فارق العراقيون الكهرباء منذ زمن بعيد من أيام الثمانينات عندما كان سكان العراق لم يتجاوز العشرين مليون واغلب القرى والأرياف لم تصلها الكهرباء بعد ، وحين كان الدينار العراقي مساويا للدولار بفعل الدعم الخليجي والغربي لان العراق كان يدافع عن البوابة الشرقية!، وبدأت معاناة العراقيون مع الكهرباء وليس هي فقط فالحصار وقلة الغذاء والدواء وانتهاك الكرامة ، لكن بقى شبح الكهرباء هو سيد الأزمات بسبب الحروب والعقوبات ومن اجل الوصول لحل في إيصال الكهرباء استخدم النظام السابق القطع المبرمج وعادة ما يحدث في فصل الصيف لكن هذا القطع لايشمل الجداريات الكبيرة للقائد الضرورة والقصور الرئاسية ومصانع التصنيع العسكري وغيرها من المواقع المهمة وطبعا هناك فرق بين مدينة ومدينة ومنطقة وأخرى حسب الأهمية ولا احد يعترض فالمعترض يعرف مصيره وكان التبرير هو الحصار الاقتصادي من الأعداء الامبرياليين والصهيونية العالمية والأمريكان.
وبعد أن سقط النظام تأمل الناس خيرا وانه سوف تنتهي الأزمات لان الأمريكان أصبحوا أصدقاء والعالم بصناعته وعلمه بيدهم وهذا سيساهم في توفير الكهرباء ، لكن تفاجأ الناس بان الأمريكان عاجزون من تقديم المساعدة لان البنى التحتية غير موجودة والأموال التي تصرف يتم سرقتها من قبل أعمدة الكهرباء !، والتخريب من قبل أزلام النظام السابق الذين يريدون إعادة المعادلة القديمة ولا يروق لهم ما يقال عن الديمقراطية والحرية وحكم الأغلبية التي كان اغلبها جنودا وعمالا وربما مهندسين وربما أطباء لكن لم يكن احد منهم حاكما!، فاخذوا يحرقون ويسرقون ويقتلون على الهوية وتم ربط العملية السياسية بالأزمات الكهربائية فكل وزير يأتي يلعن الذي قبله وانه سوف يوفر الكهرباء عبر الربط المشترك مع دول الجوار واستيراد المحطات التوليدية وعندما اتى الصيف ذهب الوزير إلى الخارج مصحوبا بملايين الدولارات التي سمحت له ولعائلته العيش الرغيد وتأسيس الشركات التجارية والتي تعمل في الدول صاحبة الجنسية، إلى أن أتى وزيرا آخر وطلب المزيد من الأموال من اجل القضاء على الأزمة فتم تخصيص ما يريد فصرح بأنه سيقضي على الأزمة باستخدام المحطات التركية التي تعمل بالسفن في البحر وعندما أتى الصيف وبدا ضغط الشارع والمظاهرات حزم الوزير أمتعته وطبعا الأموال المسروقة وسافر للدول المتقدمة وترك الوزارة بعد أن كون له مستقبلا زاهرا في الولايات المتحدة الأمريكية، حتى أصبح شعار عند الناس أن كل صيف بوزير!، وكالعادة عادت الكتل السياسية بالاتفاق وتقسيم المناصب حسب الاستحقاق الحزبي ، فتسنم المنصب وزيرا جديد وهذه المرة طالب الشعب من الوزير بعدم إطلاق الوعود الكاذبة فلقد مل الوعود والأكاذيب والتكلم بمنطق الأرقام والواقع فقام بافتتاح المحطات الغازية والنفطية ويا ليته أطلق وعدا كاذبا فقط بل هدد أصحاب المولدات الأهلية التي تجهز المواطنين بالكهرباء مقابل مبلغ يدفعه المواطن وتدفع الدولة الكاز بالمجان، بان مولداتهم سوف ترمى بالخردة لان الكهرباء سوف تستمر 24 ساعة ولا حاجة للمولدات الأهلية بعد اليوم ما دامت الوطنية موجودة، وصرح مسؤولا كبيرا في الدولة بان العراق سيقوم بتصدير الكهرباء!، وما أن بدا الصيف حتى عاود الانقطاع وهذه المرة العذر أقبح من الفعل لان الكهرباء تم إرسالها للمحافظات التي تجري فيها الانتخابات وهي الانبار والموصل ولا ندري ما هو مصير الوزير وهل هم لايعرفون أن حبل الكذب قصير أم سيعملون بما عمل من سبقهم!! ويتركون الشعب يتلوى من حر الصيف وضغط أصحاب المولدات والتضخم بالكبد والطحال والقلب وجشع الأطباء.