قد يندهش القارئ باطلاعه على الظاهرة، لكنها باتت واقعا وأخذت بالانتشار بين بعض الشباب العراقيين عبر استعمال حبوب منع الحمل التي تساعد، كما يرون، في تبييض لون البشرة، وكذلك في التمارين الرياضية لزيادة الهرمونات والمساعدة على بناء اجسامهم.
ويقول خالد وهو احد المتعاطين لهذه الحبوب بينما لم يتجاوز 17 عاما، في حديث لـ"شفق نيوز" "اكتشفت ذلك واستعملت الحبوب، بعد استشارة احد الصيادلة في البصرة، الذي اكد لي الا تأثيرات جانبية على استعمالها من قبل الشباب".ويتابع "أصبحت اتعاطاها بين الحين والاخر خصوصا عند الخروج الى الأسواق او مدن الألعاب او عند الذهاب الى صالة التمارين الرياضية"، ويعتقد انها "تزيد من وسامته".ويقول مواطن يدعى سعيد في حديث لـ"شفق نيوز"، وقد بدا عليه التردد عندما سئل عن سبب تعاطيه حبوب منع الحمل، ان "أصدقائي نصحوني باستعمالها كونها تغنينا عن استخدام الخلطات التي يصنعها بعض باعة الكماليات النسائية لتبييض الوجه"، مشيرا الى انه، لم يجد ضيرا في استخدامها "كونها لا تغير من رجولتي او صفات الشباب لدي".وتنتشر في سوق البصرة القديم مهنة بيع الادوية في البسطات، و"ام فرقد" احدى ممارسات هذه المهنة وفي بسطتها ادوية متنوعة، ولكل الاصناف منها الخاصة بالأمراض المزمنة وكذلك العلاجات البسيطة، تقول لـ"شفق نيوز"، "انني اريد ان ابيع ما بحوزتي من ادوية ولا يعنيني امر من يشتري هذه الحبوب، ان كانت له او لزوجته", وتؤكد على ان الكثير من الشباب يأتي اليها ليشتري منها حبوب منع الحمل لكنها لا تميز بينهم ولا تسأل سبب شراءه.الآباء الذين التقتهم "شفق نيوز"، اجمعوا على ان هذه الظاهرة ارتبطت بأفكار "هدامة" اشاعها "الانتهازيون" من بائعي الادوية و "ممن يتاجرون بأرواح الصبية من ابنائنا" .ويوضح الكابتن البحري مؤيد الراشد في حديث لـ"شفق نيوز" "اتابع اولادي بشكل دوري ولم الاحظ ذلك التغيير على اجسامهم او على وجوههم، لكن احد ابنائي روى لي عن صديقه الذي يتعاطى هذه الحبوب واعني بها حبوب منع الحمل فمنعته من مصاحبته حتى يترك هذه العادة السيئة"."ابو فرات" الذي بدت على وجهه علامات الاستغراب من "تناول بعض الشباب ما لا يعرفونه من ادوية"، واصفا الامر بأنه "لعنة تصيب كل من يسكت عنها وستدخل كل البيوت ان لم توضع لها الحلول المناسبة وادعو الى تشديد الرقابة الصحية على الصيدليات ومنع بيع هذه الادوية الا بوصفة طبية".اما مدرس اللغة العربية في منطقة "ابو صخير" شمال مركز المحافظة "صلاح جبار"، فيروي لـ"شفق نيوز"، عن انه تفاجأ بهذا الامر، "اذ انني وعند تفتيشي لحقيبة احد الطلاب بعد ابلاغ احد عمال الخدمة عن وجود شباب يتعاطون حبوبا لم يعرفها في حمامات المدرسة، وجدت في حقيبة الطالب شريطا لحبوب منع الحمل", منوها على ان "ضعف الاداء الحكومي تجاه الصيدليات وبائعي الادوية في الاسواق تسبب في سهولة الحصول على ما يريد متعاطو هذه الحبوب وغيرها".وفي محاولة لـ"شفق نيوز"، الاستفسار من بعض الصيدليات عن الظاهرة، رفض البعض من اصحاب الصيدليات الاقرار ببيعهم هذه الحبوب الى الشباب، ومؤكدين في الوقت نفسه انهم لا يطلبون وصفة الطبيب في اغلب الاحيان لمن يريد شراء حبوب منع الحمل.وقال ابو احمد صاحب صيدلية في منطقة حي الحسين غرب مركز مدينة البصرة، في حديث لـ"شفق نيوز"، انه "اعرف ان الكثير من الشباب اصبحوا يتعاطون هذه الادوية لزيادة هرموناتهم اثناء تأدية بعض التمارين الرياضية او لبناء اجسامهم لكنني لا استطيع التمييز بين من يتعاطاها وبين من يريد اخذها للاستعمال المنزلي".نقابة الاطباء في البصرة من جهتها اشارت الى ان "تعاطي هذه الادوية فيه خطورة كبيرة"، ويقول نقيب الاطباء مؤيد جمعة في حديث لـ"شفق نيوز"، انه "اؤكد على خطورتها على من يستخدمها من الشباب فهي تخثر الدم في الاوعية الدموية وتؤثر على جهاز الدوران عند الانسان كما انها تنخر العظام"، منوها على ان "الاطباء حتى في حالات اعطائهم ووصفهم الادوية للمرضى يشترط ان تكون هذه الادوية لمدة زمنية معينة خوفا من تأثيراتها الجانبية, وادعو الشباب الذي يتعاطى حبوب منع الحمل الى الابتعاد عن تناولها".وهكذا يبدو ان ما جرى في السنوات الاخيرة في العراق، والانفتاح على العالم، قد ادى الى اتجاه كثير من الشباب العراقيين الى محاولة التحرر من القيود التي فرضت عليهم طوال عقود بأي شكل كان، وان بعضهم لا يراعي في هذا المخاطر الصحية التي تشوب بعض تلك المحاولات، ومن ضمن ذلك عملية تداول الادوية وبيعها، التي تميزت بغياب أي ضوابط ما ادى الى انتشارها على الارصفة وفي بعض الاسواق بطريقة غير قانونية، في ظل عدم المبالاة بمخاطرها الصحية التي يجهلها باعة تلك الادوية.