TODAY - February 13, 2011
الأحمر.. لون الأنوثة والتميز
جرعات قليلة منه تقوي.. والإغراق فيه يحتاج إلى اختيار الدرجات المناسبة
لندن
يقال إن الأحمر هو لون الحب والقوة والانتقام والطموح وغيرها من المشاعر التي تنم عن رغبة في التميز والنجاح والتفوق على الآخرين. ومهما اختلفت الآراء حول هذا اللون، فإنه يبقى فعلا لون التميز والقوة، ولا نستدل هنا بما يقوله الفلكيون أو مفسرو الألوان والأحلام، بل بقصة فريدة من نوعها في عالم الفن. كان ذلك في القرن الثامن عشر عندما تقرر عرض لوحتين لفنانين متنافسين، هما: جي إم دبليو تيرنر، وجون كونستابل، في نفس المكان والزمان. كان الكل يتوقع تفوق كونستابل، بحكم أنه قضى 10 سنوات وهو ينجز لوحته الشهيرة «افتتاح جسر ووترلو» (The Opening Of Waterloo Bridge)، لكن وفي آخر لحظة فاجأ تيرنر الجميع، وأكثرهم كونستابل، بإضافته لمسة خفيفة على شكل دائرة صغيرة باللون الأحمر وسط اللوحة لتبرز مثل الشعلة من بين باقي ألوان اللوحة النيلية الهادئة. وغني عن القول إن لوحته هاته، «Helvoetsluys»، خطفت الأضواء من غريمه الذي بدت لوحته الصارخة بالألوان مبالغ فيها. لم تكن حركة تيرنر هاته بريئة أو وليدة صدفة، بل كان يقصد من ورائها الانتقام من كونستابل بعد أن تناهى إلى مسامعه أن هذا الأخير كان يريد سرقة الأضواء منه بطلبه أن توضع لوحته في مكان غير بارز ومن هنا جاء اختياره للاحمر. يقول ديفيد سولكين، البروفسور في معهد كورتولد للتاريخ الاجتماعي والفنون وأمين معرض أقيم العام الماضي في متحف «التايت» اللندني، عن تيرنر وكونستابل: «أعتقد أن تيرنر أراد القول إن القليل كثير، وإن المبالغة ليست ضرورية للحصول على تأثير قوي. فالفن الحقيقي يكمن في قوة الإحساس لا في المبالغة».
هذه هي قوة الأحمر التي نتكلم عنها، التي ظهرت في عدة عروض خلال أسبوع الأزياء الراقية بباريس في نهاية الشهر الماضي، في إيماءة واضحة إلى أن هذا اللون سيظهر في عروض الأزياء الجاهزة ومنها سيتسرب إلى خزاناتنا. وحتى إذا لم يحصل هذا الأمر بشكل مكثف، فإنه يبقى لونا يمكن تنسيقه مع ألوان أخرى بجرعات قليلة، سواء على شكل حزام أو حقيبة يد أو قفازات أو إيشارب، للحصول على مظهر متميز ولافت يسرق الأضواء بشكل إيجابي في كل المناسبات. وهذا بالذات ما اقترحه جون غاليانو، حين افتتح عرضه بإرسال عارضات في معاطف وفساتين وتنورات يتمازج فيها الأسود بدرجة قاتمة من الأحمر ليرسم لوحة تروق للعين والنفس، وتؤكد أنه لون بعدة وجوه ودرجات ويمكن أن يتمازج بشكل مثير مع ألوان أخرى. جيورجيو أرماني أيضا اعتمده في تشكيلته المستقبلية، المثيرة للجدل بين معجب ومستنكر لعدم عمليتها وتطلعها إلى نساء يعشن في كوكب القمر، مرة باستعماله في لوحة أحادية اللون لا ينافسه فيها أي لون آخر، بما في ذلك الإكسسوارات، ومرات بغمزة خفيفة منه، إما تحت الخصر، حيث يظهر بخجل من بين الرمادي الغامق، أو في خط وحيد مرسوم على حقيبة يد وهكذا. الأمر ذاته يقال عن جون بول غوتييه، الذي مال إلى الدرجات البرتقالية منه في فستان طويل، بينما أسهب في مزجه مع ألوان أخرى ليهدئ من ثورته وصخبه، وكانت النتيجة مدهشة. أما بالنسبة لإيلي صعب، فإن اختياره درجات الألوان في الآونة الأخيرة تدير الرؤوس، لأنها راقية تناسب كل البشرات والأهواء، وبالتالي ظهر الأحمر في تشكيلته الراقية لربيع وصيف 2011 بدرجات تعبق بالقرنفل والجوري، لونت فساتين مناسبة للكوكتيل والمساء على حد سواء.
