منذ أن سقطت دولة الاستبداد الشمولية في 9- 4 -2003 وكعلامة على زمنين مفارقين زمن أفول نظام الدولة المركزية الشمولية والمباشرة ببناء دولة القانون والحياة الدستورية الحضارية بكل مفاصلها وتشكيلاتها الحكومية وغير الحكومية على حد سواء سعت الكثير من الجهود العراقية الوطنية في كل مكان في المباشرة ببناء نسق ومؤسسات المجتمع المدني في العراق كضرورة آنية واستراتيجية في ترتيب البيت العراقي من الداخل كي تستطيع هذه المؤسسات ان تأخذ طريقها في تنفيذ برامجها وأهدافها السامية لإيجاد وعي اجتماعي عالي المستوى وحضاري السمات يكون خير رافد وسند للاهداف الكبرى لنظامنا الديمقراطي السياسي والاجتماعي. من الحرية والمواطنة وحق الاختلاف الحضاري والتعددية الحضارية.
ومن هنا ومن أهمية نسق ومؤسسات المجتمع المدني العراقية كان لهذه المؤسسات شرف المساهمة في جملة من الواجبات الإنسانية ومن كافة المستويات سواء ما ارتبط بالجانب السياسي أو الثقافي أو الاجتماعي لصلة مؤسسات المجتمع المدني بجميع هذه المستويات وهذا يسجل لصالح وحيوية مفهوم المجتمع المدني الذي انتشر كثيرا في فضاء المجتمع العراقي ومن هذه الواجبات التي اضطلعت بها مؤسسات المجتمع المدني العراقي في نشاطاتها وتثقيفها :
-1الاخذ و التأكيد على اعتماد مبدأ المواطنة باعتبار إنها القاسم المشترك لجميع أطياف المجتمع العراقي ولا يعلوه معيار أو مبدأ خر
-2الاخذ بمبدأ شرعية الاختلاف فكريا ودينيا وطائفيا وقوميا بين أفراد المجتمع العراقي والسلطة السياسية
-3إسقاط ثقافة العنف ومركزية الرأي ونشر الثقافة المدنية داخل مؤسسات المجتمع المدني وخارجه.
-4تفكيك القيم والعادات والمعتقدات التقليدية التي تعرقل التقدم الفكري والتطور التكنولوجي لكي تحرر الشخصية العراقية من الازدواجية.
-5غرس الوعي القانوني واحترام القانون لأجل تعريف المواطن العراقي ماهي حقوقه وماهي واجباته.
-6التوغل داخل الأرياف والمناطق البعيدة قبل التمركز في العاصمة.
-7يجب العمل على تواجد المرأة في نشاطات مؤسسات المجتمع المدني.
-8تعريف المواطن العراقي بأهمية إرادته في المحافظة على حريته والدفاع عنها.
-9يجب على مؤسسات المجتمع ان تتسم بالجدية في عملها من خلال طروحاتها ونشاطاتها.
-10يجب على مؤسسات المجتمع المدني ان تتسم وتساهم بالدوافع الإنسانية والاغاثية
وهكذا يتضح لنا إن الواجبات التي تضطلع بها مؤسسات المجتمع المدني العراقي في هذه المرحلة الهامة هي واجبات كبيرة وهامة جدا بسبب ان مؤسسات المجتمع المدني قد ولدت في واقع يتسم بالفقر الحضاري الشديد لهذه الأهداف السامية التي تعمل عليها فقد ورثت تركة ثقيلة جدا من الماضي الاستبدادي الذي افقر وصحر الحياة في العراق فلم تستطع منظمة من منظمات المجتمع المدني العراقي في السابق ان تعمل بحرية لنشر أهداف ذات صفة مدنية بسبب هيمنة السلطة الاستبدادية وثقافتها عبر جهازها السلطوي الذي حارب بشدة أي نزعة للتحرر سواء عبر نشاطات معينة أو أي تثقيف خارج أفق السلطة وهو الضيق أصلا ولم تستطع ان تعمل مؤسسات المجتمع المدني بحرية في العراق في زمنية العهود الاستبدادية بسبب أيضا إن الأفق الاجتماعي العراقي في الفترة المظلمة السابقة قد أصابه الكساد والتبلد والانغلاق عن أي ملامح ثقافة حداثوية وجديدة وبسبب السلطات الاستبدادية أيضا التي عزلت العراق بشكل