بعد أن امتطيت حماري واثنيت العودة لبيتي من الأرض التي اعمل فيها مزارع سمعت أصوات عالية تدوي ولكنها بعيدة ظننت قيام الساعة ألا أن الذي ابعد تفكيري عن هذا الأمر هو كلما اقترب الأصوات تزداد قوة ارتعبت خوفاً من ربما احتجاجات على بيتي الذي عجنت طينته بروحي من دون أن ادفع مبلغ التراب الذي سرقته من ارض الوطن أخذت أحاسب نفسي وألومها واستغفر لذنبي واحمد الله على ألحظة التي أحسست بها بخطئي وكل ما فهم سمعي هتاف لبيك ياحسين فقلت ياله من هتاف لا يقال الا لطلب فقراء النصرة عندما يشتد بهم الظلم وضاقت بهم الدنيا اقتربت أكثر ولكني بدأت أرى جمع غفير من الناس واقفين أمام بناية ضخمة يقال عنها مجلس المحافظة فتجهة صوبهم لفضوليتي الكثيرة فسمعت أطلاق عيارات نارية فرددت الحشود المجتمعة ابد والله ماننسه حسيناه و بالروح بالدم نفديك ياعراق مع تقدمهم للبناية أكثر وبعزيمة أقوى ليبرهنوا للسادة المسؤولين عدم خوفهم من الموت .
أكثر من ساعة وأنا أراقب الموقف فسألت احدهم ماذا تريدون من المساكين ؟ فأجاب نحن لا نريد ان نسكن في قصور مرصعة بالماس والذهب ولا نريد طرق تبلط بالياقوت ولا نريد مناصبهم ولا نريد خدم في بيوتنا ولا نريد أموال يتصدقون بها علينا ولا نريد سيارات كسياراتهم ولانريد ان يتسكعوا بنا في دول العالم للاطلاع على معالم الحضارات الغربية .
عجبت كل العجب فقلت أذن أنت لاتريد شيئاً وقلت في نفسي هذا اول المجانين .
فرد عليه طلباتنا بسيطة كل مانريده هو الوفاء بعهودهم ووعودهم التي قطعوها على أنفسهم ومن اجلها انتخبتهم صدقني لا نزايدهم على مناصبهم نحن نطالب بتحسين الظروف المعايشة التي تدنت من السيئ الى الاسوء وأعمار مدينتنا التي أصبحت خربة والالتفات لأقتصاد البلاد الذي ينهار بسرعة لحظه بعد أخرى و نناشد بالواقع الصحي الذي أصبح مزرياً ، وتعين الخريجين الذين قضوا حياتهم بدراسة علم من اجل الوطن ، وواصل كلامه أترى ياعم في طلباتنا معجزة الأهية ، لنا ساعتين ولم يخرج أية مسؤول ليفهم مطالبنا أليس هذا استخفافا بعقولنا وكرامتنا .
بصراحة أنا رجل أمي لا أفهم شيئاً مما قاله هذا الشاب فأنا وحماري نبتعد عن السياسة ونأكل ونتداوى من حشاشة الأرض وبعد ربط حماري بشجرة قريبة من بيتي اسكن ببيتي الذي بنيته من تراب سرقته من ارض الوطن فقلت في نفسي أرادة الشعب أقوى من الطغاة .