الجدير بالذكر أن قوة الأحمر تشمل الإكسسوارات أيضا، وليس أدل على ذلك من تجربة كريستيان لوبوتان الذي بنى إمبراطورية مهمة على هذا اللون، الذي صبغ به أسفل أحذيته ليصبح ماركته المسجلة، وجوازه إلى عالم الأنيقات والنجمات. وبغض النظر عما إذا كانت أحذيته ذات الكعوب العالية مريحة أم لا، فإن المرأة تقبل عليها إقبال المدمن، لأن التصميمات أنثوية من جهة، ولأنها تعرف أن بنات جنسها يتعرفن على النعل الأحمر من أول نظرة، من جهة ثانية. بالإضافة إلى هذا، فإنها لا تحتاج سوى إلى هذه اللمسة الخفيفة منه، لإضفاء الأناقة والتميز على أي زي تلبسه مهما كان لونه. فتصوري نفسك مثلا في فستان ناعم باللون الأسود وحذاء أيضا أسود ما إن تمشي فيه أو تجلسي به وتضعين ساقا على ساق حتى تكسر هذه الجزئية الحمراء سواده وتزيد المظهر ككل إشعاعا. وفي مواسم طغت فيها الألوان الترابية والحيادية مثل الكراميل والبيج والبني والكاكي، بالإضافة إلى الرمادي والنيلي والأسود على الموضة، فإن هذا اللون يمكن أن ينافس الأسود في المناسبات الخاصة، لا سيما أنه يوازيه في كونه يضفي على أي واحدة تلبسه قوة وثقة وأنوثة مثيرة، على العكس من الألوان الطبيعية الهادئة التي تضفي عليها نعومة ورومانسية. أما في النهار، فيمكنها مزجه مع الألوان الترابية لكسر حياديتها.
المهم أن يتم اختياره بدرجة تناسب البشرة، إذ إن المثل الشعبي القائل «لبسوا الأسمر أحمر واضحكوا عليه» صحيح إلى حد ما، لكن فقط في حالة عدم اختيار الدرجة المناسبة، ولحسن الحظ هناك درجات كثيرة منه يمكن الاختيار منها، من الأحمر البرتقالي إلى الأحمر القرنفلي القاتم. وفي كل الأحوال هي درجات تقول: «أنا هنا.. أنا موجودة ومن الصعب تجاهلي».
* نقاط تحسب للأحمر
- لن تحتاجي إلى إكسسوارات كثيرة معه سواء كانت من المجوهرات أم المكياج.
- يمكنك ارتداؤه في كل المناسبات، خصوصا إذا كانت الفكرة خلق انطباع بالقوة، وبأنك تمسكين زمام الأمور بيديك.
- إذا كان من الألوان التي تثير الخوف في نفسك، بحكم أنك غير معتادة أو مستعدة لتوهجه، فإن فترة الإجازات والمناسبات هي الفرصة لتجربته والتعود عليه، خصوصا أنه بإمكانك مزجه بلون آخر أو استعماله كإكسسوار. وهذا الأمر ينطبق على الرجل الكلاسيكي أيضا، الذي يمكنه استعماله في ربطة عنق أو منديل جيب مثلا.
