رغم أن "سُعاد" تعمل أمينة مكتبة، إلا أن الضغوط والتوتر ليسا غريبين عنها. فهي تـُجيب على معظم أسئلة المُتعاملين مع المكتبة، وتجيب على الاتصالات الهاتفية، وتنظـِّم وتـُدير حلقات العمل بالمكتبة، بالإضافة إلى الواجبات الإدارية الأخرى. إن وباء التوتر أو الضغوط يؤثـِّر بشكل كبير على كافة المُجتمعات في يومنا الحالي. فكبار رجال الأعمال يشعرون بالضغوط مثلهم مثل الآباء والقساوسة والعاملين بالسكرتارية والمحامين والسياسين والعاملين في مواقف السيارات، وباقي الناس على اختلاف وظائفهم. فالتوتر المزمن والتعب الشديد هما نمط الحياة بالنسبة لمعظم الناس. إلا أنه من الممكن التقليل مِن حدَّة هذه المعضلة المنتشرة في عالمنا. ليس من الجيد أن تحيا حياتك وأنت في حالة دائمة من التوتر. ومن الضروري القيام ببعض التعديلات القليلة للتقليل من حِدَّة التوتر والضغوط ورفع مستوى الطاقة الخاص بك. فيما يلي 15 طريقة لمساعدتك في القضاء على مرض التوتر: 1- تأقلم مع ظروف الحياةتتميز الحياة، في كثيرٍ من الأحيان، بالتشويش والغموض وعدم التوقع... قد تبدو المشاكل، أحيانًا، مستعصية وبلا نهاية. ولكن هذا طبيعي، فالحياة بحلوها ومُرِّها طبيعية، والتعرُّض للمرض أمرٌ مُحتمل الحدوث وطبيعي، كما أن الشعور بالسلام والسعادة أمر طبيعي. إنَّ راحة البال سببها عدم وضع قدر كبير من الأهمية على أية حالة من الحالات التي يتعرَّض لها الفرد. لذلك أنصحك بالتأقلم مع مجريات الأمور والبحث عن أفضل الطرق لإحداث التوازن في حياتك. 2- تمسَّك بوعود الكتاب المقدسعندما تشعر بأثقال الحياة والضغوط الناتجة عنها، تمسَّك بوعود الله المذكورة في الكتاب المقدس وآمن بقدرتها على التخفيف مِن حدَّة القلق وزيادة الشعور بالطمأنينة والسكينة. قم بقراءة بعض الفقرات الكتابية المُشجِّعة واحفظها وردِّدها عند شعورك بالقلق أو التوتر. إليك بعض هذه الوعود:
- "ذو الرَّأي المُمَكـَّن تـَحْفـَظـُهُ سَالِماً سَالِماً لأنـَّهُ عََليْكَ مُتـَوَكِّلٌ" (إشعياء 26: 3).
- "سلاَماً أَتـْرُكُ لَكُمْ. سلاَمِي أعْطِيكُمْ. ليْسَ كـَمَا يُعْطِي العَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لا تـَضْطـَرِبْ قـُلـُوبُكُمْ وَلاَ تـَرْهَبْ" (يوحنا 14: 27)
- "الرَّبُّ رَاعِيَّ فلاَ يُعْوِزُنِي شَيْءٌ. فِي مَرَاعٍ خُضْرٍ يُرْبـِضُنِي. إِلى مِيَاهِ الرَّاحَةِ يُورِدُنِي. يَرُدُّ نَفسِي. يَهْدِينِي إِلى سُبُل البِرِّ مِنْ أجْلِ اسْمِهِ. أَيْضاً إذا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ المَوْتِ لا أخَافُ شَرّاً لأنـَّكَ أَنْتَ مَعِي. عَصَاكَ وَعُكـَّازُكَ هُمَا يُعَزِّيَانِنِي" (مزمور 23: 1-3).
