مقدمة
الحقوق و الحريات تعتبر من اهم اسس بناء الدولة الديمقراطية الحديثة والتي تعتبر هي مجموع الامتيازات التي يحصل عليها الفرد في مواجهة السلطات العامة .
ونظرا لطبيعتها هذه فكان لابد من ان يكون هناك من الضمانات ما يحميها و يكفل تمتع كل فرد بها، و في هذا الموضوع سوف نتعرض لفكرة الضمانات لحماية هذه الحريات و الحقوق و سنبدأ بـ .
النص في الدستوري
يعتبر النص على حقوق الإنسان و الحريات في الدستور أحد الطرق التي تؤدي إلى ضمان حقوق الإنسان وحرياته ، حيث ان النص على هذه الحقوق في الدستور يعني إن هذه الحقوق والحريات تعتبر مبادئ دستورية وطنية يجب على كافة السلطات في الدولة احترامها.
ولكن ولا يكفي ان ينص فقط في الدستور علي الحقوق و الحريات بل يجب ان ينص الدستور كذلك على الوسائل الكفيلة التي من شأنها حماية هذه الحقوق والحريات وإرجاعها إلى أصحابها في حالة انتهاكها هذا من جانب ومن جانب آخر ضرورة توفير الضمانات التي تعمل على تطبيق القاعدة الدستورية.
حيث لايمكن إصدار أي قانون أو تعليمات تتعارض مع أي حق او حرية من حقوق الإنسان وحرياته المنصوص عليها في الدستور.
الرقابة علي دستورية القوانين
تؤدي الرقابة على دستورية القوانين هي ايضا إلى تحقيق ذات الهدف وهو المحافظة على ضمان حقوق الإنسان وحرياته وتعمل على عدم انتهاكها و المقصود من دستورية القوانين، هو وجوب مطابقتها لأحكام الدستور وعدم تعارضها معه.
وتعتبر الرقابة على دستورية القوانين من ضمانات حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، إذ لا معنى لمبدأ سيادة القانون إلا إذا كفل النظام القانوني للدولة وجود جزاء على مخالفة القوانين لأحكام الدستور وخاصة المتعلقة بحقوق وحريات الإنسان، بحيث يكون جزاء كل قانون يخالف أحكام الدستور هو البطلان
فقد تصدر في بعض الاحيان من مجلس الشعب تشريعات تؤدي إلى انتهاك حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وبشكل لا يتفق مع القيم والمبادئ الدستورية بقصد او بدون قصد، وهنا تظهر أهمية الرقابة القضائية على دستورية القوانين كضمانة من ضمانات حقوق الإنسان في حالة انتهاكها من قبل السلطة التشريعية.
وقد تكون الرقابة القضائية رقابة سابقة قبل اصدار القوانين او لاحقة لإصدار القوانين والعمل بها بعد ان يتبين من الممارسة الفعلية ، و تمارس الرقابة القضائية من قبل المحكمة الدستورية العليا ، و تتم الرقابة القضائية علي دستورية القوانين في مصر من خلال احدي الطرق الاتيه، اما بالدفع الفرعي الذي يقوم به احد الافراد كطلب فرعي في خصومه عند تطبيق قانون يوجد فيه شبهة عدم الدستورية او الاحالة من محكمة الموضوع اذا وجدت تلك الشبهة من تلقاء نفسها او التصدي من المحكمة الدستورية العليا نفسها.
حق التقاضي
يعتبر حق التقاضي من الضمانات القضائية القوية التي تحمي حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، حيث يقوم القضاء بفض المنازعات الخاصة بين الأفراد وإرجاع الحقوق والحريات إلى أصحابها في حالة وجود اعتداء علي تلك الحقوق و الحريات من خلال إعطائهم حق التقاضي أمامه، وذلك بالإضافة إلى دوره في حماية حقوق الإنسان وحرياته من خلال الرقابة على دستورية القوانين.
ويعني انه إذا تم انتهاك اي من حقوق الانسان او حرياته لاي شخص من قبل فرد او من قبل السلطة فإنه يستطيع مقاضاة السلطة أو الفرد الذي انتهك حق من حقوقه أو اعتدى علي حريته، أمام القضاء استنادا لما يتمتع به هذا الشخص من حق التقاضي أمام القضاء، فالقضاء الوسيلة التي تُرد بها الحقوق إلى أصحابها وتحترم بها الحريات.
