بينما أنا امتطي حماري ذاهبا في طريقي لزراعة ارض اشتراها لي قريبي في النرويج فأحسست بألم في صدري عند بداية دخولي الحدود فتصورت أني أصبت بذبحة صدرية ولا فرار من يومي الموعود فنزلت من حماري والألم يعتصرني والخوف يسيطر عليه وأذا بأحدهم يمر من قريبي يعرض مساعدته بإيصالي لأقرب مركز صحي عند مدخل الحدود النرويجية . بما أنني مسلم عربي فرفضت وبشدة لعدم ثقتي ألا أن نهق حماري نهقاً أرعبني غضبه فجعلني انقاد لأوامره فوافقت ويدي على قلبي ، ففوجئت بما رأيت من حيث النظافة والاستقبال والاهتمام ونشاط العاملين اصطحبتني ممرضة جميلة الشكل والتعامل وأجريت لي الفحوصات الكاملة بأشراف طبيبين احدهم شاب في بداية طور التكوين لم أكن مطمئن لعدم ثقتي بالأطباء الجدد والأخر رجل كبير عرفت اسمه غاردر ويشغل منصب مدير المركز بعد أن أكملوا جميع الفحوصات أعطوني كبسولة واحدة وأدخلوني في غرفة للعناية والمراقبة وبأشراف ممرضات حسناوات وبعد نصف ساعة تعافيت ولكني لم اقتنع لقناعتي الكبسولة التي تناولتها ماهية إلا مهدئة لبعض الوقت فصرحت للطبيب بما يجول في خاطري فأبتسم واصطحبني لمكتبه وقدم لي العصير وأكد بأنني لم أعاني من أية شيئاً سوى بعض الإرهاق واخذ يشرح لي بالتفصيل الممل حول كفاءة الأجهزة ومهارات الأطباء من حيث الخبرة والشعور بالمسؤولية والانتماء للأرض .
فما كان مني بعد أن أحسست بأطمنان إلا أن أقدم له جزيل الشكر وللقائمين على هذه الخدمات واستأذنته للخروج ولكنه أصر غلى تودعي ورافقني حتى امتطيت حماري ولوحت أليه بيدي وكان حماري في هذه المرة هادئ الطباع راضياً عني ولم ينهق عرفت ذلك من خلال ابتسامة الجميلة التي رأيتها على وجهه بفرحه لسلامتي .
جاسم الزركاني