3- نمِّي مهارة "عدم التـَّعلـُّق"إننا نصبح متعلقين بالطريقة التي نتوقع بها حدوث شيء ما ونحاول بجهد كبير أن نـُخضـِع الظروف لرغباتنا. غير أن الحياة لا تسير بالطريقة التي نرغبها، ولذلك نصبح عُرضة للمُعاناة ما لم نتخلـَّى عن تمسكنا وتعلقنا بالأمور والتحكم في سيرها بالطريقة التي نود. فتخلينا عن تلك الأمور لا يعني أن نبقى في حالة من الفتور وعدم المبالاة والانعزال العاطفي، إنما يعني التعامل بطريقة أكثر مرونة مع الظروف. 4- استمتع بلحظات حياتكعندما تفكـِّر مع نفسك: "لا يتوجَّب عليّ فعل هذا الشيء بخصوص الأمر الفلاني" بينما أنت جالس تقرأ كتابًا شيقًا صدر مؤخرًا، لن يُجديك ذلك نفعاً، إنما ستفقد متعة قراءة الكتاب! استمتع باللحظة وبالوقت الذي تقضيه. وذكـِّر نفسك أن الفترة القصيرة الشيقة التي تقضيها الآن في قراءة كتابك ستجعلك أكثر نشاطًا وفعالية في وقت لاحق. 5- تجنـَّب العمل في العطلات الأسبوعيةمن العجيب أن هناك بعض الأشخاص الذين يأخذون معهم بعض الأعمال المكتبية لإنجازها في البيت أثناء العطلات الأسبوعية. اجتهد في إنجاز عملك أثناء الأسبوع حتى يتسنـَّى لك الخروج من مكتبك بدون حقيبة عمل. قد يعني هذا أنك ستكون مضطرًا للذهاب مبكرًا إلى العمل والعمل بجهد أكبر أثناء الأسبوع، إلا أن الوقت الذي ستقضيه حراً وبدون عمل وقت العطلة سوف يُعوِّض بشكل كبير عن دقائق العمل الإضافي. 6- تعامل مع الماضي كي تشعر بالسلام في الحاضرإن قدراً كبيراً من التوتر والضغوط ينتجان عن التفكير بالماضي. قد لا نستطيع إزالة الماضي من قلوبنا وأذهاننا، لكن الأمل الوحيد للحصول على السلام الحقيقي هو من خلال مواجهة الماضي، الغفران للآخرين والحصول على غفرانهم، وإجراء التعديلات والتصالح مع الذات والآخرين. 7- إشرك نفسك في أنشطة خلاّقة وجيدة ونبيلةأحيانًا تجلب الحياة بعض المشكلات والآلام والمُعاناة والظروف القاسية. وكل هذه الأشياء تسبِّب الضغوط والتوتر. إلا أن هذا التوتر يمكن أن يتم التخلـُّص منه عن طريق التـَّقدُّم إلى الأمام والاستمرار في تطوير أنفسنا رغم المصاعب والمشقات.رغم أن "هينري ماتيس" كان أصغر من "أوغست رينوار" بثماني وعشرين سنة، إلا أن الفنانين العظيمين كانا صديقين عزيزين ورفيقين متلازمين. وعندما أجبر "رينوار" على الإقامة الجبرية في منزله في العقد الأخيرمن حياته، كان "ماتيس" يزوره بصورة يومية. وبالرغم من مرض "رينوار"، إلا أنه ظل يواصل الرسم بغض النظر عن ضعفاته وأمراضه. في أحد الأيام، وبينما كان "ماتيس" يُشاهد صديقه يعمل في المرسم وهو في ألم شديد، سأله: "لماذا تواصل الرسم رغم العذاب الذي أنت فيه؟". ردَّ عليه "رينوار" بكل بساطة وقال: "الجمال سيبقى، لكن الألم سينتهي". وحتى آخر يوم في حياته، كان "رينوار" يواظب على العمل بالرسم، وقد رسم أشهر لوحاته قبل أن يموت بعامين وبعد مرور 14 سنة على إصابته بالمرض الذي تسبَّب في إعاقته ومن ثم وفاته. 8- اقض وقتًا هادئًا وخذ خلوة يوميةافعل هذا حتى لو اضطررت إلى الاستيقاظ بضعة دقائق مبكرًا أو السهر قليلاً. كل واحد منا بحاجة إلى 15 دقيقة تقريبًا كل يوم. علينا أن نستغل هذه اللحظات الثمينة في الصلاة وقراءة الكتاب المقدس والكتب الروحية الأخرى، أو الاستماع إلى موسيقى هادئة، أو النظر من نافذة المنزل. إن الوقت الذي تقضيه في عمل هذه الأشياء ستساعدك في التقليل من التوتر والضغوط. 