ويجب أن يرتبط حق التقاضي بمبدأ العلانية بشكل عام ويقصد به أداء وظيفة القضاء بصورة علنية لتمكين الرأي العام من متابعة أعمال القضاء لتكون ضمانه ايضا علي مراقبه ما يحدث، وإنه يسير وفقاً لممارسة القانون ، و استثناء ان تكون الجلسات سرية اذا كان من مصلحة سير العدالة وأطراف الدعوى ولا يشكل انتهاكاً لحقوقهم او حرياتهم.
وبجانب حق التقاضي يجب ان يكون هناك ضمانه اضافية لضمان حقوقهم بصورة أكيدة وهي إعطائهم حق الطعن في الأحكام أمام محكمة أعلى درجة لتدارك الخطأ الذي قد تقع فيه المحكمة التي أصدرت الحكم، وهذا بلا شك يعد من ضمانات حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.
الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية
نظرا لما تملكه السلطة التنفيذية من سلطات واسعة و كثيرة قد تؤدي الي انتهاك احد الحريات او الحقوق نظرا لتعرضها للتعامل مع الافراد او من خلال قرارتها او من خلال احد اجهزتها، وهنا تعد الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية من الوسائل التي تؤدي إلى حماية حقوق الإنسان وحرياته ، وذلك لأن هذه الرقابة تهدف إلى وضع حد للقرارات والتعليمات الصادرة من السلطة التنفيذية اذا قامت بانتهاك لحقوق المواطن او حرياته .
منظمات المجتمع المدني
منظمات المجتمع المدني، هي مؤسسات تنشأ داخل الدولة ويكون لها أهداف معينة تسعى إلى تحقيقها منها الخيري و منها الخدمي و منها التنموي ولا تهدف الي الوصول للسلطة، وبالتالي فقد يكون بعض هذه المؤسسات يهدف إلى حماية وضمان حقوق الإنسان وحرياته.
ويلاحظ بأن هدف هذه المؤسسات في حماية حقوق الإنسان وحرياته يتحقق من خلال عدة نشاطات تقوم بها داخل الدولة، وهذه النشاطات تتمثل بتعريف أفراد المجتمع على مفهوم حقوق الإنسان وحرياته وعلى المواثيق الدولية والإقليمية التي صدرت لحماية حقوق الإنسان وحرياته. فضلاً عن الإشارة إلى سبل حماية حقوق الإنسان من الدفاع عن المواطنين و المناداة بتطبيق العدالة و الحرية و المساواة و ان يستمتع المواطنين بحقوقهم و ان يحصلوا علي حرياتهم وغيرها ، ومما يؤكد على أهمية مؤسسات المجتمع المدني في ضمان حقوق الإنسان، ما جاء في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي الثاني والتسعين والذي عقد في كوبنهاكن بالدنمارك في سبتمبر 1993 حول تعزيز الهياكل الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني، والتي تلعب دوراً مهماً في النهوض بحقوق الإنسان وحرياته وحمايتها ما يأتي "إن الاحترام الحقيقي لحقوق الإنسان في العالم هو الركيزة الأساسية التي تقوم عليها العدالة الاجتماعية والرخاء الاقتصادي والتنمية الحقيقية للقيم الإنسانية".
ويجب هناالإشارة إلى إن مؤسسات المجتمع المدني نظراً لأهميتها والدور الكبير الذي تلعبه في حماية الحقوق والحريات، وايضا الدور الذي تلعبه مع صانعي السياسات و واضعي القوانين من اجل الفرد و حماية حقوقه و حرياته وجب على الدولة أن تعمل على دعمها وتطويرها وضمان استقلال نشاطها دون تدخل السلطة إلا بحدود القانون.
الرأي العام
يعتبر من اهم واقوي ضمانات حماية الحقوق و الحريات في اي مجتمع و خصوصا اذا كان لها قوة و فاعلية و ان تكون نشطة داخل المجتمع هو "الرأي العام" الذي يلعب دورا كبيرا في مواجهة الانتهاكات والاعتداءات علي الحقوق و الحريات وعدم حصول الافراد عليها وحيث أن ضمان حقوق الإنسان وحرياته لا يتحقق فقط بوجود الضمانات الدستورية والضمانات القضائية، إذ لابد من وجود ضمانات اخري يمثلها الرأي العام كاداة للشعب.
ويعتبر دور الرأي العام في ضمان وحماية حقوق الإنسان مرتبط بمدى ثقافة المجتمع ومدى معرفته بحقوقه وحرياته ، وهذا بلا شك يتحقق من خلال تعليم وتثقيف أفراد المجتمع على الأفكار والمبادئ المتعلقة بحقوق الإنسان و حرياته.
ابراهيم العناني