هنا

[زين المواسي]

مفهوم المجتمع المدني:-
مفهوم المجتمع المدني واحداً من أكثر المفاهيم الشائعة التي تلاقي رواجا كبيرا في وقتنا الحاضر وعلى مستوى العالم ككل وكيف لا وهو يحظى باهتمام كبير من قبل المفكرين والباحثين وذلك لما يلعبه من دور مهم في تحقيق الديمقراطية والدفاع عن حقوق الأفراد, ولو رجعنا بالتاريخ إلى الوراء لوجدنا إن إرهاصات المجتمع المدني كانت قد ظهرت على يد (أرسطو) و ( أفلاطون ) إلا انه شهد حالة من الجمود وعدم التطور بعدهم حتى جاء عصر النهضة الأوربية حيث شهد مفهوم المجتمع المدني تطوراً كبيراً على يد الفلاسفة والمفكرين آنذاك حيث استخدم المجتمع المدني كمرادف للمجتمع المحلي في نهاية القرن السادس عشر⁽¹⁾ . ولكن على الرغم من هذه التطورات التي شهدها مفهوم المجتمع المدني سواء في الماضي أو الحاضر إلا أن مفهومه مازال ينتابه كثيرا من الغموض والتناقض. وقبل الذهاب إلى تعريف المجتمع المدني سيعمل الباحث على تعريف المصطلحين (المجتمع)و(المدني) كلا على حده لمحاولة الوصول إلى وضع تعريف للمجتمع المدني.
أولا:- المجتمع :- يعرف المجتمع بإنه ( الهيئة أو الحالة الحاصلة من اجتماع مجموعة من البشر يعيشون في بيئة واحدة ويتألف بينهم الترابط من جهة القيم والأنظمة والقوانين والتقاليد والآداب والحوائج والأشغال والمصالح المشتركة لتنتج عنهم حياة اجتماعية , وان الحياة الاجتماعية من الأمور الفطرية المودعة في كينونة المخلوق البشري , فالإنسان اجتماعي ومدني بالخلقة , أي إنها ميزة خلقية طبيعية لا تتولد عن أضرار أو اختيار أو تعاقد , فالإنسان إنسان بالقوة على حد التعبير الفلسفي , أي استعداد إنساني محض , وإنما تخرج إنسانيته إلى الفعل من خلال المجتمع.⁽²⁾ ويعرف المجتمع أيضا بأنه (جمع من الناس, مختلف الأنواع والأنماط يعيشون في بقعة واحدة لهم ولاءات ومخاوف ومعتقدات , ولهم رغبات وميول ومشكلات مشتركة , يحسون بإحساسات متقاربة ويستجيبون استجابات متشابهة ⁽³⁾. وكذلك يعرف المجتمع على انه (( جماعة بغض النظر عن حجمها تسكن مكانا لأول مرة وتشترك أمور الحياة العامة بعيدة عن المصالح الخاصة, وتكون علاقات الفرد كافة موجودة داخل هذه الجماعة ))⁽⁴⁾.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ
1- خيري عبد الرزاق جاسم:المجتمع المدني في ضوء جدلية العلاقة بين الدولة والمجتمع(مركز الدراسات الدولية , مجلة الدراسات الدولية , العدد27, جامعة بغداد , 2005) ص32
2- حسين علاوي:مستقبل المجتمع المدني في عراق ما بعد التغيير: (مركز الدراسات الدولية , مجلة الدراسات الدولية , العدد27, جامعة بغداد , 2005) ص154 نقلا عن حسين درويش العادلي : الأمة العراقية والمجتمع المدني , السويد , 1999 , ص3
3- عبد المنعم شوقي : تنمية المجتمع وتنظيمه( مكتبة القاهرة للنشر , القاهرة , ط3 , 1963 ) ص7
4- منال عبد الله غني العزاوي : الخدمة الاجتماعية في منظمات المجتمع المدني : الواقع والمستقبل . ( رسالة ماجستير غير منشورة , قسم الخدمة الاجتماعية , كلية التربية للبنات , جامعة بغداد , 2007 )ص90 نقلا عن ماكيفر وشارلز : المجتمع , ط1 , ترجمة د. علي احمد عيسى , (مكتبة الانجلو مصرية , القاهرة , 1949 ) ص2
ولو رجعنا إلى المفاهيم اللغوية لوجدنا إن كلمة مجتمع في اللغة العربية لايوجد مايقابلها سوى كلمة
مجتمع⁽¹⁾ , أما في اللغة الانكليزية فأننا نجـد أكثـر من كلمة تعبـر عــن وجــود المجـتـمـع فهنــاك كلمــة ( (community وهناك كلمــة (society) وكلاهمـا يقابـل المصطلـح العربـي ( المجـتمـع ). فكلمــة ( (community تشير إلى عدة معانٍ في اللغة الانكليزية فقد تعني المشترك أو الجمهور أو الجالية , أو مواطن جماعة أو جماعة ذات تنظيم مشترك أو مصالح مشتركة وتعيش في موطن واحد في ظل قوانين واحدة . أو تشير إلى جماعة من الرجال والنساء تحيا حياة مشتركة وفقا لنظام خاص اوتعني مجموعة من النبات أو الحيوان تحيا معا . أما كلمة (society) فتعني رفقة أو عشرة أو تعني جماعة وقد تشير إلى شيء خاص بالمجتمع الراقي وتعني المجتمع ⁽²⁾.
مما تقدم نستطيع أن نخلص إلى إن المجتمع هو ((عبارة عن مجموعة من الأفراد تكون بينهم روابط قوية يكون لديها نفس التوجه تسعى إلى تحقيق غايات معينة وتهدف إلى الدفاع عن مصالحها فالفرد يعمل من اجل الكل والكل يعمل من اجل الفرد والعلاقة بينهم قائمة على التعاون والتكامل وليس على الأنا)).