- مثل الرسام تيرنر يمكنك استعمال لمسة من الأحمر، مثلا في إيشارب حول العنق أو حزام يحدد الخصر، أو وردة على الشعر أو قلادة فوق فستان أسود، أو حتى أقراط أذن مرصعة بالياقوت، على أن تزيدي الجرعة كلما زادت ثقتك واعتيادك عليه.
- يتناغم بسهولة مع كل ألوان الموسم الترابية. تصوريه ممزوجا مع البيج أو الكراميل أو الأزرق النيلي أو الرمادي الكحلي أو الأسود، فإن المظهر بلا شك سيكون لافتا.
- الأحمر هو أيضا لون الأنوثة والإثارة، ورغم أنه يناسب كل البشرات، حسب درجته، فإنه لا يناسب كل الشخصيات. فامرأة هادئة لا تحب إثارة الانتباه، مثلا، لا يناسبها هذا اللون ويمكنها الاكتفاء به في الإكسسوارات فقط، كقلادة أو أقراط أذن مرصعة بالياقوت.
- يمكن أيضا الاكتفاء باستعمال أحمر شفاه قان. فهو يعبر عن الأنوثة الطاغية، وينجح دائما في تحقيق أثر إيجابي، بحسب درجته بالطبع، بدليل أنه يستخدم كثيرا في الإعلانات والدعاية، بعد أن أكدت الكثير من الدراسات أنه يثير في المخيلة معاني الإثارة والجاذبية والحيوية.
* أحمرك حسب بشرتك
* ثقي أنك عندما توفقين إلى الدرجة التي تناسب شخصيتك وتتناغم مع بشرتك ستتألقين فيه مثل نجم ساطع، وبعد أن تتعرفي على الدرجة المناسبة وتكتسبين بعض الثقة فيه، يمكنك بناء خزانة ملابسك لهذا الموسم حول هذه الدرجة. أول خطوة هي أن تعرفي ما إذا كنت تنتمين إلى الفئة التي تناسبها الدرجات الدافئة أم الباردة منه، والطريقة بسيطة تتلخص في التالي:
- إذا كان الأسود أو الأزرق الملكي من الألوان التي تناسبك، فإن الدرجات الباردة هي بغيتك، وهذه تكون متوهجة وقوية يدخل فيها أحيانا الأزرق أو الوردي. أما إذا كانت درجات الأزرق أو الرمادي الهادئة هي التي تناسبك، فعليك بدرجات هادئة منه مثل لون الشمام، علما بأن الأحمر الياقوتي أيضا يناسبك.
ولبناء خزانتك الخاصة على أساس الدرجات المناسبة، يمكن مزجها بالأسود والرمادي والألوان الترابية. مثلا للمكتب مزجه بالأسود، أو استعماله على خلفية أزرق ورمادي.
- في المقابل، إذا كانت ألوان مثل البرتقالي والمشمش تناسبك أكثر من الأسود أو الأزرق الملكي، فأنت من الفئة التي يناسبها الأحمر الدافئ، مثل لون الطماطم أو أي درجة تدخل فيها نغمات برتقالية. أما كيف تبنين خزانة ملابسك على هذه الدرجات، فبمزجها بألوان مثل الذهبي والبيج والبني، وفي حال كان البني من ألوانك المفضلة، يمكنك اختيار أحمر يميل إليه، مثل لون طوب الطين أو القرميد.* همسة: بالنسبة للأحمر في عالم الديكور، فهو معروف بمقدرته على رفع درجة الحيوية عندما يستخدم بجرعات خفيفة ومحسوبة في أي غرفة. لكن بسبب تأثيره المعروف على النبض وتسببه في تسريع وتيرة دقات القلب والتنفس، ينصح خبراء الديكور بعدم استعماله في غرف النوم. كما يفضلون استخدامه في المساحات الكبيرة لأنه يزيد من الانطباع بضيق المكان، عندما يكون ضيقا.