جفنة فاطمة
يظهر من مجموعة من الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) أنهم كانوا يعتنون غاية الاعتناء بما تركته فاطمة الزهرا ء (ع) من بعدها، بل عد بعض ما تركته من الدلائل على تعيين الإمام المعصوم (ع)، وهذا أمر ينبئ عن عظمة الزهراء (ع) ومختصاتها، ومن جملة تلك الموروثات:
جفنة فاطمة (ع).
روى العياشي في تفسيره عن نجم (اسم الراوي) عن الإمام الباقر (ع) قال:
«إن أمير المؤمنين (ع) قال لفاطمة الزهراء يوما: يا فاطمة هل عندك شيء؟ قالت: لا والذي عظم حقك ما كان عندنا منذ ثلاثة أيام شيء نقريك به. قال: أفلا أخبرتني؟ قال: كان رسول الله (ص) نهاني أن أسألك شيئا، فقال: لا تسألي ابن عمك شيئا إن جاءك بشيء عفوا وإلا فلا تسأليه. قال: فخرج الإمام (ع) فلقي رجلا فاستقرض منه دينارا، ثم أقبل به وقد أمسى فلقي المقداد بن الأسود، فقال للمقداد: ما أخرجك في هذه الساعة؟ قال: الجوع، والذي عظم حقك يا أمير المؤمنين.
قال نجم: قلت لأبي جعفر: ورسول الله (ص) حي؟ قال: ورسول الله (ص) حي، فهو أخرجني فقد استقرضت دينارا وسأوثرك به، فدفعه إليه. فأقبل فوجد رسول الله (ص) جالسا وفاطمة تصلي وبينهما شيء مغطى، فلما فرغت أحضرت ذلك الشيء فإذا جفنة من خبز ولحم، قال: يا فاطمة أنى لك هذا؟ قالت: {هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب} فقال رسول الله (ص): ألا أحدثك بمثلك ومثلها؟ قال: بلى، قال: مثل زكريا إذا دخل على مريم المحراب فوجد عندها رزقا، قال: يا مريم أنى لك هذا؟ قالت: هو من عند الله، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب، فأكلوا منها شهرا، وهي الجفنة التي يأكل منها القائم (ع) وهي عندنا». (تفسير العياشي ج1 ص304 ح681/42)
الدعوة الى التسمية باسمها وذكر مصابها
من باب إحياء ذكر اسم الزهراء (ع) ومن جهة ما في اسمها من الآثار المعنوية الكبيرة التي جعلها الله سبحانه وتعالى فيه، فقد ورد الحث عن أهل البيت (ع) في التسمية باسم فاطمة (ع)، ومن ذلك ما رواه الكليني عن الإمام الصادق (ع) قال:
«لا يدخل الفقر بيتا فيه اسم محمد أو أحمد أو على أو الحسن أو الحسين أو جعفر أو طالب أو عبد الله أو فاطمة من النساء». (الكافي ج6 ص19 ح8)
وروى الكليني أيضا بسنده عن السكوني قال:
«دخلت على أبي عبد الله الصادق (ع) وأنا مغموم مكروب، فقال لي: يا سكوني ما غمك؟ قلت: ولدت لي ابنة، فقال: يا سكوني على الأرض ثقلها وعلى الله رزقها، تعيش في غير أجلك وتأكل من غير رزقك، فسرى والله عني، فقال لي: ما سميتها؟ قلت: فاطمة، قال: آه آه، ثم وضع يده على جبهته....، أما إذا سميتها فاطمة فلا تسبها ولا تلعنها ولا تضربها». (الكافي ج6 ص48 ح6)
استغاثة الإمام الباقر (ع) بفاطمة عليها السلام
كان أهل البيت (ع) يتوسلون بفاطمة الزهراء (ع) ويستغيثون ويستشفعون بها، بل ويدعون شيعتهم إلى ذلك، فقد روى الكليني بسنده عن علي بن أبي حمزة، أنه استأذن من الإمام الكاظم أن ينقل عنه حديثا عن جده الإمام الباقر (ع) فقال:
«أنه إذا كان وعك (أي أصابه الحمى) استعان بالماء البارد، فيكون له ثوبان: ثوب في الماء البارد، وثوب على جسده، يراوح بينهما، ثم ينادي حتى يسمع صوته على باب الدار: يا فاطمة بنت محمد، فقال الإمام الكاظم (ع): صدقت.» (الكافي ج8 ص109 ح87)
وقال العلامة المجلسي تعليقا على هذا الحديث:
"لعل نداؤه (ع) كان لاستشفائه بها صلى الله عليها". (مرآة العقول ج25 ص265، وفي البحار ج59 ص102: "لعل النداء كان استشفاعا بها صلوات الله عليها للشفاء")
وينقل العلامة المجلسي في بحار الأنوار والمحدث النوري في مستدرك الوسائل عن كتاب قبس المصباح للصهرشتي تلميذ الشيخ الطوسي، عن المفضل بن عمر، عن الإمام الصادق (ع) قال:
«إذا كانت لك حاجة إلى الله تعالى، وضقت بها ذرعا، فصل ركعتين، فإذا سلمت كبر الله ثلاثا وسبح تسبيح فاطمة (ع)، ثم اسجد وقل: يا مولاتي فاطمة أغيثيني، ثم ضع خدك الأيمن على الأرض وقل مثل ذلك، ثم عد إلى السجود وقل مائة مرة وعشر مرات، واذكر حاجتك فإن الله يقضيها». (مستدرك الوسائل ج6 ص313 ح6891/3، بحار الأنوار ج91 ص30)