من التراث البغدادي(قلعة الطير .. أثر لا أثر له)
من التراث البغدادي(قلعة الطير .. أثر لا أثر له)
في محلة (الرملة) من اعلى الجعيفر في كرخ بغداد كانت هناك قلعة، صينية البناء، محكمة الاطراف، تطل على نهر دجلة، وهي خارج السور الغربي لمدينة بغداد، بل هي خارج المحلات المأهولة بسكانها، وكانت اقرب المحلات اليها (الدهامشة) التي زالت بعد الطاعون الجارف الذي اكتسح الاحياء سنة 1831 م ، وما زال بعض اهالي الكرخ يردد دعاء بالشر على من يكره فيقول (علة دهيمش) وهي هذا الوباء الاصفر الذي كان يعصف بالعراق من اطراف الشرقية.
قام الرحالة التركي الشهير ( محمد الطلي) او (اوليا جلبي) بزيارة بغداد سنة 1066 هـ ــ 1655 م وطاف بهذه القلعة التي سماها (فوشلر قلعة سي) اي (قلعة الطيور) وعين موقعها على نهر دجلة عند راس الجسر الخشبي، يوم كان الجسر قائما هناك..
وذكر انها بناية محكمة، وصينية الاركان ممسوكة الزوايا، يطيف بها خندق يجري فيه الماء من دجلة، ويقوم على حمايتها وحراستها من العسكر يأتمرون بامر محافظ لها. شكل القلعة مكعب مفتوحة نحو جهة الشرق. شاطئ دجلة.وربما عرفت بتكية حضرة خضر الياس الذي اطلق اسمه على المحلة بكاملها. كما عرفت بـ (رباط سلجوقي خاتون) زارها الرحالة (ينور) اثناء قدومه الى بغداد سنه 1766 م وهو ينتحل اسم (عبد الله) وقدم للقارئ وصفا عنها، كما زارها (المنشئ البغدادي) وذكرها في تقريره الذي ترجمه الاستاذ عباس العزاوي ويقال ان هذا الاثر القديم كان يقيم فيه احد الرهبان، وهو رجل دين ذكي، بنى برجا ساحقا ربى فيه اسرابا من الطيور من نوع الحمام الزاجل، المعروف في العالم ب(البغدادي) وكان يعمد الى قصاصات من الورق يدون فيها اخبار واحوال المنطقة فيربطها برقبة الطير ويرسلها الى من يهمه الامر ليتلقى جوابه عنها.
ولقد بعد صيت هذه القلعة حتى طغى الجزء على الكل فاطلق اسمه على الجانب الغربي (الكرخ) بكامل مساحته وتشاء الاقدار ان يطغى نهر دجلة طغيانا فاحشا في ربيع سنة 1920 فتضرب امواجه العاتية العاصفة الجرف فينهار المبنى بكامله وتجثو القلعة على وجهها في الجرف، وبقيت كومة عالية منها الى عهد قريب امام بيت المحامي، المرحوم انور عبد الحميد السامرائي، حتى عمدت الحكومة الى تهشيمها وتحطيمها لتزيل بذلك اثراً مهماً للمسيحيين النساطره،وقد كان بالإمكان الابقاء عليه لا نه يمثل اثراً نفسيا من صنع اليد العراقية الماهرة. وكانت المرأة البغدادية قد اعتادت في عيد خضر الياس ان تأتي بقطعة صغيرة من الخشب تركز عليها شموعا صغيرة مختلفة الالوان.
توقدها وترسلها على وجه النهر فتنحدر مع باقي الخشبات الطائفات فيشهد الناس منظرا شائقا وكأن الشموع نجوم تجري على وجه الماء..
لقد زالت قلعة الطير وبقيت اخبارها راقدة في بطون بعض الكتب .والايام دول تذهب بالأصول وتبقي الصور
المصدر