TODAY - February 13, 2011
خبراء: الجيش منح مبارك فرصة أخيرة لاستيعاب الموقف المتفجر ثم حسم خلافه مع مؤسسة "الرئاسة" وانحاز للشارع
ساعات ماقبل تنحي مبارك
الجيش انحاز إلى الشعب
بينما استبقت تقارير غربية المشهد السياسي الغائم الذي ساد مصر قبل يوم واحد من إعلان الرئيس المصري تخليه عن السلطة في البلاد، بالحديث عن خلافات عميقة بين قيادات رفيعة بالجيش المصري ونائب الرئيس اللواء عمر سليمان، جاءت الإطلالات المتلاحقة قبل يوم من خروج مبارك لقيادات بالحزب الوطني، ورئيس مجلس الوزراء، ووزير الإعلام، لتعكس حدة التوتر والتضارب في رأس السلطة، وهو ما رأى فيه سياسيون وخبراء تأكيدا لوجود صراع محتدم داخل النظام المصري (الجيش ومؤسسة الرئاسة)، حول كيفية إدارة الأزمة التي بدأت منذ 25 كانون الثاني (يناير) الماضي.
وقال اللواء الدكتور محمد قدري سعيد، مستشار عسكري لمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بـ"الأهرام"، إن المؤشرات أكدت وجود خلاف داخل المؤسسة العسكرية نفسها، مشيرا إلى أن هذا الخلاف تمحور حول طبيعة توصيف ما جرى في البلاد.
وتابع سعيد إن التوصيف الأول داخل المؤسسة العسكرية كان يرى أن ما حدث هو تعبير عن رأي مجموعة من المصريين، لا كل المصريين، حتى لو كانوا عدة ملايين قاموا بخطوة اعتبرت جيدة وسعينا لتحقيق مطالبها، وهذا كاف".
على الجانب الآخر، رأى جناح آخر، بحسب اللواء سعيد، "أن هناك احتمالا قويا بانضمام مزيد من الجماهير الغاضبة للمظاهرات، وأن هذا يفتح الباب لتداعيات غير محسوبة، لن تكون معها الإجراءات التي اتخذت ذات جدوى". ويعرب اللواء سعيد عن اعتقاده أن ما حدث أول من أمس (الجمعة) دعم وأكد صحة التوصيف الثاني، وقال: "هذا دفع الجيش لتجاوز موقف البقاء على مسافة واحدة من أطراف الأزمة، وخطى في اتجاه تحقيق مطالب الجماهير"، لافتا إلى أن ما أخّر هذا الموقف "سيادة قناعة لدى المؤسسة العسكرية بأنه لا تجوز إهانة رموزها، وهو ما دعاها لتوجيه الشكر للرئيس مبارك في بيانها الثالث"، وقد شهدنا هذا من قبل مع محاكمات الطيران والأحكام الهزيلة التي صدرت وحركت الشعب للمرة الأولى ضد الرئيس عبد الناصر.
وكان الدكتور حسام بدراوي، أمين عام الحزب الوطني الديمقراطي المستقيل من منصبه، قد قال قبل ساعات من بيان الرئيس المصري، الذي أعلن فيه تمسكه بمنصبه، إنه "يتوقع تنحي مبارك (قبل يوم الجمعة الماضي)"، وهو ما أكده الفريق أحمد شفيق، رئيس حكومة تصريف الأعمال في تصريحات مماثلة، قبل أن ينفي وزير الإعلام أنس الفقي هذه الأنباء، مؤكدا عدم تنحي الرئيس.
وكانت القيادة العامة للقوات المسلحة قد انعقدت منذ الخميس الماضي، وبصورة دائمة في غياب القائد الأعلى للقوات المسلحة (مبارك)، وأصدرت بيانها الأول الذي أكدت فيه دعمها وتأييدها لمطالب الشعب، وهو ما فسره الكثيرون بقرب انفراج الأزمة وتنحي الرئيس، قبل أن تصدر بيانها الثاني أول من أمس وتعلن التزامها بانتقال سلمي للسلطة.
وقالت مصادر بالتلفزيون الرسمي لصحيفة "الشرق الأوسط" إن بيان الجيش الثاني تم "حذف أجزاء منه"، دون أن توضح فحوى ما تم حذفه.
من جهته، أعرب سامح عاشور رئيس الحزب العربي الناصري، عن يقينه بحدوث خلاف حاد بين قيادة الجيش والرئيس المصري ونائبه، خلال الأزمة، مشيرا إلى أن الجيش انحاز للشارع الذي يمثل التزامه الحقيقي. وقال عاشور: "كنا ننتظر البيان رقم 3 للجيش المصري، ولم يتأخر، خاصة بعد أن أعلن الشارع الكلمة الفصل في كل ما جرى وخرج بالملايين إلى الشوارع والميادين".
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية الدكتور حسن نافعة، المنسق السابق للجمعية الوطنية للتغيير إن: "ما حدث أكد بالقطع وجود خلافات عميقة حول الموقف أو القرار الواجب اتخاذه، حيال تسارع الأحداث". ويرى نافعة أن قيادات بالجيش كانت تؤيد قرار تنحي الرئيس المصري، مشيرا لوجود تسوية تمت في اللحظات الأخيرة، وقال: "تضارب التصريحات وتأخير موعد بث خطاب الرئيس المصري والطريقة التي خرج بها وما تعرض له من أعمال مونتاج واضحة يجعلنا أقرب لتصور إجراء صفقة، كان مفادها أن قيادة الجيش منحت الرئيس مبارك فرصة أخيرة لاستيعاب تداعيات الموقف المتفجر، قبل أن تحسم الأمور بخروج الملايين إلى الشارع وحصار قصور الرئاسة ومبنى التلفزيون المصري، وهو ما عجل بإصدار بيان التنحي".