ثانيا – المدني :-
إن المدني مفهوم غامض ومتشابك يتداخل مع كثير من المعاني فان للمدني كصفة ميدان مختلط فهو صفة في مواجهة العسكري حينما يشار إلى العلاقات المدنية , العسكرية , وهو يتعلق بالمدينة ومتطلباتها وبالمدنية التي غدت ضمن مفهوم الحضارة وهي ترتبط بالسياسي والتحديث. وهي كذلك ذات صلة بمفهوم ألمواطنه كما إنها على الضد من الديني كما انه يشير إلى احد المفاهيم التي شاع استخدامه في علمي الاجتماع السياسي والتنمية السياسية وهو (الثقافة المدنية ) وهناك الكثير من المفكرين الاجتماعيين والسياسيين لكون الإنسان مدني، استخدموا هذه الصفة وقارنوها بالعصيان والحقوق و الحكومة وكذلك أضيفت هذه الصفة إلى الدين فأصبح الدين المدني، وكذلك استخدموها الفلاسفة العرب منهم الفارابي وابن خلدون حيث استخدموا صفة المدني لوصف الإنسان وحاجاته للاجتماع .⁽²⁾ إذا نستطيع القول بان المدني هو معنى يدل على الضد من العسكري والديني فالإنسان المدني يكون له غايات وأهداف يسعى إلى تحقيقها لكن بصورة سلمية دون اللجوء إلى اصطدام مع احد ، على العكس من العسكري أو الديني الذين يسعون إلى تحقيق أهدافهم بما يمتلكون من وسائل التأثير على غيرهم .
والآن وبعد أن عرفنا المجتمع وأيضا المدني يمكننا أن نعرف المجتمع المدني بصيغته المعتادة فيعرف المجتمع المدني بأنه المجال الذي يخلو من الاستعمال الفردي للسلطة والهيمنة السلطوية
^{ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــ}
1- منير بعلبكي : المورد قاموس انكليزي عربي ط15 , (دار العلم للملايين , بيروت , 1989 ) ص199 .
2- سيف الدين عبد الفتاح:المجتمع المدني والدولة في الفكر والممارسة الإسلامية في:(المجتمع المدني في الوطن العربي ودوره في تحقيق الديمقراطية), (مركز دراسات الوحدة العربية, بيروت, ط2, 2002, ص 285)
الفوضوية، انه ذلك الفضاء الذي يتفاعل فيه الرجال مع النساء في سلسله كليه متنامية من العلاقات والروابط والمؤسسات المدنية والدينية والاقتصادية والثقافية العامة . ⁽¹⁾
وكذلك يعرف بأنه مجموعة التنظيمات التطوعية الحرة التي تملأ المجال العام بين الاٌسره والدولة والتي لامجال للاختيار في عضويتها⁽²⁾. ويقوم المجتمع المدني على مقومات أساسيه هي ⁽³⁾:-
1- الفعل الإرادي الحر أو التطوعي.
2- الوجود في شكل منظمات.
3- قبول التنوع والاختلاف بين الذات والآخرين.
4- عدم السعي للوصول إلى السلطة.
ومن هنا جاء الاختلاف بين الباحثين والمفكرين في إدراج الأحزاب السياسية ضمن العناصر المكونة للمجتمع المدني , وجاء هذا الاختلاف كون المجتمع المدني ينطوي على مؤسسات طوعيه وغير ربحيه ولا تسعى الوصول إلى السلطة , وهدفها خدمة الصالح العام , بينما الأحزاب السياسية هدفها هو الوصول إلى السلطة , فالبعض منهم يدرج الأحزاب ضمن عناصر المجتمع المدني , ومن هؤلاء (انطونيو غرامشي) عندما يصف المجتمع المدني بأنه مجموعة من البنى الفوقية وهذه البني الفوقية تكون الأحزاب السياسية احد أركانها ⁽⁴⁾ .
وكذلك(خير الدين حسيب) , فيرى بأن المجتمع المدني بأنه (مجموعه من المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تعمل في ميادينها المختلفة في استقلال عن سلطة الدولة لتحقيق أغراض متعددة , منها أغراض سياسية كالمشاركة في صنع القرار على المستوى الوطني والقومي) ⁽⁵⁾.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ
1- احمد حسين حسن: الجماعات الإسلامية والمجتمع المدني, (دار الثقافة للنشر, القاهرة, ط1, 2000 ) ص 55
2- عبد الغفور شكر ومحمد مورو :المجتمع الأهلي ودوره في بناء الديمقراطية, ( دار الفكر للنشر , دمشق , ط1 , 2003) ص 43
3- المصدر نفسه , ص 43 – 44
4- الحبيب الجنحاني وسيف الدين عبد الفتاح إسماعيل:المجتمع المدني بين النظرية والممارسة وأبعاده الفكرية , (دار الفكر للنشر , دمشق , ط1 , 1999) ص 18
5- متروك الفالح :المجتمع المدني والديمقراطية والدولة في البلدان العربية (دراسة مقارنة لإشكالية المجتمع المدني في ظل ترييف المدن) , ( مركز دراسات الوحدة العربية , بيروت , ط1 , 2002) ص 26

