الدكتور عباس علي جاسم
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور,وهو الذي يخلق الأنفس ويزكيها بما يعلم من سرها ونجواها والصلاة والسلام على محمد وأله خير الآنام الذي به تنجو سفن المبحرين في دار الدنيا وترسو في مراسي الله شراعها شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول,فمن ركبها نجي ومن تخلف عنها هلك مع الهالكين,عبرة فيهم من الأولين قوم نوح الذي قال الرب الجليل فيهم{وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً}الفرقان37,وما قوم نوح منهم ببعيد.التشنيع على التشيع
من سنن الله تعالى في الأرض أختلاف الناس فيما بينهم على ما يعتقدون أو يؤمنون به وهذا من طبائع الناس,وهو حق مكفول ومعقول ولا خلاف في إن الناس لا يمكن أن يكونوا أمة واحدة لأن الأشاءة الربانية مضت على ذلك,ليس حتما من الله ملجيء لمن لا يريد التوافق والأتفاق ولكن لأن النفوس البشرية لا يصفي هواها على مأل واحد لما فيها وما فيها من نوازع تكوينية قدرها الله سبيلا للبلاء الأمتحاني في مضمار الطاعة والأختيار والتسليم بما يريد,فسواها كما سواها بما ألهمها من فجورها وتقواها.
فلا منكر بعد لتعدد المشارب وأختلاف الأهواء بدءا من الأقرار بربوبية الخالق وأنتهاء بالطاعة للمعبود بما كلف الله به الوجود,وهو بهذا الشأن لا يدعو الفراق بأي حال طالما أنه سنة من سنن الله أن تكون سلاحا لأنكار الثابت وتثبيت المنكر والله تعالى يقول في كتابه الكريم{قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ}سبأ25,فالوزر البشري لا يحمله إلا صاحبه ولا يعاتب إلا مرتكبه,وكله في ميزان الله الذي لا يغفل عن صغيرة ولا يسهو عن كبيرة وكلنا إليه راجعون,أما بين الناس فالله تعالى يأمر رسوله ومن خلاله لنا {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
فكما هو أعلم وهو الذي يزكي الأنفس وهو الذي منع النأس أن يتنابزوا بالألقاب وهو الذي يحكم بما يريد فما بال المختلفون يحملون سيوفهم ويشحذون ألسنتهم ويقولون عن الله وعليه ما لا يعلمون{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً}النساء94,أليس التبيان من ألقاء التهم بحق العباد واجب من الله علي القائلين في هذا النص مرتين وفي غيره من النصوص ما يحول بين القاذفين وبين ما يدعون,فأن كان حقا فيما يقولون فليسوا بمنأى عن الأثم فهم مغتابون وإن كان باطلا ما يزعمون فهم مفترون وكلا الذنبين لا يستقيم مع توصيف المؤمنين.
أقول وقد راعني هذا السيل العرم من التشنيع اليوم على مذهب أهل البيت من المسلمين الشيعة الذين يشهدون بحق أن الله الذي لا إله إلا هو رب العالمين ورب الخلائق أجمعين وأن العبد الصالح المطيع لله ورسوله الأمين محمد بن عبد الله خاتم النبين حقاً حقا وأن البعث حق وأن الحساب حق وأن الجنة والنار حق وأن منكرا ونكير حق وأن الله يبعث من في القبور,وإن الله أشهد ملائكته ورسله وأولي العلم أنه قائما بالقسط لا يظلم أحدا ولا يعتدي على أهل مملكته وإن ما من عامل في الحياة الدنيا إلا ملاق عمله يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم,وأنه من يشرك بالله فأنم ظالم كافر مرتكب الذنب العظيم الذي لا يغفر وكل ما سواه مغفور بالأشاءة والعفو الرباني.
يصلون الخمسه ويقيمون الجمعة,يصومون كما صام الأولون ويزكون ويحجون,ويؤتون ما أتوا وهم بالله موقنون وبرسوله مؤمنون وبكتابه متبعون,لا ندعي لأحد ربوبية ولا نقدس ما لم يقدسه الله في وحيه وحديث رسوله,نهتدي بهدي الله ونعوذ من شر الأنفس وما تخفي الصدور ومن كيد الشيطان وحزبه متقون ومتعوذون بالله,فهل غير هذا الإيمان بالله أم كتاب الغير فيه ما لا نعلم وما لا يعلمون{قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}القصص49.