما قدموه لنا من دعم، شعرنا أننا نلعب داخل ديارنا حيث نوجد بين العديد من الأصدقاء. نأمل أن نتمكن من تسجيل المزيد من الأهداف لإسعادهم والفوز على تشيلي لضمان صدارة المجموعة. أنا واثق من قدرتنا على ذلك. احتلال المركز الأول كان دائما هدفنا، وإنه من المهم جدا تحقيق هذا المبتغى، لأننا الآن نرغب في البقاء في أنطاليا. الإستقرار، سواء على الصعيد النفسي والسيكولوجي، هو أمر حيوي بالنسبة للاعبين، والبقاء هنا من شأنه أن يعطي دفعة قوية لفرصنا في ترك انطباع جيد في هذه البطولة. لا يتوقع منا الكثير من الناس أن نذهب بعيداً، وأنا أعلم ذلك، لكني أعتقد أنه أمر ممكن."بالنظر إلى سجل شاكر في الآونة الأخيرة، من ذا الذي يتجرأ على الرهان ضده؟
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العندليب الابيض