وهناك من يستبعد الأحزاب السياسية من عناصر المجتمع المدني , ومنهم (لاري دايمون)* الذي يرى إن ما يميز المجتمع المدني ليس في كونه مستقل عن الدولة ,و لكنه مستقل عن المجتمع السياسي مشيرا إلى النظام الحزبي ⁽¹⁾.
وسنشير إلى بعض تعاريف المجتمع المدني عند عدد من المفكرين:
أولا:- ادم سميث:
يقوم( ادم سميث) بإرجاع نشوء المجتمع المدني إلى وجود شبكه كاملة وواسعة من الأعمال والمنافع المتبادلة وهذه الشبكة سوف تكون نمط وجود المجتمع المدني نفسه , ويرى إن النزوع الإنساني يتجه نحو التبادل والمقايضة⁽²⁾. فالمجتمع المدني عند ادم سميث هو المجتمع التجاري ⁽³⁾.
ويرى ادم سميث إن هناك شيئاً يعشق المصلحة الفردية بالمصلحة العامة حيث يسميها (سميث) ب (اليد اللامرئية) ويقصد بها أن الفرد لتحقيق مصالحه الفردية يحتاج إلى التبادل مع غيره لتحقيق هذه المصالح , لذلك فيقوم بتحقيق مصالحه ومصالح غيره في الوقت نفسه⁽⁴⁾.
ويرى سميث إن عصر التنوير هو من أهم مراحل تطور المجتمع المدني ويرى بأنه كفيل بتخليص المجتمع الأوربي من ماضيها الإقطاعي , ويعتقد إن التجارة والصناعة كان لها الفضل في إقامة النظام والحكومة الحسنه التي توفر للأفراد الأمن والحرية وعدم الاستمرار في الحروب لذلك يعتقد سميث إن تطور التجارة أدى إلى سقوط الإقطاعية أو النظام الإقطاعي/الفروسي أو العسكري مع ذلك لا يرى في التطور الصناعي والتجاري قادر على تحقيق العدالة ⁽⁵⁾ .
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
* لاري دايمون , هو فيلسوف أمريكي له كثير من المؤلفات , منها (ثورة الديمقراطية).
1- متروك الفالح المصدر السابق ص27.
2- حسن ناظم وعلي حاكم صالح :المجتمع المدني تاريخ نقدي (معهد الدراسات ألاستراتيجيه , بغداد , ط1 , 2007)ص28
3-الحبيب الجنحاني وسيف الدين عبد الفتاح,إسماعيل :المجتمع المدني وأبعاده الفكرية , مصدر سبق ذكره , ص15
4- حسن ناظم وعلي حاكم صالح:المصدر السابق , ص 28 – 29
5- عزمي بشارة :المجتمع المدني , دراسة نقدية مع الإشارة للمجتمع العربي , (مركز دراسات الوحدة العربية , بيروت , ط2 , 1998 ) ص 96