9- اذهب للتمشي لبرهةإذا كان الفرد يشعر بالتوتر أو العصبية أثناء العمل، فالذهاب للتمشي لبرهة سيساعد الشخص على التخلص من تلك العصبية. قد تصيبنا العصبية نتيجة الجلوس لفترات طويلة أمام الكمبيوتر وعدم أخذ استراحات قصيرة، مما يؤدي إلى التعب والارهاق لدرجة أن الشخص لا يعود قادرًا على العمل أو التفكير أو التركيز بصورة جيدة. ولذلك فالتمشي يمكن أن يكون طريقة سريعة لمقاومة التوتر ويمكن ممارسته في أي وقت خلال اليوم. 10- التحدث عن المشاكللا تحفظ مخاوفك وطموحاتك وهمومك وتطلعاتك المستقبلية لنفسك. افتح قلبك لصديق تثق به أو لأحد أفراد العائلة. تحدَّث عن الصعوبات التي تواجهها في العمل مع زميل لك، وشارك مخاوفك مع شريك حياتك، وعبِّر عن إحباطك لصديق وفي. فالتحدث عن الأشياء المقلقة أو المزعجة يعمل على وضع الأمور في منظورها الصحيح، وبالتالي لن تشعر بالوحدة وسط مشاكلك وهمومك. 11- كتابة المشاكل على ورقةإذا كنت مترددًا من مشاركة مشكلتك مع شخص آخر، قم بكتابتها على ورقة. امنح نفسك 15 أو 20 دقيقة كل يوم على مدار ثلاثة أو أربعة أيام لكتابة مشكلاتك. قم بكتابة كل ما بداخلك دون الأخذ بعين الاعتبار هجاء الكلمات أو طريقة الكتابة أو الالتزام بالقواعد النحوية. أخرج كل ما بداخلك. يجد الكثير من الناس أن تلك الطريقة فعَّالة إلى حدٍّ كبير في تحرير عقولهم وأجسادهم من الهموم. هذه الطريقة ستشعرك بانخفاض حِدَّة التوتر، وعندما يحدث هذا، يمكنك الذهاب إلى تلك الأوراق وتقطيعها ورميها بعيدًا. 12- استخدام الوقت بحكمةإذا كان الوقت هو السبب في توتـُّرك، قم بتقييم وقتك وجدولته وجهِّز جداول أسبوعية ومن ثم تقيَّد بها. كما يمكنك أيضًا الاستماع إلى الموسيقى أو العمل في الحديقة (البستنة) أو أخذ حمام ساخن، أيًا كان الشيء الذي يجعلك تشعر بالهدوء الداخلي والراحة النفسية. فإذا لم تتعلم كيفية الاسترخاء والحصول على الراحة، فلن تحصل مطلقًا على حياة هادئة ومستقرة. 13- اهتم بعمل واحد في وقت واحدتـُشكـِّل الأعباء اليومية العادية حملاً ثقيلاً على كاهل الأشخاص المتوترين، فلا يجدون طريقة لإنهاء أعمالهم - حتى المُهمَّة منها. تلك حالة مؤقتة ويمكن التخلص منها، وأفضل طريقة لذلك هي الاهتمام أولاً بالأمور المُستعجلة وترك ما تبقـَّى لوقت آخر. إذا شعرت أنك لا تقدر أن تؤجِّل أي شيء، قف وفكـِّر: هل أنت متأكد من أنك لا تبالغ في أهمية الأعمال التي تتولاها؟ 14- تجنـَّب الأساليب السريعة في التعامل مع التوترتجنـَّب الأساليب التي ليس لها أي تأثير باق كتدخين السجائر، وشرب الكحوليات، وتناول الوجبات السريعة، فهي أساليب فاشلة في التعامل مع الضغوط والتوتر. قد تجعلك تشعر أنها تخفف مِن حدَّة التوتر، ولكنها بالحقيقة لا تجدي نفعًا، وآجلاً أو عاجلاً ستعود من حيث بدأت. ولذلك من الضروري أيضاً أن يمتنع الأشخاص المتوترون عن تناول المشروبات التي تحتوي على مادة الكافين أو الأطعمة الغنية بالدهون. 15- تعلـَّم أن تقول "لا"غالباَ ما نشعر بالتوتر لأننا لانمتلك الوقت الكافي لإنجاز بعض الأعمال، لذلك تعلـَّم أن تقول لا لأي التزامات إضافية في حياتك من شأنها أن تزيد معدلات التوتر لديك سواء كان ذلك في حياتك الشخصية أو المهنية. ارفض قبول المسؤوليات الإضافية التي هي فوق طاقتك.