غريب عن أي تواصل أو تفاعل مع باقي الثقافات والانساق الحضارية والإنسانية مما ساهم بشكل غريب بترديه ويجعلنا نشعر بالأسى لهذا التردي الحضاري للإنسان العراقي ولأجل ذلك ولأدراك كافة العاملين في مجال مؤسسات المجتمع المدني مقدار هذا التردي الذي حصل في الماضي شهد المجتمع العراقي بعد سقوط دولة الاستبداد حركة واسعة نحو عمل ونشاطات المجتمع المدني وتبشر بالخير وان العقل العراقي مازال يتسم بالعنفوان والأمل وحب الحياة في المباشرة ببناء انساق حضارية تساعد الذات العراقية على النهوض من جديد ومنها نسق المجتمع المدني ولذلك وضع العاملين والمهتمين بهذا النسق جملة من الواجبات والتي تكلمنا عنها آنفا وغيرها أيضا في ضرورة انجازها كي يستقر هذا النسق على أرضية ملائمة له ويستطيع انجاز الواجبات الموكلة له ومن فترة أربع سنوات وهو عمر مؤسسات المجتمع المدني وهو قطعا عمر قصير جدا لان نسق المجتمع المدني هو نسق مفتوح وغير مرتبط بزمن بل هو يتفاعل بجدلية رائعة مع متغيرات الواقع ويعتمد عليها فإننا نقول إن مؤسسات المجتمع المدني العراقي وان استطاعت انجاز بعض الأهداف وهو أمر سار إلا إنها مازالت تحتاج الكثير من الوقت والإمكانيات كي تستطيع ان تنجز أهدافها التي تبنتها وهو أمر طبيعي جدا ويرتبط بالحراك السياسي والثقافي والاجتماعي في البلاد ولذلك نقول ان مؤسسات المجتمع المدني بشكل عام هي متابعة أهدافها وواجباتها . والذي يعنيه هذا الأمر إن حركية هذه المؤسسات هي مستمرة ولا انقطاع فيها وهو أمر ضروري لأي حركة ومن هنا نبارك نسق المجتمع المدني العراقي ونتمنى له ان يحقق كل أهدافه التي هي قطعا ستصب في صالح كافة أبناء المجتمع وستساهم في إيجاد المجتمع الحضاري المفتوح الذي يقدر ويتفاعل مع مبادرات أعضاء المجتمع وهو أساس عمل وفلسفة نسق المجتمع المدني0
واجبات وزارة الدولة العراقية لشؤون المجتمع المدني
. دعم منظمات المجتمع المدني ماديا ومعنويا: إذ تعتبر مشكلة التمويل من أهم المشاكل التي تعاني منها المنظمات والتي تعرقل عملها وتحد من نشاطها، مما يتطلب معالجة هذه المشكلة وذلك من خلال العمل على تخصيص موارد مالية لها من ميزانية الدولة، وإنشاء صندوق لدعم المنظمات من موارد حكومية للارتقاء بها إلى مستوى الطموح وتمكينها من وقوفها على قدميها وان تكون الوزارة سنداً لها وان تعمل على تنظيم آلية عملها بالشكل الذي يتوافق ومتطلبات النهوض بواقع المجتمع العراقي وبالشكل الذي يخدم العملية الديمقراطية.
2. تنسيق وتطوير التعاون بين منظمات المجتمع المدني ويشمل هذا تنسيق وتطوير عملية إنشاء شبكات من المنظمات التي تعمل في مجالات مشتركة أو تنشط في نطاق جغرافي واحد، لدعم جهودها في هذه المجالات. ووضع آليات وأطر تكفل التبادل المنتظم للمعلومات والخبرات، وعقد اجتماعات دورية لبحث المشاكل المشتركة والعمل على ايجاد الحلول المناسبة لها، ومساندتها لقيامها بدور حقيقي في التنمية والتطور الديمقراطي.
3. المساهمة في نشر ثقافة المجتمع المدني في المجتمع، وتوفير المناخ المناسب لقيام المنظمات بنشاط فعال من خلال تعميق القيم المساعدة على التحول الديمقراطي وانعكاسها في سلوك المواطنين كقيم التسامح والحوار والاعتراف بالآخر، حيث أن بناء المجتمع المدني في العراق يتطلب القيام بمهام عديدة، من بينها إرساء ثقافة مدنية في المجتمع.