إن المجتمع المدني عند (آدم سميث) في (عصر التنوير) يقوم على عقلنة الأنانية أو دمجها في أخلاقيه عامة , إذا المجتمع المدني هو الحيز العام الذي يقوم على نسج العلاقة المتبادلة , وهذا الحيز لا يأخذ صفة الأنانية في الباطن , أي إن يكون هذا الحيز يتعامل مع الآخرين عبر الاعتراف المتبادل وحرية الرأي , وعلى الرغم من اهتمام (آدم سميث) بالحيز العام إلا انه يعود ويرجح الحيز الخاص على الحيز العام وذلك من خلال منع الدولة من التدخل في الشؤون الاقتصادية لأنه يعتقد إن المصلحة الخاصة تقود في النهاية للصالح العام ولكن تفسيره اللاحق يخرج هذه العبارة من سياق نظريته الأخلاقية العامة , وهذه النظرية تعتبر دوافع الأفراد الفاعلين بما في ذلك المجال الاقتصادي غير منفصلين عن اعتبار الحيز العام حيزا أخلاقيا وغير منفصلة عن دوافعهم الأخلاقية والاجتماعية ⁽¹⁾.
وفي النهاية يقترح العديد من المؤسسات الاجتماعية القادرة على تحويل المصلحة الخاصة إلى حيز عام, وهو يحاول الموازنة مابين الطبقات الثلاثة, وهي النبلاء والبرجوازية والعمال و يرى إن الطبقة البرجوازية هدفها الأسمى والأساسي هو تحقيق الربح وليس ازدهار المجتمع ⁽²⁾.
ثانيا: جورج فريدريك هيغل :
المجتمع المدني عند (هيغل )الفضاء الذي يتحرك فيه الإنسان مدافعا عن مصالحه الشخصية , وكذلك عن عالمه الخاص متحولا إلى مسرح يبرز فوقه التناقضات الطبقية بوضوح , ويضع في مقابل ذلك الدولة التي لاتمثل في نضره إلا فضاءا بيروقراطيا يتحول فيه الفرد إلى عضو ضمن جماعة مسيرة يقف غريبا بينهم ⁽³⁾.
أما أركان المجتمع المدني لدى هيغل فهي ⁽⁴⁾:
1.الركن الأول : الحاجات ونظامها,إذ إن المكون الأساسي للمجتمع المدني هو الفرد وان غايته هو تحقيق مصلحته الذاتية,وتتمثل هذه المصلحة تحقيق حاجاته,وكلما كثرت هذه الحاجة كلما زادت الحاجة إلى الاعتماد المتبادل بين الأفراد.
2- الركن الثاني: العدل, ويأتي نتيجة تزايد وتعقد الاعتماد المتبادل بين الناس في المجتمع المدني, لذلك يحتاج إلى تنظيم, وهذا التنظيم يجب إن يكون له قوانين يحترمها الناس ويعرفونها, وذلك لان العرف والعادات لا تكفي لذلك.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
1- عزمي بشاره:المصدر السابق ، ص 96
2- المصدر نفسه ، ص 97
3- الحبيب الجنحاني وسيف الدين عبد الفتاح إسماعيل :المجتمع المدني وأبعاده الفكرية , مصدر سبق ذكره , ص16-17
4- احمد عبد الهادي حسن:مؤسسات المجتمع المدني وصنع السياسة العامة (رسالة ماجستير غير منشوره, كلية العلوم السياسية, جامعة النهرين, 2007) ص52
3-الركن الثالث:القوانين ,فالقوانين ومهمتها حماية الحقوق تحتاج إلى من ينقذها ويسهر على تنفيذها (السلطة),كما إن الحقوق تحتاج إلى من يدافع عنها,ومن هنا انبثقت النقابات والجمعيات,فمهمة السلطة,حماية الفرد وممتلكاته عن طريق تطبيق القانون,والنقابات والجمعيات,فمهمتها تنسيق المصالح المتشابهة بين الأفراد والدفاع عنها .
ويعد (هيغل),المجتمع المدني حلقة الوصل مابين العائلة والسلطة,حيث ينطلق في ذلك من فلسفته القائمة على(الثبات والنفي ونفي النفي)حيث تمثل العائلة لحظة الأطروحة، والمجتمع المدني مرحلة النقيض,أما السلطة فهي نقض النقيض⁽¹⁾.
وتمثل هذه الحلقة الحيز الاجتماعي والأخلاقي الواقعة بينهما,حيث يفترض (هيغل) وجود الدولة ومن ثم المجتمع المدني,ولا يعتبر إن الحرية شرطا أساسيا لقيام المجتمع المدني,فالمجتمع المدني عنده يقوم على الأنانية والفردية,وهو يفترض وجود الدولة لمراقبة هذه الأعمال⁽²⁾ وينكر هيغل الانسجام مابين المجتمع المدني والدولة التي تفترضه نظرية التعاقد مؤكدا على عجز المجتمع المدني عن إقامة وتحقيق العقل والحرية ويرى الدولة هي القادرة على ذلك ⁽³⁾.
