غُرباء في زمنِ المسافة
في حدادٍ كستائرِ الليلِ
المُنسدلة على وجهِ الكون
التقتْ خطيئتان
فراقكَ لي
وكبريائي لك
أولُ اللقاء
لمْ يكنْ حُلماً يُثملُ
العينينَ حُضورُه
ولمْ يكنْ سراباً
تُعانقهُ صحراء ذاكرتكْ
أنتَ من هممتَ بالرحيل
إلى ألغامِ الوحدةِ
إلى نعشِ الندامةِ
بدون وعي
لتصطادَ أحلاماً أخرى
شُبه ميتة
من بحارِ مُخيلتك
التي جفّتْ شواطئها
بسبب شمس الغياب
ثم عُدت إليَّ
بِنصف قلب
ونصف ذاكرة
تحملُ بكفيّكَ فأس الشوقِ
وعموداً تصلبُ عليهِ
حبّاً
أرهقتْهُ المسافاتْ
وأماتتْهُ ثلوج النسيانِ
ولمْ تسمعْ حفيف الحنين
وصداهُ الذي يحاصرُ قلباً
في كُل مرةٍ يشهقُ
لولادةٍ حُبٍّ آخر
ولموتِ آخر
لمْ أعد أرى في زوايا
ذلكَ القلبِ
سوى صوراً لذكرياتٍ
لا تشتهي غير الاحتراق
في موقد أحزاني
أيها الراحــل..
أقتربْ من منارتي
أقتحمْ فوضى أفكاري
شاركني طقوسَ المطرِ
الذي يسامرُ نافذتي
ما أشبهُ اليومَ بالأمسِ
وما أثقلَ خَطواتي
حينما أجيُء إليكَ
لأحُدّثَكَ منْ خلفَ السِتار
أحُدُّثُكَ عنْ مشاعرٍ
قدْ قُتلتْ
على ميادينِ الورقْ
عن أسمائنا التي صُلِبتْ
على موائدِ الكرنفال
عن دعوتكَ لي للرقصِ
وأنـا بوجهٍ مُغطى بوشاحٍ
مع عينين غائرتين بالدموع
بِلا ميعادٍ مُسبقْ
نلوحُ بأيدينا إلى الأفقِ
وهُناكَ في محطاتِ الوداع
نوُدعُ همسَ الليل
تفترقُ أيدينا
وأعودُ بدونك
لغُرفتي العتيقة
المُحاطة بأطيافكَ المُشردة
لأسهرَ مَعها أُمسية نرجسية
نسترجع فيها معاً ذاكرة الحب
أمسية تحت ضوء القمرْ..