فمن العلماء من لا يرى فرقاً بين الخلاف والاختلاف، بل هما مترادفان، ومن العلماء من يفرق بينهما من خلال الوجوه التالية:
1- إن الاختلاف يستند إلى دليل، وأما الخلاف فلا يستند إلى دليل، بمعنى أن الاختلاف ناشئ عن الاجتهاد، وأما الخلاف فناشئ عن الهوى. فهم بهذا يعتبرون الاختلاف في المسائل الاجتهادية اختلافاً وليست خلافاً.
2- إن الاختلاف هو ما كان المقصود فيه واحداً وإن كان الطريق فيه مختلفاً. وأما الخلاف فيكون المقصود فيه والطريق مختلفين.
3- إن الاختلاف غالباً ما يكون ناتجاً عن تغايرٍ في الألفاظ، أو تفاوت في وجهات النظر. أما الخلاف فهو تباين حقيقي، ويؤدي إلى النزاع، والشقاق، والتباين في الرأي دون دليل.
ما جاء في التفريق بينهما في القرآن الكريم فورد في الاختلاف قوله تعالى: "وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه" [النحل:64]. ولم يقل خالفوا فيه، وقوله تعالى: "فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه" [البقرة:213]. وورد في الخلاف قوله تعالى: "فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة" [النور:63]. ولم يقل يختلفون في أمره.
وهذا المستند ضعيف لورود ذم الاختلاف، كما في قوله تعالى "وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد" [البقرة:176].
وخلاصة القول أن التفريق بين الاختلاف والخلاف وعدم التفريق بينهما مجرد اصطلاح، ولا مشاحة في الاصطلاح. والذي عليه عمل جمهور العلماء من الأصوليين والفقهاء في مصنفاتهم: عدم التفريق بينهما، فإنهم يستعملون أحدهما مكان الآخر.
والله اعلم