ويرى إن هناك مخاطر يولدها المجتمع المدني كجزء من حركته الطبيعية وهي العوز والفقر ، وان ابسط تعريف لنظام الحاجات هو الاعتماد المتبادل , وهذا يعني إن الفرد يعتمد على غيره لتلبية حاجاته , وهذا العجز , يجعل الإنسان مغتربا في مجتمعه وخاضعا للسلطة , ونتيجة لذلك , يكون هناك تفاوت بين الأفراد فمنهم من يكون على درجه عاليه من الثراء , ومنهم من يكون على درجه عاليه من الفقر , لذلك يوصف المجتمع المدني في هذه الحالة بأنه مجال وساحة للنزاع والتفكك وتبادل الخدمات وان الاستقرار لا يتحقق إلا بوجود الدولة .⁽⁴⁾ ولقد عاصر( هيغل) الثورة الفرنسية وكان يعتقد إن هذه الثورة سوف تغير تاريخ أوربا برمتها وليس فرنسا فقط , وبدأ (هيغل) يسير على خطى (أرسطو) من حيث إن الواقع معقول وان العقل يستطيع كشف الحقيقة الطبيعية للأشياء , وتتلخص الحرية في قدرتنا
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــ
1- احمد عبد الهادي حسن :المصدر السابق، ص51 ، نقلا عن جورج سباين , تطور الفكر السياسي , الكتاب الرابع , ترجمة علي إبراهيم السيد (دار المعارف , مصر , 1971) ص 789
2- احمد شكر الصبيحي::مستقبل المجتمع المدني في الوطن العربي، (مركز دراسات الوحدة العربية سلسلة أطروحات الدكتوراه (37) , بيروت , ط1, 2000) ص 21-22
3-كمال عبد اللطيف :تعقيب حول بحث سعيد بن سعيد العلوي , نشأة وتطور مفهوم المجتمع المدني في الفكر العربي الحديث في المجتمع المدني في الوطن العربي ودوره في تحقيق الديمقراطية (مركز دراسات الوحدة العربية , بيروت , ط2 , 2001) ص75
4ـ فهيمة خليل احمد : الأدوار التكاملية لمختلف هيئات المجتمع المدني(مؤتمر التوافق السنوي الثالث , الكويت , 2006 )) ص11
على تنظيم العالم طبقا لمقاصدنا والحرية عنده لا توفرها البنية الطبيعية للذات وإنما نتيجة التفاعل مع الأفراد , ويرى إن الفرد لا يولد حرا وإنما من خلال وعينا بتاريخنا, بوصفنا كائنات اجتماعيه , نصبح أحرارا ⁽¹⁾.
وقد قاد هذا التفكير لـ(هيغل) , عن الحرية على دراسة نظريات المجتمع المدني بمعزل عن الدولة , وبما إن المجتمع المدني يقوم عنده على الأنانية , حيث تشكل هذه الأنانية المتبادلة بين أفراد المجتمع الصلات الأخلاقية في المجتمع المدني , حيث أدرك (هيغل) انه يتبع خطوات (آدم سميث) فيما يتعلق بوجود (اليد اللامرئية) التي تحول العمل الأناني إلى عمل ذو منفعة متبادلة.
ويوقف (هيغل) ازدهار المجتمع المدني على عاملين أساسيين هما : ⁽²⁾
أ-.إن يدار المجتمع المدني من قبل أناس اقتصاديون وتكونه المشاغل الخاصة, وان ينظمه السوق.
ب-.يجب إن تكون الحداثة متحررة من نزاعات القرون الوسطى الجزئية وامتيازاتها و ألا مساواتها.
وفي النهاية , فان صياغة (هيغل) لمفهوم المجتمع المدني لم يكن ليطابق المجتمع السياسي أو الدولة كما هو الحال في نظرية التعاقد , بل انه يستخدم ليشير إلى مجال الإنتاج و تبادل الخيرات المادية , ومجال المبادرة الخاصة والمصلحة العامة . وتشكل الدولة في إطار هذا الفهم , المجال الجوهري المجسد للمصلحة العامة , إنها الإدارة التي تترك الحرية الكاملة في السوق لدعم كل ما يمكن إن يساهم في الإنتاج وتبادل الرأسماليين ⁽³⁾.
ثالثا:كارل ماركس:
يقوم المجتمع المدني عند (كارل ماركس) على انه الواقع المتغير المتبدل المتنوع وهو الذات المتطور في التاريخ والتي تفعل وتؤثر في شكل الدولة ونظامها.⁽⁴⁾
فالمجتمع المدني عنده : هو القاعدة التي تحدد طبيعة البنية الفوقية بما فيها من دوله ونظم وحضارة ومعتقدات, فالمجتمع المدني على وفق ماركس يشمل النشاط الاقتصادي للمجتمع والطبقات
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
1- حسن ناظم وعلي صالح : مصدر سبق ذكره , ص 33 -34
2- المصدر نفسه،ص 34 – 35
3- كمال عبد اللطيف : تعقيب حول بحث سعيد بن سعيد العلوي , مصدر سبق ذكره ، ص76
4- عزمي بشاره:المجتمع المدني دراسة نقدية , مصدر سبق ذكره , ص 160