4. تنسيق وتطوير علاقة المنظمات مع مؤسسات الدولة بشكل يضمن حقوق تلك المنظمات في إطار ٍالدستور والقانون، فمن المهم تطوير هذه العلاقة بحيث لا يفهم أن تقوية منظمات المجتمع المدني واستقلالها سيكون على حساب أضعاف الدولة، لأننا بحاجة الى دولة قوية قادرة عادلة تطبق الديمقراطية وتعطي المجتمع المدني فرصة النمو والازدهار، وذلك من خلال العمل على تطوير التشريعات القائمة وإلغاء القيود المفروضة على المنظمات لضمان استقلاليتها والحرص على تعميق الديمقراطية الداخلية لهذه المنظمات وتأكيد مبدأ الشفافية بالنسبة لبرامج النشاط والتمويل كما نلاحظه من خلال عملنا عند ذهابك الى مؤسسه حكوميه يرفض التعاون معك لقله معرفته ماهو عمل ودور المنظمات
5. تطوير قدرات العاملين في المنظمات من خلال تدريب كوادر المنظمات وتطوير قدراتهم وتوفير المهارات والخبرات الضرورية لهم لممارسة مسؤولياتهم في كافة مجالات النشاط ، ويدخل في ذلك تقديم مساعدات فنية لهم وتنظيم الفعاليات المستمرة لبناء هذه الملاكات.
يعاني مكتب مساعدة المنظمات غير الحكومية والذي تشرف عليه الوزارة، من العديد من المشاكل التي تمنعه من (مساعدة) المنظمات غير الحكومية. فحالياً يقوم هذا المكتب بمهمة تسجيل المنظمات، وربما كانت هذه إحدى وظائفه، ولكنها ليست الوظيفة الوحيدة له. فعندما سمي المكتب بـ (مكتب مساعدة المنظمات غير الحكومية) لم يكن يقصد بذلك حصر مهمة المكتب بتسجيل المنظمات والإشراف عليها، بل ان هذه التسمية وهذا الجهاز الحيوي يعني أكثر من ذلك بكثير (إذا تم رفده بالوسائل التي تمكنه من القيام بمهامه).
هناك مجموعة من العوائق التي تقف حائلاً دون قيام الوزارة والمكتب بالمهام الملقاة على عاتقها، تتمثل بكون الوزارة هي وزارة دولة وليست وزارة ذات حقيبة وزارية وبالتالي ليست لديها ميزانية مالية مستقلة تمكنها من تقديم الدعم اللازم للمنظمات، كما ان قلة ملاكها الوظيفي وعدم وجود فروع أو مكاتب للوزارة في المحافظات والأقاليم يعيق من تواصل الوزارة مع منظمات المجتمع المدني في ربوع العراق .
كل هذا القصور أدى إلى عدم قيام الوزارة بمهماتها كما ينبغي ، وبالتالي عدم الرضى الكامل عن أدائها، لأن المنظمات تعتبر الوزارة هي الجهة الرسمية في العراق المعنية بشؤون المنظمات لذلك فهي تنتظر من الوزارة القيام بالعديد من المهام، حيث طالبت هذه المنظمات خلال العديد من المؤتمرات والمناسبات بضرورة تطوير الوزارة من وزارة دولة إلى وزارة كاملة.
كما إن الوزارة قد طلبت من مجلس الوزراء بإقرار قانون وزارة المجتمع المدني لتتحول بذلك إلى وزارة ذات حقيبة وزارية ولتكون بمصاف الوزارات المستحدثة كوزارة حقوق الإنسان ووزارة البيئة ووزارة المهجرين والمهاجرين، لكي تتمكن من تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني بما ينسجم مع تطوير العملية السياسية وترسيخ مبادئ ومفاهيم الديمقراطية لكل أبناء العراق.
ومن كل ذلك نرى بأنه يتوجب تطوير وزارة المجتمع المدني ودعمها وتخصيص المبالغ المالية اللازمة لها من ميزانية الدولة وتوفير الملاك الوظيفي بالشكل الذي يمّكنها من القيام بالمسؤوليات الملقاة على عاتقها، وسيكون ذلك فخراً وانجازاً عظيماً للدولة والحكومة معا.