القائمة فيه.⁽¹⁾ وعبر ماركس بوضوح عن مفهوم المجتمع المدني في كتابه "العائلة المقدسة" عام1845 حينما قال (إذا كانت الركيزة الأساسية للدولة القديمة هي العبودية , فان ركيزة الدولة الحديثة هو المجتمع المدني)⁽²⁾ وبناءً على ذلك, اعتبر ماركس إن المجتمع المدني عند الإغريق كان عبدا للسياسي.⁽³⁾ أصبح مفهوم المجتمع المدني عنده مفهوما تاريخيا وعالميا مرتبطاً بالمجتمع الرأسمالي ومرتبط بتطور البرجوازية وانتقال قاعدتها الإنتاجية من درجة إلى أخرى أكثر تقدما .حيث أصبحت المقولة الشهيرة وهي (إن أسلوب الإنتاج من متطلبات الحياة المادية هو المحدد للصيرورة الاجتماعية والأساسية والفكرية للحياة) حجر الزاوية في المفهوم الماركسي للمجتمع المدني. ⁽⁴⁾ عد (ماركس) في سياق انتقاده (المثالية الهيغلية) إن المجتمع المدني هو الأساس الواقعي للدولة ، وقد شخصه في مجموعة العلاقات المادية للإفراد في مرحلة محددة من مراحل تطور قوى الإنتاج .⁽⁵⁾ حيث جعل (ماركس) المجتمع المدني مؤسساً على السوق الرأسمالي , ويرى انه من دون وجود السوق الرأسمالي , لا يوجد تمييز مابين الدولة والمجتمع , كما انه لا يوجد مجتمع مدني , فالمجتمع المدني مرهون بالقدرة على التمييز والتجريد بين الدولة المبنية على قدرة المجتمع على إعادة إنتاج نفسه , بدون تدخل الدولة.⁽⁶⁾ لذلك قام ماركس بفصل الدولة عن المجتمع المدني وكانت الغاية من هذا الفصل هو تحرير المجتمع المدني من الدولة وتحرير الدولة من المجتمع المدني , وكان يسعى إلى عدم الاصطدام بالدولة لان المشكلة مع الدولة أعمق من تعسفها وسلطويتها ، ويرى إن هناك خطأ في مقتربات مابين الدولة والمجتمع المدني ، وان تقسيم الكائن الإنساني إلى إنسان عام وإنسان خاص وإزاحة الدين من الدولة إلى المجتمع المدني ما هو إلا مرحلة الانتهاء السياسي وليس مرحلة الانبعاث, ويرى إن الانبعاث لا يلغي التدين الحقيقي للإنسان ولا يكافح من اجل الوصول إليه,فالحياة تتحرك مستقلة عن الملكية والطبقة والدين وهي تتطور مستقلة عن التأثيرات السياسية.⁽⁷⁾
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــ
1- مصطفى كامل السيد:مؤسسات المجتمع المدني على المستوى القومي في: المجتمع المدني في الوطن العربي, ودوره في تحقيق الديمقراطية, (مركز دراسات الوحدة العربية, بيروت, ط2, 2001) ص 645
2- احمد عبد الهادي:مصدر سبق ذكره، ص 54، نقلا عن سلوى السيد, (مجلة الطليعة, العدد 40, دمشق, آذار, 2001 )، ص 22
3- محمد الغيلاني :المجتمع المدني حججه وفقهه ومصائره (دار الهادي للنشر , بيروت , ط1 , 2004 ) ص 220.
4- الحبيب الجنحاني و سيف الدين عبد الفتاح إسماعيل :المجتمع المدني وإبعاده الفكرية , مصدر سبق ذكره ص 17-18
5- كمال عبد اللطيف :تعقيب حول بحث سعيد بن سعيد العلوي ،مصدر سبق ذكره , ص77
6- عزمي بشاره:المجتمع المدني دراسة نقدية , مصدر سبق ذكره , ص221
7- حسن ناظم وعلي صالح : مصدر سبق ذكره،ص36-37
ولقد جعل من الطبقة البروليتارية كوحدة تحليليه للمجتمع المدني⁽¹⁾ , حيث يرى إن هذه الطبقة هي قادرة على خوض الصراع من اجل(الانعتاق الإنساني ) وهي على الرغم من كونها القوة المتحركة لدمقرطة المجتمع إلا إنها في الوقت نفسه تؤدي إلى انعدام الحياة في المجتمع المدني⁽²⁾
ويربط (ماركس) رأس المال بالعلاقات الاجتماعية في المجتمع المدني البرجوازي, ويقول " إن أي نظام اجتماعي يمكن فهمه على انه احد أشكال الإنتاج "، ويرى إن السلع هي التي تجسد العلاقات الاجتماعية, وان السوق يخلق العلاقات الطبقية وينظمها.⁽³⁾ إن ماركس لم يعطِ المجتمع المدني مداه الحقيقي بعد إن اقصره على المجتمع البرجوازي ونشاطه الاقتصادي وبعد إن اقصر الدولة على جهاز قمع للطبقة البرجوازية ضد الطبقات الأخرى, فالمجتمع هو سوقه الرأسمالي والدولة هو جهازه القمعي, والهدف إلغاء الاثنين.⁽⁴⁾ ولكننا نحد مفهوم المجتمع المدني عند "ماركس" في مؤلفاتهِ الناضجة يطابقه مع البنية التحتية⁽⁵⁾ فالمجتمع المدني عند (ماركس) كأن لم يكن يتطلب شيئا باعتباره البنية التحتية بل كان يرى إن الدولة هي التي تتطلب مجتمعا مدنيا.⁽⁶⁾ بل نجد(ماركس) لم يعد يستخدم هذا المفهوم وحاول بواسطة الزوج ألمفهومي (ألبنيه التحتية والبنية الفوقية) الإمساك بالأسس المادية والايديولوجيه للوجود المجتمعي , حيث يمكن القول إن تعريف ماركس للمجتمع المدني هو مجال للصراع الطبقي⁽⁷⁾
رابعا:انطونيو غرامشي:
لقد قام (غرامشي) بتطوير مفهوم المجتمع المدني لدى (ماركس) لكن بشكل يعارض تنضير (ماركس) له , إذ ينظر إلى المجتمع المدني باعتباره جزءا من البنية الفوقية وهذه البنية تنقسم بدورها إلى مجتمع مدني ومجتمع سياسي وضيفة الأول الهيمنة عن طريق الثقافة والايديولوجيه ، ووظيفة الثاني (الدولة) السيطرة والإكراه . ⁽⁸⁾
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
1- عزمي بشاره: المجتمع المدني دراسة نقدية، مصدر سبق ذكره,.ص156
2- حسن ناظم وعلي حاكم صالح: المجتمع المدني تاريخ نقدي ،مصدر سبق ذكره، ص36-37
3- المصدر نفسه، ص36-37
4- عزمي بشاره: المجتمع المدني دراسة نقدية ،مصدر سبق ذكره ص46-47
5- كمال عبد اللطيف: تعقيب حول بحث سعيد بن سعيد العلوي ،مصدر سبق ذكره , ص 77
6- محمد الغيلاني: المجتمع المدني حججه وفقهه ومصائره ،مصدر سبق ذكره ، ص220
7- كمال عبد اللطيف: تعقيب حول بحث سعيد بن سعيد العلوي ،مصدر سبق ذكره،ص77
8- احمد شكر الصبيحي : مستقبل المجتمع المدني في الوطن العربي ،مصدر سبق ذكره ص 23
حيث يحتوي مفهوم المجتمع المدني عند (غرامشي) على العلاقات الثقافية الأيدلوجية ويضم كل النشاط الروحي- العقلي , وإذا كان ما قاله "كارل ماركس" صحيحاً من إن المجتمع المدني هو البؤرة المركزية ومسرح التأريخ كله , فالمجتمع المدني عند كل من ماركس و غرامشي هو اللحظة الايجابية والفعالة في التطور التأريخي , غير إن اللحظة الايجابية والفعالة أي المجتمع المدني تمثل ظاهرة البنية التحتية "القاعدة" عند ماركس بينما عند غرامشي تمثل لحظة فوق البنيوية(بناء فوقي) وهذا ما يفسر اهتمام (غرامشي) الواسع بقضايا الثقافة , واهتمامه الخاص بمفهوم المثقف والمثقفين عبر التفرقة الشهيرة التي قام بها بين المثقف التقليدي والمثقف العضوي ودور الأخير في الهيمنة⁽¹⁾. وقد كان (غرامشي) كغيره من المفكرين الماركسيين يحلم بانتصار الثورة البروليتارية لأنه يعتقد إنها سوف تحقق المجتمع المدني المثالي , وتصبح الدولة في خدمته , وليس خاضعا له بقوانينها وأجهزة قوتها . وقد تأثر (غرامشي) في مفهوم المجتمع المدني بالماركسي الايطالي الأول "انطونيو لابويوللا" فضلا عن تأثره ب (ماركس) فهو مثله يعطي للنخبة المثقفة رسالة خطيرة الشأن في الذود عن المجتمع المدني .⁽²⁾ إن الجديد في تصور غرامشي لمفهوم المجتمع المدني هو إن المجتمع المدني ليس مجالا للمنافسة الاقتصادية كما هو الحال مع هيغل وماركس , بل هو مجال للتنافس الإيديولوجي⁽³⁾ بعبارة أخرى إذا كان مفهوم المجتمع المدني لدى ماركس يتطابق مع البنية التحتية فأن تحويل غرامشي للمجتمع المدني من البنية التحتية إلى البنية الفوقية يؤدي إلى تعديل حاسم في العلاقات الجديدة , ومن ثم في العلاقات المتبادلة مابين البنية التحتية والفوقية , فالبنية الفوقية لدى (غرامشي) هي المسيطرة .⁽⁴⁾ أي إن غرامشي لا يذهب إلى إن نمط المجتمع المدني هو إفراز للنمط الإنتاجي , أو بنيه فوقيه للقاعدة الاقتصادية , بل هو في نضره يتموقع بين القاعدة الاقتصادية وبين الدولة بقوة قوانينها وجهازها القمعي , ويصبح له دور بعيد الشأن في المجتمع البرجوازي الصناعي الحديث , ويتضح من سياق تفكيره إن القاعدة الاقتصادية التي يتمركز المجتمع المدني بينها وبين الدولة تتمتع باستقلال كبير عنها.^{(5)
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ}
1- عامر حسن فياض وناظم الجاسور: ثالوث المستقبل العربي (الديمقراطية –المجتمع المدني – التنمية) (مركز زايد للتنسيق والمتابعة , الإمارات العربية المتحدة ،2002 ) ص 67-68
2- الحبيب الجنحاني وسيف الدين عبد الفتاح : مصدر سبق ذكره ص 20
3- كمال عبد اللطيف: تعقيب حول بحث سعيد بن سعيد العلوي ،مصدر سبق ذكره , ص79
4- احمد شكر الصبيحي: مستقبل المجتمع المدني في الوطن العربي، مصدر سبق ذكره ص27
5- الحبيب الجنحاني وسيف الدين عبد الفتاح: المجتمع المدني وإبعاده الفكرية، مصدر سبق ذكره، ص21

ويشكل المجتمع المدني والدولة عند غرامشي بما يعرف بالمنظومة السياسية في المجتمع ويسميها (غرامشي) ذاته ب(الدولة الموسعة) أي المنظومة سياسية بشقيها المدني والسياسي , وبهذا المعنى يقول(غرامشي) : إن الدولة هي المجتمع السياسي زائد المجتمع المدني)⁽¹⁾ , بينما يحتوي المجتمع المدني على التنظيم السياسي للمجتمع بأحزابه ونقاباته وتياراته السياسية , وبهذا المعنى تكون العلاقة بين المجتمع المدني والمجتمع السياسي علاقة جدليه , فيمكن للمجتمع المدني إن يكون مساندا للدولة أو معارضا لها , ففي الحالة الأولى يشكل المجتمع المدني مصدر الشرعية لسلطة الدولة عبر مشاركة منظمات المجتمع وفئاته المختلفة في صنع القرار , أما في الحالة الثانية التي تتصدى الدولة بجهازها ومؤسساتها القمعية لكل أشكال الاضطراب والثورة , حيث تبدو الدولة كأن المجتمع هو الذي وجد من اجلها لا العكس⁽²⁾
أما عن وظائف المجتمع المدني لدى (غرامشي) , فيقول (يورغن هابرماس*) إن وظائف المجتمع المدني لدى غرامشي هو الرأي العام الغير رسمي (أي الذي لا يخضع لسلطة الدولة)⁽³⁾ حيث جاء في وصف ماركس الكهل للرأي العام الغير رسمي "إن النظام البرلماني يعيش من النقاش , فكيف يطالب بمنع النقاش , إن كل مصلحة وكل مؤسسة مجتمعة تتحول إلى أفكار مع مرور الزمن , فيجب إن تعالج بهذه الصفة,فكيف يسمح لمصلحة ما أو مؤسسة ما إن تعتبر نفسها فوق التفكير,وتفرض نفسها عقيدة غير قابلة للنقاش؟...إن النواب الذين يتوجهون باستمرار إلى الرأي العام , فأنهم يعبرون عن رأيهم حين يؤكدون انه رأي الشعب , فيما يجمعوا العرائض , إن الأغلبية هي صاحبة القرار في النظام البرلماني , فكيف نحترم الأغلبيات الكبرى على الرصيف المقابل من اتخاذ القرار؟عندما تدق(يعني الأغلبية البرلمانية)المزمار والطبل من أعلى قمة الدول فماذا ينتظر من هم في الأسفل غير الرقص؟⁽⁴⁾
لقد حاولنا من خلال استعراض مفهوم المجتمع المدني عند بعض المفكرين الإطلاع على أفكارهم تجاه المجتمع المدني , وكيف تتطور على أيدي هؤلاء المفكرين والفلاسفة , وعلى الرغم من إن هؤلاء المفكرين تناولوا مفهوم المجتمع المدني من مختلف جوانبه , إلا إن ذلك لم يفلح في إزالة الغموض الذي يحيط بالمفهوم حيث مازال هذا المفهوم يعاني هذا الغموض وعدم الوضوح حتى وقتنا الحاضر. ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
1- عامر حسن فياض وناظم الجاسور: ثالوث المستقبل العربي، المصدر السابق , ص 68
2- المصدر نفسه ،ص68
*يورغن هابرماس : هو مفكر ألماني ينتمي إلى مدرسة فرانكفورت التي كانت تعني منذ بدايتها بالمجتمع البرجوازي وأصوله , حيث كان هابرماس يحاول في حماية رفاهية المجتمع من طغيان الأقلية.
3- الحبيب الجنحاني وسيف الدين عبد الفتاح , المجتمع المدني وإبعاده الفكرية، مصدر سبق ذكره ص18
4- المصدر نفسه،ص19
واغلب المفكرين والفلاسفة الذين تم تناولهم استخدموا الأنانية والفردية كأساس لنجاح المجتمع المدني , فالأنانية هنا هي تعني تحقيق الأهداف والمصالح المتبادلة للإفراد وان ما يدلل على ذلك هو قول (ادم سميث) بوجود (اليد اللامرئية)التي تسعى إلى تحقيق المصالح لكل الأفراد في المجتمع. ويعد المجتمع المدني حلقة الوصل مابين الأفراد من جهة ومابين السلطة من جهة أخرى , فهو يحاول إعادة الحقوق المسلوبة للإفراد من قبل السلطة , وفي المقابل فانه يوعي الفرد بواجباته تجاه السلطة , فالمجتمع المدني يحاول قدر المستطاع إن يكون مستقلا عن تدخلات السلطة لكي يمارس عمله بشكل طبيعي ولكن في بعض الحالات ينبغي للسلطة إن تتدخل في المجتمع المدني وخاصة في عملية تمويل المجتمع المدني.
ومما تتقدم , يمكن القول إن تعريف المجتمع المدني هو (مجموعه من المؤسسات الطوعية التي تعمل على خدمة الصالح العام والتي تلاقي دعما ماديا ومعنويا من قبل السلطة لممارسة إعمالها ولكن بشكل مستقل من أي تدخل , حيث يعد المجتمع المدني الركيزة الأساسية في التطورات التي تشهدها الدولة على كافة الصعد.)

[warda]

[زين المواسي]

العفو بالخدمة

[BriNCeSs SaMaHeR]

[زين المواسي]

شكر لكم

[صفاء العامري]

[عماد الحمزاوي]

[عذب المشاعر]

موضوع رااائع

وجهود أروع

ننتظر مزيدكم

بشوووق